عدن - مع تصاعد حدة التضخم وارتفاع كلفة المعيشة في اليمن، وجد العديد من الأسر نفسها مضطرة للاكتفاء بوجبة واحدة يوميا، وكان وقع هذه الأزمة أقسى على المقيمين في مخيمات النزوح.
وبعد أكثر من 7 سنوات على اندلاع الحرب التي أشعلها انقلاب الحوثيين في أيلول/سبتمبر 2014، بات الاقتصاد اليمني في حالة يرثى لها وسقط الكثيرون في براثن الفقر في دولة كانت أصلا واحدة من أفقر دول العالم.
وقبل 6 أعوام على سبيل المثال، كان الريال اليمني يتداول بسعر 215 ريال مقابل كل دولار أميركي. ولكن مع حلول كانون الأول/ديسمبر 2021، ارتفع معدل التضخم لتتراجع قيمة العملة الوطنية إلى 1700 ريال مقابل كل دولار أميركي.
وقالت عائشة مصطفى المقيمة في مخيم المشقافة للنازحين بمحافظة لحج وهي أم لـ 5 أطفال، إن تراجع قيمة العملة اليمنية أدى إلى انخفاض راتب زوجها الشهري إلى 50 دولارا بعد أن كان قبل الحرب 240 دولارا.
وأكدت أن هذا المبلغ لا يكفي لسد تكلفة الحاجات الأساسية للعائلة.
وأضافت مصطفى أن الفقر والعوز دفعا بالعائلة العام الماضي إلى النزوح من محافظة الحديدة والإقامة في مخيم المشقافة.
وتابعت "قيمة الراتب تناقصت بينما الأسعار ارتفعت بشكل جنوني، ما أجبرنا على العيش في مخيمات النزوح وانتظار المساعدات الغذائية المتقطعة من المنظمات الدولية".
من جانبها، تكتفي فاطمة جبلي المقيمة في مخيم للنازحين بمحافظة أبين بتحضير وجبة واحدة لأسرتها يوميا، ويسد أولادها جوعهم بقية اليوم بتناول الخبز مع الماء.
وأوضحت جبلي أنه حتى غاز الطبخ لم يعد متوفرا، ما اضطرهم يوميا إلى جمع الحطب من المنطقة المحيطة بالمخيم.
الأطفال يجوعون
وعزا المجلس النرويجي في دراسة استقصائية نشرها في 8 كانون الأول/ديسمبر، تدهور الظروف إلى التضخم وارتفاع كلفة المعيشة.
وأشار إلى أن هذا الواقع دفع بنحو نصف الأسر جنوب اليمن إلى تقليص عدد وجباتها اليومية.
وإلى جانب تقليص عدد الوجبات، قال 99 في المائة من الأشخاص الذين تمت مقابلتهم إنهم باتوا عاجزين عن تحمل كلفة شراء اللحوم أو الدجاج أو الفاكهة أو الحليب أو الأرز.
وفي إطار الدراسة، تمت مقابلة 760 مستفيدا من مناطق الصلو والمخا والشمايتين في تعز ومن منطقة لحج في تبن.
ولفتت إلى أن 97 في المائة من المجيبين قالوا إنهم تأثروا بارتفاع أسعار المواد الغذائية، بينما قال 46 في المائة إنهم خفضوا عدد الوجبات اليومية في الآونة الأخيرة وذكر 63 في المائة أنهم تحولوا إلى الحطب بدلا من غاز الطهي هذا العام لأنه أقل تكلفة.
وقالت مديرة المجلس النرويجي للاجئين في اليمن إيرين هاتشينسون، إن "ملايين العائلات الأكثر ضعفا في اليمن عالقة الآن في سيل اليأس الذي فرضته الأطراف المتحاربة".
وأضافت "كان الأطفال ينامون وهم جياع، والآن لديهم طعام أقل من القليل الذي كان متوفرا لهم من قبل"، ودعت الحكومات والجهات المانحة والمؤسسات المالية الدولية إلى المساعدة لتجنب المجاعة.
الوضع ’زاد سوءا‘
وفي حديثه للمشارق، قال المنسق الإعلامي للمجلس النرويجي للاجئين باليمن جاسمن لافوا إن المجلس وزع في الأشهر الأخيرة أموالا نقدية على العديد من سكان المحافظات اليمنية الجنوبية.
وذكر أن هذه المبالغ تساعد الأشخاص المستهدفين على دفع الإيجار وتأمين الوجبات الغذائية وشراء الوقود للذهاب إلى العمل، مشيرا إلى أن هذه المبادرة ساعدت خلال العام 2021 نحو 13 ألف أسرة.
ولكنه أكد أن هذه المبالغ النقدية ليست "سوى قطرة في محيط"، مستدركا بالقول "كل ما نفعله الآن هو محاولة وقف المعاناة".
وتابع لافوا "يمكننا جميعا أن نحقق المزيد، ومن أجل ذلك نحن بحاجة إلى خطة يعمل عليها كل من الحكومة والمانحين لإيجاد طريقة لتحقيق استقرار العملة وتقديم المزيد من الأموال".
وتعليقا على نتائج دراسة المجلس النرويجي، قال رئيس الوحدة التنفيذية لمخيمات النازحين نجيب السعدي للمشارق، إن الوضع الإنساني في اليمن وفي مخيمات النازحين تحديدا "مأساوي".
وأردف السعدي أن الانهيار الاقتصادي الذي حدث خلال الأشهر الثلاثة الماضية زاد الوضع سوءا.