عدالة

العدالة لا تزال مفقودة بعد مرور عام على مقتل لقمان سليم

فريق عمل المشارق ووكالة الصحافة الفرنسية

المخرجة الألمانية مونيكا بورغمان، أرملة الناشط اللبناني المقتول لقمان سليم، تقف بالقرب من ضريح زوجها في منزلها بالضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، يوم 26 كانون الثاني/يناير. [جوزيف عيد/وكالة الصحافة الفرنسية]

المخرجة الألمانية مونيكا بورغمان، أرملة الناشط اللبناني المقتول لقمان سليم، تقف بالقرب من ضريح زوجها في منزلها بالضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، يوم 26 كانون الثاني/يناير. [جوزيف عيد/وكالة الصحافة الفرنسية]

بيروت - بعد عام على مقتل المثقف اللبناني والمعارض لحزب الله لقمان سليم، ما تزال عائلته تنتظر محاسبة قاتليه في بلد غالبا ما تمر فيه الجرائم دون عقاب.

وقالت أرملته مونيكا بورغمان لوكالة الصحافة الفرنسية من منزلها في الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت قبل أيام من الذكرى الأولى لاغتياله، "نحن بحاجة حقا إلى تحقيق العدالة للقمان".

وأضافت أنه إذا مرت جريمة قتله دون عقاب، فسيكون ذلك بمثابة "إعطاء الضوء الأخضر للقتلة أيا كانوا، لمواصلة" جرائمهم، وسط توقف التحقيقات في قضية اغتياله.

وعثر على سليم ميتا في سيارته يوم 4 شباط/فبراير من العام الماضي بعد يوم من إبلاغ عائلته عن فقدانه، وهو ناشط علماني من عائلة شيعية كان يبلغ من العمر 58 عاما.

صورة غير مؤرخة للناشط اللبناني البارز لقمان سليم الذي عُثر عليه ميتا في سيارته جنوبي لبنان يوم 4 شباط/فبراير 2021. [وكالة الصحافة الفرنسية]

صورة غير مؤرخة للناشط اللبناني البارز لقمان سليم الذي عُثر عليه ميتا في سيارته جنوبي لبنان يوم 4 شباط/فبراير 2021. [وكالة الصحافة الفرنسية]

واكتشفت جثته في جنوب لبنان، معقل حزب الله المدعوم من إيران، لكن حتى الآن لم يتم التعرف على هوية مرتكبي الجريمة.

وكان سليم ناشطا جريئا وباحثا شغوفا بتوثيق الحرب الأهلية التي هزت لبنان بين عامي 1975 و1990، وكان شخصية مثيرة للجدل. أثارت مكانته لدى الدبلوماسيين الأجانب في لبنان غضب حزب الله وأنصاره.

وفي عدة مقابلات تلفزيونية، اتهم سليم الحزب باحتجاز لبنان رهينة لمصلحة رعاته الإيرانيين.

وفي واحدة من آخر هذه المقابلات، اتهم النظام السوري بأنه على علاقة بوصول شحنة نيترات الأمونيوم إلى لبنان، وهي الشحنة التي تسببت بالانفجار الكارثي في مرفأ بيروت في آب/أغسطس 2020.

وقبل أسبوع من اغتياله وفي مقابلة مع المشارق، أعرب سليم عن أسفه لأن ممارسات حزب الله جعلت من لبنان أكبر منصة لإيران.

وأوضح سليم "لا يمكن للبلد أن يستمر [طالما] حزب الله في السلطة"، متهما الحزب بـ "إسكات" خصومه في استشراف أليم للمأساة التي حلت به.

ومنذ بدء التحقيقات في مقتله، لم تتلق أسرة سليم من السلطات أي معلومات جديدة.

وهذا ليس أمرا مستغربا في دولة عجزت التحقيقات فيها حتى اليوم عن تحديد متهم واحد في انفجار مرفأ بيروت الذي دمر مساحات شاسعة من المدينة، وذلك بعد عام ونصف من وقوعه.

ʼجمع المعلومات‘

وقال مصدر قضائي إن القضاء لا يزال يعمل على جمع الأدلة من الأجهزة الأمنية في قضية اغتيال سليم، موضحا أن التحقيقات ما زالت في "مرحلة جمع المعلومات".

وأضاف المصدر نفسه أنه لم يتم التوصل بعد إلى أي استنتاجات مهمة لأن الأجهزة الأمنية لم تزود المحققين بالمعلومات اللازمة.

