مجتمع

تدمر 'مدينة أشباح' تحت سيطرة النظام السوري والميليشيات

وليد أبو الخير

علي صالح، 58 سنة، أحد سكان تدمر السابقين، يبني من الذاكرة نموذجا من الخشب والجبس لمعلم أثري بارز تضرر بشدة على يد تنظيم داعش، وذلك في ورشة بمنطقة الباب في شمالي سوريا يوم 14 كانون الثاني/يناير. [بكر القاسم/وكالة الصحافة الفرنسية]

علي صالح، 58 سنة، أحد سكان تدمر السابقين، يبني من الذاكرة نموذجا من الخشب والجبس لمعلم أثري بارز تضرر بشدة على يد تنظيم داعش، وذلك في ورشة بمنطقة الباب في شمالي سوريا يوم 14 كانون الثاني/يناير. [بكر القاسم/وكالة الصحافة الفرنسية]

قال نشطاء محليون إن مدينة تدمر الأثرية التي تقع في محافظة حمص بجنوب وسط سوريا، والتي كانت في الماضي تعج بالسائحين الوافدين لمشاهدة أطلالها اليونانية-الرومانية المحفوظة جيدا، باتت اليوم مدينة أشباح.

وتدمر التي صنفت كموقع تراث عالمي عام 1980، تعرضت لدمار شديد على أيدي تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) الذي اجتاح المنطقة لأول مرة في أيار/مايو 2015، ما دفع بالكثير من أهالي البلدة الحديثة إلى الفرار.

ومنذ أن طُرد تنظيم داعش للمرة الثانية في عام 2017، استولى عناصر الميليشيات التابعة لإيران على المنازل المهجورة في أحد أجزاء المدينة وأقاموا فيها، في حين أحكمت الميليشيات الروسية سيطرتها على مناطق تعدين الفوسفات والمواقع الأثرية في الجزء الآخر.

وتسيطر القوات الروسية أيضا على مطار تدمر العسكري.

صورة تظهر الضرر الذي لحق بكولوناد تدمر الكبير في أنقاض مدينة تدمر الأثرية التي يعود تاريخها للحقبة الرومانية، وذلك يوم 7 شباط/فبراير في محافظة حمص السورية. [لؤي بشارة/وكالة الصحافة الفرنسية]

صورة تظهر الضرر الذي لحق بكولوناد تدمر الكبير في أنقاض مدينة تدمر الأثرية التي يعود تاريخها للحقبة الرومانية، وذلك يوم 7 شباط/فبراير في محافظة حمص السورية. [لؤي بشارة/وكالة الصحافة الفرنسية]

قال أهالي المنطقة إن الحوادث المرورية تقع يوميا على الطرق الرئيسة في مدينة تدمر ومحيطها جراء أهمال صيانة الطرقات وغياب الإنارة وخدمات البنية الأساسية. [سانا]

قال أهالي المنطقة إن الحوادث المرورية تقع يوميا على الطرق الرئيسة في مدينة تدمر ومحيطها جراء أهمال صيانة الطرقات وغياب الإنارة وخدمات البنية الأساسية. [سانا]

وقال نشطاء للمشارق إن مدينة تدمر تعاني مع محيطها من الإهمال، ويمضي نظام الرئيس بشار الأسد وحلفاؤه قدما في تنفيذ حملة لإحداث تغيير ديموغرافي في المنطقة.

إهمال شديد

ونزح معظم أهالي تدمر الحديثة الذين يبلغ عددهم 50 ألف نسمة بعد احتلال تنظيم داعش للمنطقة، وحل مكانهم عناصر من الميليشيات الإيرانية والروسية الموالية للنظام السوري.

الناشط الإعلامي عمار صالح قال إن "مدينة تدمر تعاني ومحيطها من إهمال شديد من قبل المؤسسات الحكومية السورية التي لا تقوم بأي من الأعمال الأساسية إلا في المناطق التي يسكنها عناصر الميليشيات الإيرانية والروسية".

وأضاف أنه لا يوجد في المدينة إلا عدد قليل جدا من أبنائها الأصليين "الذين عادوا بعد سيطرة النظام عليها منذ خمس سنوات تقريبا".

وتابع أن تدمر تبدو الآن وكأنها "مدينة أشباح، إذ ما تزال أنقاض الأبنية المدمرة بفعل المعارك مع تنظيم داعش كما هي، حتى أن بعض السواتر الترابية ما تزال تقفل الطرقات".

وأوضح أن البنية التحتية التي دمرت أثناء القتال لم يعاد بعد تأهيلها، لذا فإن خدمات مياه الشرب والصرف الصحي والكهرباء غير متوفرة.

