إحتجاجات

الغضب المتصاعد للأوليغارشية الروسية والمواطنين يلقي بظلاله على مستقبل بوتين

فريق عمل المشارق ووكالة الصحافة الفرنسية

ضباط من الشرطة يعتقلون متظاهرا خلال تظاهرة ضد الغزو الروسي لأوكرانيا في سانت بطرسبرغ يوم 27 شباط/فبراير. [سيرغي ميخايليشينكو/وكالة الصحافة الفرنسية]

ضباط من الشرطة يعتقلون متظاهرا خلال تظاهرة ضد الغزو الروسي لأوكرانيا في سانت بطرسبرغ يوم 27 شباط/فبراير. [سيرغي ميخايليشينكو/وكالة الصحافة الفرنسية]

موسكو - يواجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضغوطا متزايدة في الداخل حيث تتواصل المواقف الشاجبة لقراره غزو أوكرانيا من الأوليغارشية والمعارضين والمواطنين العاديين.

وفي اليوم 11 من الغزو أي الأحد، 6 آذار/مارس، اعتُقل أكثر من 4600 شخص في مدن عبر روسيا خلال احتجاجات ضد العملية العسكرية التي تشنها موسكو في أوكرانيا، حسبما أفاد أحد المراقبين.

وقالت متحدثة باسم الشرطة إن 1700 شخص اعتقلوا في موسكو بعد أن شارك نحو 2500 شخص في "احتجاج غير مصرح به"، بينما اعتقل 750 غيرهم في مسيرة أصغر ضمت نحو 1500 شخص وجرت في سانت بطرسبرغ ثاني أكبر المدن الروسية، حسبما أفادت وكالات الأنباء الروسية.

وقدرت منظمة أو.في.دي-إنفو التي ترصد الاعتقالات خلال التظاهرات الاحتجاجية، عدد المحتجزين في 65 بلدة ومدينة في مختلف أنحاء روسيا بـ 4644 شخصا.

صورة ليخت تملكه شركة مرتبطة بالرئيس التنفيذي لشركة الطاقة الروسية العملاقة روسنفت، إيغور سيتشين، صادرته الحكومة الفرنسية في 3 آذار/مارس. [نيكولاس توكات/وكالة الصحافة الفرنسية]

صورة ليخت تملكه شركة مرتبطة بالرئيس التنفيذي لشركة الطاقة الروسية العملاقة روسنفت، إيغور سيتشين، صادرته الحكومة الفرنسية في 3 آذار/مارس. [نيكولاس توكات/وكالة الصحافة الفرنسية]

ضباط من الشرطة يعتقلون رجلا خلال تظاهرة ضد الغزو الروسي لأوكرانيا في موسكو يوم 2 آذار/مارس. [ناتاليا كوليسنيكوفا/وكالة الصحافة الفرنسية]

ضباط من الشرطة يعتقلون رجلا خلال تظاهرة ضد الغزو الروسي لأوكرانيا في موسكو يوم 2 آذار/مارس. [ناتاليا كوليسنيكوفا/وكالة الصحافة الفرنسية]

وخرج المتظاهرون إلى الشوارع بعد ساعات من دعوة معارض الكرملين المسجون أليكسي نافالني إلى مسيرات يومية ضد الهجوم العسكري، قائلا إن روسيا يجب ألا تكون "أمة جبناء خائفين" وواصفا بوتين بأنه "قيصر صغير مجنون".

وخلال وقفة احتجاحية جرت الأسبوع الماضي، هتفت امرأة ترتدي معطفا أحمر "لا للحرب!" قبل أن توقفها الشرطة وتضعها في حافلة صغيرة، بحسب صحافي في وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال رجل في الخمسينيات من عمره لوكالة الصحافة الفرنسية قبل اعتقاله مع ابنه البالغ من العمر 17 عاما، "يؤلمني رؤية ما يحدث وعدم القيام بأي شيء حياله".

وفي حديثه لوكالة الصحافة الفرنسية، قال الطالب من سانت بطرسبرغ انطون كيسلوف، 21 عاما، "لم أستطع البقاء في المنزل. يجب وقف هذه الحرب".

ومن جهة أخرى، وقّع نحو 7000 عالم ومتخصصون بالرياضيات وأكاديميون روس الأسبوع الماضي رسالة مفتوحة موجهة إلى بوتين، احتجوا فيها "بشدة" على الحرب التي يشنها ضد أوكرانيا.