وقالت بورغمان أرملة سليم، إنه لم يتم إطلاق الأسرة على أي معلومات.

وتابعت "نحن لا نعرف فعليا إلى أين نحن ذاهبون"، معربة عن شكوكها بحدوث أي تقدم في مسار التحقيق.

وطالبت أسرة سليم بإجراء تحقيق دولي مستقل في اغتياله. ووصفت بورغمان هذا المطلب بأنه قابل للتنفيذ لا سيما بعد أن دعا خبراء الأمم المتحدة العام الماضي إلى إجراء تحقيق موثوق ونزيه.

ففي آذار/مارس الماضي، شدد خبراء حقوقيون تابعون للأمم المتحدة على "ضرورة أن تنظر الحكومة في طلب مساعدة فنية دولية للتحقيق في اغتيال السيد سليم".

ويشتبه سياسيون وشخصيات إعلامية لبنانية بتورط حزب الله في عملية اغتياله، لكن عائلة سليم لم تتهم علنا الحزب بقتله.

وقالت بورغمان وهي مخرجة سينمائية ألمانية الأصل، "لدي طبعا رأيي حول من هو وراء (مقتله)".

وتابعت "لكن بالنسبة لي، لا يكفي أن نوجه أصابع الاتهام إلى أي شخص و... نتوقف عند هذا الحد".

وأردفت "نحن بحاجة إلى دليل ونريد المحاسبة"، معربة عن أملها في أن يُسجن من قتلوه.

وذكرت بورغمان أن حزب الله هدد سليم مرات عدة، وجاءت أبرز هذه التهديدات في كانون الأول/ديسمبر 2019.

وفي التفاصيل أن مجموعة من الأشخاص هاجمت منزله في ضاحية بيروت الجنوبية، وكتبت رسائل وشعارات لحزب الله على الجدران واصفة سليم بأنه خائن ومحذرة بأن "وقت محاسبته بات قريبا".

وقال سليم آنذاك إنه سيلوم مباشرة حزب الله وحركة أمل في حال حصل أي مكروه له شخصيا أو لأحد أفراد أسرته.

وعلقت بورغمان على ذلك قائلة "قالها لقمان بنفسه".

’الإيمان بالعدالة‘

ويعتبر سليم أحد أبرز المفكرين اللبنانيين الذين قُتلوا بالرصاص منذ مقتل المؤرخ سمير قصير عام 2005. وولد في بيروت عام 1962 ودرس في فرنسا قرب نهاية الحرب الأهلية التي امتدت بين 1975 و1990.

وأسس مركز أمم للتوثيق والأبحاث بهدف توثيق تاريخ لبنان العنيف من أجل زيادة الوعي ومنع وقوع المزيد من الصراعات.

وتم تنفيذ ما لا يقل عن 220 محاولة اغتيال وقتل منذ استقلال لبنان عام 1943 وحتى مقتل سليم العام الماضي، وفقا للدولية للمعلومات وهي شركة استشارات مقرها بيروت.

ونادرا ما أسفرت التحقيقات في جرائم القتل هذه عن نتائج، نظرا للتدخلات السياسية أو الافتقار إلى الأدلة.

وبعد اغتياله، أنشأت عائلة سليم مؤسسة باسمه، هدفها البحث في الاغتيالات السياسية في لبنان والمنطقة.

وقالت مديرة المؤسسة هناء جابر إن "الاغتيالات السياسية لعبت دورا كبيرا في إحكام السيطرة على الحياة السياسية في المجتمعات العربية".

وتابعت أنها تخلق "حواجز خيالية... تمنع المجتمعات من التفكير بحرية أو إنتاج مشاريع سياسية ومجتمعية وثقافية بديلة".

وقالت جابر إنه نتيجة لذلك، ستعمل المؤسسة التي تم إنشاؤها إحياء لذكرى سليم على مواجهة ثقافة الإفلات من العقاب في الاغتيالات السياسية و"كسر عزلة الذين يتعرضون للتهديد".

وبالنسبة لبورغمان، ستعمل المؤسسة على الحفاظ على إرث سليم.

وقالت إن "مكافحة ثقافة الإفلات من العقاب كانت على الدوام في صميم عملنا".

وختمت قائلة "واليوم، نحن بحاجة إلى الاستمرار بذلك بدونه ولكن من أجله".

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500