وذكر صالح أن الطرقات السريعة التي تربط تدمر ومحافظة حمص بمحافظة دير الزور تشهد يوميا حوادث سير مروعة وذلك "لغياب الإنارة وإشارات السير والخدمات الأساسية للطرقات السريعة".

وأشار إلى أن بعض الحوادث تتسبب فيها الشاحنات التي تنقل الفوسفات والمواد الأخرى لصالح القوات الروسية.

وعلى الرغم من أن المدينة تبدو خاوية إلى حد كبير، فإن بعض المناطق التي تقع تحت السيطرة الروسية في محيط المنطقة الأثرية قد تم ترميمها وإيصال الخدمات إليها، وفقا له.

وأكد أن الروس ينظمون الزيارات للموقع القديم ويمنعون المدنيين من الاقتراب منها دون إذن مسبق "وكأنها منطقة روسية وليست سورية".

تغيير ديموغرافي

بدوره، قال الصحافي السوري محمد العبد الله إن مدينة تدمر تعاني ومحيطها كغيرها من المناطق السورية التي عادت لسيطرة قوات النظام السوري، وذلك لجهة "الإهمال الممنهج وعدم تقديم أي من الخدمات الأساسية".

وأضاف أن الهدف الأساسي للنظام هو "التضييق على من عاد من أهالي المنطقة لدفعهم إلى الخروج منها مجددا وإيصال رسالة إلى من بقي خارجها ألا يعود".

وتابع أن المنطقة "تتغير ديموغرافيا بشكل كبير"، مشيرا إلى أن جزءا من المدينة يقع تحت سيطرة الميليشيات الإيرانية، مثللواء فاطميون وبعض العناصر العراقية، الذين أقاموا في منازل المدينة المهجورة.

وأوضح أن جزءا آخر أقل كثافة سكانية يقع تحت سيطرة القوات الروسية ومرتزقة مجموعة فاغنر ، وتسكنه بعض العناصر الروسية في مجمعات محمية أمنيا وبعض العناصر السورية من مختلف المناطق ممن يعملون مع فاغنر.

وأردف العبد الله أن "النظام السوري لا يتمتع إطلاقا بأي سيطرة على المنطقة، لا أمنيا ولا اقتصاديا".

وأوضح أن "الروس يسيطرون على مناطق استخراج الفوسفات والمنطقة الأثرية بالكامل ومعها بعض الآبار النفطية التي أعيد تشغيلها".

وذكر أنه بالنسبة للميليشيات الإيرانية، فإن وجودها في تدمر يعتبر استراتيجيا بسبب قربها من الحدود العراقية، الأمر الذب يساعدها في تأمين أنشطتها العابرة للحدود.

ووفق بعض الروايات، تم تحويل معبد بل القديم في المدينة إلى مخزن للأسلحة والصواريخ الإيرانية.

العمل لحساب الميليشيات

باسم العقيدات الذي نزح من تدمر منتصف العام 2016 يقيم الآن في مخيم الركبان على حدود سوريا الجنوبية.

ومع أن الحياة في منتهى الصعوبة في المخيم الصحراوي، إلا أنه "فضل البقاء في المخيم على العودة إلى مدينة تدمر" بسبب الأحوال السيئة هناك "والتي يفوق سوؤها سوء الظروف في الركبان".

وأضاف أن بعض العائلات عادت إلى تدمر لفترة من الوقت قبل أن تفر منها مجددا إلى مناطق أخرى كالركبان أو محافظة دير الزور الشرقية.

وعزا ذلك إلى "انعدام الخدمات بشكل كلي والتضييق الأمني الذي يمارسه النظام وعناصر الميليشيات الإيرانية وعناصر ميليشيا فاغنر والذين قالت الأنباء مؤخرا أنهم أعادوا انتشارهم في المنطقة".

وأشار إلى أن جماعة المرتزقة الروسية "قد تم تعزيزها بعدد كبير من العناصر الجديدة".

وأكد العقيدات أن بعض العائلات التي عادت "قبلت بالتعاون الكامل مع الروس والإيرانيين، وانضم معظم أبنائها إلى الميليشيات إذ يعتبر اليوم العمل في صفوفها مصدر الرزق الأساسي لهذه الأسر".

وتابع أن البعض يعمل أيضا في مناجم الفوسفات والملح التي يسيطر عليها الروس ولا يوظف فيها إلا الموالين لروسيا.

هل أعجبك هذا المقال؟

1 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500

النظام السوري فقد السيطره و بات مأمور من روسيا و ايران... بشار الأسد أصبح اجر كرسه لا قرار له في ضل مليشيات روسيا و ايران

الرد