ويتعرض المتظاهرون والذين ينتقدون علنا الحرب الروسية لمخاطر جمة تبدأ بدفع غرامة وصولا إلى السجن، وذلك بعد أن سنّت السلطات الروسية في السنوات الأخيرة تشريعات تسمح لها بمحاسبة المواطنين الذين ينتقدون الحكومة.

وفي مطلع العام 2021، قاد نافالني أكبر احتجاجات ضد بوتين شهدتها روسيا في السنوات الأخيرة بعد استهدافه عام 2020 بهجوم بغاز الأعصاب نوفيتشوك، حمّل الكرملين مسؤولية تنفيذه.

ويقضي اليوم عقوبة بالسجن خارج موسكو بتهم احتيال قديمة.

وقال في بيان نُشر على فيسبوك الأسبوع الماضي "أحث الجميع على النزول إلى الشوارع والنضال من أجل السلام"، داعيا الروس إلى عدم الخوف من الذهاب إلى السجن.

وأضاف "لو تطلب منع الحرب ملء السجون وحافلات الشرطة، فسنملأ السجون وحافلات الشرطة".

وتابع "لكل شيء ثمن، وعلينا أن ندفع هذا الثمن في ربيع العام 2022".

وطالب نافالني شعبي روسيا وبيلاروسيا التي سمحت للقوات الروسية بالمرور عبر أراضيها لمهاجمة أوكرانيا، بالتظاهر في الساحات الرئيسة عند الساعة 7 من مساء كل يوم من أيام الأسبوع والساعة 2 من بعد الظهر في نهاية الأسبوع وأيام العطل.

واتهم بوتين باللجوء إلى "هذيان تاريخي زائف" لتبرير غزو أوكرانيا.

وتابع "لا أستطيع ولا أريد ولن أبقى صامتا وأنا أشاهد كيف أصبح هذا الهذيان التاريخي الزائف بشأن أحداث جرت من مائة عام [الثورة الروسية] ذريعة للروس لقتل الأوكرانيين، والأوكرانيون بدورهم يقتلون الروس دفاعا عن أنفسهم".

وأكد "بوتين ليس روسيا".

الأوليغارشيون يخرجون عن صمتهم

وفي مؤشر على تزايد موجة المعارضة، صدر عن بعض المنتمين إلى الأوليغارشية الروسية مواقف معارضة لسياسة موسكو وبوتين.

وفي الوقت الذي تشدد فيه الحكومات ضغطها على الاقتصاد الروسي بفرض المزيد من العقوبات، بدأت عواصم العالم تستهدف أيضا النخبة الثرية في موسكو وأصولها في الخارج، في ما يعتبره المحللون وسيلة لتقويض سلطة بوتين.

وقال الملياردير الروسي أوليغ ديريباسكا يوم الاثنين، إن الوقت قد حان لإنهاء "كل رأسمالية الدولة هذه" وتغيير السياسات في الوقت الذي يعاني فيه اقتصاد البلاد من آثار العقوبات الغربية على هجوم موسكو ضد أوكرانيا.

وقال عبر تطبيق المراسلات تيليغرام "من الضروري تغيير السياسة الاقتصادية، ومن الضروري أيضا إنهاء كل رأسمالية الدولة هذه". كذلك طالب بـ "توضيحات" من المسؤولين حول ما سيحدث للاقتصاد في الأشهر الثلاثة المقبلة.

وتابع "إذا كانت هذه أزمة حقيقية، فنحن بحاجة إلى مديري أزمات حقيقيين وليس أشخاصا حالمون لا يملكون سوى رزمة من العروض السخيفة".

وأردف ديريباسكا "على عكس ما حصل في العام 2014، لا يمكننا اليوم الانتظار دون اتخاذ أي إجراءات"، في إشارة إلى ضم موسكو لشبه جزيرة القرم الأوكرانية وما تلا ذلك من فرض الغرب عقوبات عليها.

وفي هذا السياق، قال رجل الأعمال ميخائيل فريدمان الذي يمتلك شركات عدة في روسيا وأوكرانيا، للموظفين في شركته الخاصة ليتير وان، إن "الحرب لا يمكن أبدا أن تكون الحل"، داعيا إلى وضع حد "لإراقة الدماء"، حسبما ذكرت الشركة يوم الأحد.

