الرياض -- فيما يبحث الكثير من اللبنانيين عن سبل للنجاة وسط الانهيار السياسي والاقتصادي والمالي في بلادهم في وضع يحمل الكثيرون مسؤوليته لحزب الله، يبحث آلاف عن فرص خارج بلادهم.
ووجد كثيرون منهم في قطر شاطئ آمان خلال العاصفة، مع تسهيل الدولة الخليجية إجراءات سفرهم وتوفير فرص عمل لهم.
إلى هذا، قدمت قطر مساعدات أساسية لبعض المؤسسات الحيوية في لبنان لمساعدة البلاد على الصمود في وجه الأزمة.
الباحث محمود عبد المنعم المختص بالشؤون الدولية قال إن "انهيار المؤسسات الحكومية اللبنانية أتى كنتيجة طبيعية للأوضاع السياسية الناتجة عن غياب سيطرة الدولة وانتقالها إلى بعض الأحزاب".
وأضاف أن حزب الله وحلفاءه يتحكمون الآن بالقرار السياسي، ما أدى إلىابتعاد لبنان بصورة متزايدة عن محيطه العربي الذي كان يعتبر الداعم الأساسي له بعد انتهاء الحرب الأهلية.
واضاف للمشارق أن قطر ردت على الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في لبنان بتأكيد دعمها للشعب اللبناني، "وأرسلت مساعدات للقطاعات الحيوية للحفاظ على الحد الأدنى من القدرة اللازمة لمواصلة عملها".
وتابع أن "قطر ترسل أيضا مساعدات شهرية للجيش اللبناني لتمكنيه من الحفاظ على السلم الأهلي، إذ أنها ترى أن انهيار الجيش اللبناني ... سيدخل لبنان مرحلة من الفوضى".
إلى هذا، تقوم قطر كذلك "بتقديم المساعدات الطبية بشكل دوري، فضلا عن دعم قطاع التعليم وتقديم المنح الدراسية للطلاب اللبنانيين"، على حد قوله.
دعم طويل الأمد
وأشار عبد المنعم إلى أن الدعم القطري للبنان "ليس بمثابة استجابة طارئة" للأزمة التي يواجهها البلد راهنا، موضحا أن العديد من المؤسسات القطرية الإنسانية تعمل بالفعل في بعض المناطق اللبنانية.
ولقطر تاريخ طويل في مساعدة لبنان وشعبه.
وفي أيلول/سبتمبر، أعلنت قطر أنها اتخذت إجراءات ضد شبكة مالية كبيرة تابعة لحزب الله مقرها الخليج، وذلك بالتنسيق مع الولايات المتحدة.
ووصف وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن هذا الإجراء بأنه يؤكد "تعاوننا الثنائي الموسع في مواجهة تمويل الإرهاب".
ومن ناحية العمل الإنساني، كانت قطر من أوائل الدول التي أقامت جسرا جويا لتقديم المساعدات الطبية والمساعدات الأخرى للشعب اللبناني بعد انفجار مرفأ بيروت يوم 4 آب/أغسطس 2020، وفق عبد المنعم.
وأكد عبد المنعم أن المساعدات التي قدمتها قطر وزعت في جميع المناطق اللبنانية.
ونوه إلى أن قطر ساعدت أيضا في إقامة وتجهيز العديد من المستشفيات الميدانية في لبنان أثناء انتشار وباء كوفيد-19.
ولفت كذلك إلى مؤتمر الحوار الوطني اللبناني الذي استضافته قطر في أيار/مايو 2008 والذي ساعد في التوصل لتسوية سلمية لأزمة سياسية استمرت 18 شهرا في لبنان، وذلك بالتوقيع على اتفاق الدوحة.
وأوضح أنه في ذلك الوقت، لعبت قطر دورا رئيسا "في تهدئة الأوضاع والبدء بالتفاوض بين الفرقاء السياسيين ... ما أدى إلى حالة من الاستقرار النسبي في لبنان".
فرص خارج لبنان
كارلا سعيد محفوظ، لبنانية الجنسية وتعمل ممرضة في قطر، قالت للمشارق إنها تركت عملها في إحدى المستشفيات الخاصة بلبنان بسبب التراجع السريع لقيمة الليرة اللبنانية.
وأضافت أن ذلك أطاح بقيمة الراتب الذي كانت تتلقاه شهريا بالليرة اللبنانية وأجبرها على البحث عن فرص عمل خارج لبنان.
وأوضحت أنه بعد نصيحة من بعض الأصدقاء في قطر، انتقلت إلى قطر بتأشيرة سياحية وسرعان ما وجدت عملا في إحدى المستشفيات، فقامت بتبديل تأشيرتها إلى تأشيرة عمل.
وأشارت إلى أنه رغم انهيار الوضع في لبنان مؤخرا، إلا أنه كان منهارا منذ سنوات "وكان الوصول إلى هذه المرحلة حتميا بسبب الغياب شبه التام للدولة اللبنانية جراء سيطرة حزب الله".
وأكدت أن الحزب يهيمن على مفاصل الدولة، كما أنه قوض سلطتها عبر الانخراط في عمليات التهريب عبر الحدود التي تدخل البضائع غير الشرعية إلى لبنان، "خصوصا الأدوية الإيرانية".
وتابعت أن "إصرار حزب الله على إقامة دولة ضمن الدولة أضر بجميع اللبنانيين الذين فقدوا قدرتهم على الاستمرار".
وأكدت أن مئات، وربما آلاف من الأطباء والممرضين والممرضات تركوا لبنان خلال السنتين الأخيرتين بحثا عن فرص عمل تعيلهم وتعيل أهاليهم في لبنان.
ترحيب قطر باللبنانيين
أما الأستاذة المحاضرة في قسم إدارة النزاع والعمل الإنساني بمعهد الدوحة للدراسات العليا، سمية محمد، فرأت أن اللبنانيين مرحب بهم في قطر، ليس فقط حاليا بل منذ سنوات.
وقالت إن "قطر استقبلت خلال السنوات الماضية لبنانيين من كافة الاختصاصات، يفوق عددهم حاليا ثلاثين ألف شخص".
وأضافت أن التقديرات تشير إلى أن هذا العدد سيزداد بشكل كبير خلال المرحلة المقبلة بسبب الأوضاع الاقتصادية السائدة في لبنان وتراجع القدرة الشرائية وحالة الركود في الأسواق وإقفال العديد من المؤسسات أبوابها.
وتابعت محمد أن "قطاعات الصحة والسياحة والفنادق والتسويق والتجارة تعتبر هدفا للشباب اللبناني من الجنسين".
ولفتت إلى أنه حتى على الصعيد الاجتماعي، فإن "اللبنانيين محبوبون من جانب القطريين" ويحتل الكثير منهم مراكز مرموقة في المؤسسات التي يعملون بها.
شو بيستفيد الفقير من الموضوع
الرد1 تعليق