عدن -- كشف البنك الدولي عن ظهور بؤر تشبه المجاعة في 3 محافظات يمنية خاضعة للحوثيين المدعومين من إيران.
وقال البنك الدولي في موجز عن سياسات القطاع الصحي في اليمن بتاريخ 2 تشرين الأول/أكتوبر، إن هذه البؤر منتشرة في محافظات حجة وعمران والجوف الشمالية، حيث عادت ظروف تشبه بالمجاعة للظهور للمرة الأولى في غضون سنتين.
ولفت إلى أن أكثر من 80 في المائة من الشعب اليمني يواجهون تحديات كبيرة في الوصول إلى المواد الغذائية ومياه الشرب وخدمات الرعاية الصحية وسط نقص بالموارد البشرية والمعدات والإمدادات.
وفي هذه الأثناء، يعاني أكثر من 16.2 مليون يمني من انعدام الأمن الغذائي.
وتبقى معدلات سوء التغذية الأعلى بين النساء والأطفال، حيث تحتاج 1.2 مليون امرأة حامل أو مرضعة و2.3 مليون طفل تحت سن الخامسة للعلاج من سوء التغذية الحاد.
وقال البنك الدولي إن "الصراع أدى إلى انهيار فعلي للخدمات الاجتماعية الأساسية، بما في ذلك نظام الرعاية الصحية الهش في اليمن، كما تفاقمت الأوضاع بسبب جائحة كورونا".
وأشار إلى أن إجمالي الناتج المحلي قد انخفض بنسبة قدرت بـ 50 في المائة، بينما يعيش 58 في المائة من السكان في فقر مدقع مقارنة بـ 19 في المائة قبل اندلاع الحرب.
وفي السياق نفسه، دعا المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في اليمن ديفيد غريسلي،إلى "استدامة الاستجابة الإنسانية ومنع الناس من الوقوع في براثن المجاعة أو سوء التغذية الحاد".
وأكد في مقال بعنوان "وقف المسيرة صوب المجاعة في اليمن" نشره موقع أخبار الأمم المتحدة في 3 تشرين الأول/أكتوبر، على ضرورة وقف الحرب التي تسببت بالكارثة الإنسانية.
الانقلاب الحوثي أدى إلى الانهيار
وقال المحلل الاقتصادي فارس النجار إن الانقلاب الذي نفذه الحوثيون في 2014 أدى إلى انهيار مؤسسات الدولة اليمنية واقتصاد البلاد.
وأضاف أن "الجماعة المسلحة المدعومة من إيران نهبت احتياطي العملة وأرصدة التأمينات وسيطرت على موارد الدولة"، مما أدى إلى زيادة المعاناة لا سيما في المناطق التي تزيد فيها معدلات الفقر والبطالة.
وذكر أن المحافظات الثلاثة التي ظهرت فيها مؤشرات تشبه بؤر المجاعة "هي جزء من الوضع العام السلبي نتيجة الحرب".
وتابع أن هذه المناطق شكلت بؤر صراع دائمة بين الحكومة الشرعية والحوثيين، خصوصا الجوف وحجة.
وأضاف أن الحوثيين تمكنوا من استغلال أبناء هذه المحافظات الثلاثة بشكل أكبر "لأن معظمهم يعملون في القطاع الحكومي وهذه الفئة منقطعة عنها الرواتب منذ 5 سنوات".
وأشار إلى أن الجزء المتبقي يعمل في القطاع التجاري والزراعي الذي فرض عليه الحوثيون جبايات وإتاوات، وحيث ارتفع سعر تنفيذ الأعمال بشكل ملحوظ بسبب ارتفاع أسعار الوقود، مما أثر مباشرة على الأمن الغذائي.
من جانبه، قال مصطفى نصر رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي إن "المجاعة فعلا موجودة في كثير من المناطق ولكن المنظمات والجهات الدولية لم تصل إليها".
وأضاف أنه "بعد سنوات الحرب التي تزيد عن 7 أعوام، فإن وجود مناطق تعاني المجاعة أمر متوقع الحدوث، لا سيما مع توقف كافة برامج الحماية الاجتماعية من قبل المؤسسات الرسمية".
الحوثيون ʼتخلوا على الفقراءʻ
وأكد نصر أن السلطة في المناطق الخاضعة للحوثيين قد تخلت تماما عن الشرائح الفقيرة وأوكلت الأمر للمنظمات الدولية والمحلية التي لم تستطع أن تغطي الفجوة كاملة.
وعلل نصر ظهور بؤر تشبه المجاعة في تلك المناطق باهتمام الحوثيين بالجباية والتحشيد العسكري بعد توقفها عن تسليم المرتبات.
وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن في تقرير نشر في 3 تشرين الأول/أكتوبر، إن أسعار المواد الغذائية قد ارتفعت بنحو 60 في المائة في بعض أجزاء اليمن منذ بداية العام الجاري، متأثرة بانهيار الريال اليمني.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي عبد العزيز ثابت إن "استمرار تدهور العملة الوطنية دون معالجات حقيقية أدى إلى تضخم كبير في سعر العملة وتضخم في أسعار السلع والخدمات".
وأضاف أن هذه التداعيات انعكست سلبيا بزيادة الفقر والجوع وانعدام الأمن الغذائي وزيادة انتشار الأمراض والأوبئة التي ترافقت مع انهيار المنظومة الصحية.
وفي زيارة أجراها مؤخرا إلى المنطقة، التقى المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن تيم لندركينغ بمسؤولين حكوميين كبار في الأردن والإمارات والسعودية وعُمان، إلى جانب مسؤولين في الأمم المتحدة والحكومة اليمنية.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان صدر في 8 تشرين الأول/أكتوبر، إن "جهوده تبقى مركزة على توفير المساعدة الفورية لشعب اليمن والدفع بعملية شاملة لإحلال السلام بقيادة الأمم المتحدة".