وكتب "تربطني علاقة وثيقة بالشعبين الأوكراني والروسي وأرى في الصراع الدائر بينهما مأساة للطرفين. ستذهب هذه الأزمة بحياة الكثيرين وستدمر دولتين هما شقيقتان منذ مئات السنين".

وأضاف "أنا لا أدلي بتصريحات سياسية، فأنا رجل أعمال مسؤول عن آلاف الموظفين في روسيا وأوكرانيا".

وختم بالقول "لا يمكنني إلا أن أنضم إلى الذين يرغبون بشدة بوضع حد لإراقة الدماء. أنا متأكد من أن شركائي يؤيدون وجهة نظري هذه".

وكان فريدمان قد انسحب الأسبوع الماضي من المجموعات الأوروبية التي هو مساهم فيها ومن بينها ليتير وان، رغم أنه نفى وجود أي "علاقة مالية أو سياسية له" مع بوتين.

وانتقد ملياردير آخر الحرب بشكل مباشر، وهو المصرفي أوليغ تينكوف.

وقال الأسبوع الماضي عبر انستغرام "يموت الأبرياء كل يوم في أوكرانيا، وهذا أمر لا يصدق وغير مقبول!".

وأضاف "على الدول إنفاق الأموال لمعالجة الناس والتقدم في الأبحاث لقهر مرض السرطان، وليس إنفاقها على الحرب. نحن ضد هذه الحرب!".

فريق عمل كليبتوكابتشر

وإن كل من ديريباسكا وفريدمان من النخبة الروسية التي فرض الغرب عليها عقوبات.

وأعلن المدعي العام الأميركي ميريك غارلاند الأسبوع الماضي عن تشكيل فريق عمل مؤلف من وكالات عدة لملاحقة "الأوليغارشية الروسية الفاسدة" ومنتهكي العقوبات المفروضة على روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا.

وأضاف غارلاند في بيان أعلن فيه إطلاق مهام فرق عمل كليبتوكابتشر "ستستخدم وزارة العدل جميع سلطاتها لمصادرة أصول الأفراد والكيانات التي تنتهك هذه العقوبات".

وقال "سنبذل قصارى جهودنا للتحقيق واعتقال ومحاكمة الذين سمحت أفعالهم الإجرامية بتمكين الحكومة الروسية من مواصلة هذه الحرب الظالمة".

وحذر الرئيس الأميركي جو بايدن الأسبوع الماضي أصحاب المليارات الروس من أن فريق العمل "سيعثر على يخوتهم وشققهم الفاخرة وطائراتهم الخاصة وسيصادرها".

وأضاف "نحن قادمون لمحاسبتكم على كل المكاسب التي حصلتم عليها بطرق ملتوية".

وأكد غارلاند أن فريق العمل سيتألف من أكثر من 10 مدعين عامين من وزارة العدل، بالإضافة إلى كوادر من وكالات إنفاذ القانون الأخرى.

وقالت نائبة المدعي العام ليزا موناكو "إلى الذين يدعمون النظام الروسي من خلال الفساد والتهرب من العقوبات: سنحرمكم من الملاذ الآمن ونحاسبكم".

وحذرت الأوليغارشيين قائلة "سنستخدم كل الوسائل لتجميد عائداتكم الإجرامية ومصادرتها".

واستُهدف أيضا نيكولاي توكاريف رئيس شركة خطوط الأنابيب العملاقة ترانسنفت، والأخوان بوريس وأركادي روتنبرغ وهما يلعبان هوكي الجليد مع بوتين وكسبا أموالهما من عقود البناء الحكومية. وعلى القائمة أيضا رئيس شركة روستيك سيرغي تشيميزوف.

وفي إجراءات أخرى ضد الأوليغارشية الروسية، قالت فرنسا يوم الخميس إنها صادرت يختا ضخما يملكه أحد أبرز الوجوه في قطاع النفط الروسي إيغور سيتشين، وأعلنت الحكومة البريطانية في اليوم نفسه أنها ستفرض عقوبات على رجل الأعمال الملياردير أليشر عثمانوف ونائب رئيس الوزراء السابق إيغور شوفالوف.

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500