طالبت منظمة العفو الدولية القضاء الإيراني يوم الأربعاء، 13 تشرين الأول/أكتوبر، بإجراء تحقيق كامل في الوفاة "المشبوهة" للسجين شاهين ناصري خلال وجوده قيد الاحتجاز.
وكان ناصري قد شهد على تعذيب المصارع المحترف والمعارض نافيد أفكاري، الذي أثار إعدامه في أيلول/سبتمبر 2020 موجة غضب دولية.
وتوفي ناصري، 49 عاما، الشهر الماضي بعد نقله من سجن في طهران إلى مكان مجهول، وفقا لوسائل إعلام إيرانية محلية ومغتربة.
وقالت منظمة العفو الدولية إنه "يتعين على السلطات الإيرانية إجراء تحقيق فعال ودقيق ومستقل وحيادي وشفاف على وجه السرعة في الأسباب والظروف المحيطة بالاختفاء القسري والوفاة المشبوهة".
وأضافت أنه بحسب معلوماتها، اتصل ناصري بشخصين على الأقل من عيادة السجن مستخدما هاتف سجين آخر، معربا عن مخاوفه من أن حياته في خطر.
وقالت المنظمة إن "قضية الاختفاء القسري الأخيرة هذه والوفاة أثناء الاحتجاز تُعتبر تذكيرا صارخا جديدا بالعواقب المميتة لأزمة الإفلات الممنهج من العقاب في إيران لكل من يرتكب انتهاكات ضد الحق في الحياة وغيرها من الجرائم بموجب القانون الدولي".
وأصدرت منظمة العفو الشهر الماضي تقريرا قالت فيه إن إيران فشلت في تحديد المسؤولية بـ 72 حالة وفاة قيد الاحتجاز على الأقل منذ كانون الثاني/يناير 2010، "على الرغم من أن تقارير موثوقة تفيد بأنها نتجت عن التعذيب أو غيره من ممارسات سوء المعاملة أو الاستخدام المميت للأسلحة النارية والغاز المسيل للدموع من قبل المسؤولين".
حكم جائر
وتضم سجون الجمهورية الإسلامية العديد من سجناء الفساد البارزين الذين كانوا مسؤولين سابقين أو مقربين من مسؤولين في النظام، وقد حُكم عليهم بالإعدام منذ سنوات من دون أن يتم تنفيذ الحكم بعد.
وللنظام تاريخ في توجيه الاتهامات بسرعة للناشطين السياسيين، أبرزها "محاولة قلب النظام" بعد توجيه تهمة "الفساد في الأرض"، في استعارة من آية قرآنية يتم استخدامها منذ الثورة الإسلامية عام 1979 لتبرير قتل السجناء السياسيين.
وتُستخدم هذه التهمة أيضا في تهم التجسس، على الرغم من أن جميع قضايا التجسس لم تسفر عن إصدار عقوبة الإعدام.
وفي حديثه للمشارق، أوضح محلل سابق في البحرية الإيرانية طلب عدم ذكر اسمه أنه في عملية اتخاذ القرار بشكل عام، "يقوم النظام بتحليل التكلفة والفائدة السياسية".
وأضاف أن القضاء الإيراني نادرا ما يتساهل مع الناشطين المحليين ويقوم بذلك حين يعتبر أن تكلفة عدم التساهل تفوق فوائده.
وأكدت إدارة السجون الإيرانية وفاة ناصري، قائلة إنه توفي إثر محاولة إنعاشه أثناء حالة طبية غير محددة.
وقالت منظمة العفو الدولية إن ناصري رفع إلى السلطات عامي 2019 و2020 "عدة إفادات خطية" تدعم شكاوى التعذيب وطلبات الدفاع وطلبات الاستئناف والمراجعة القضائية التي قدمها أفكاري.
وأعدم المصارع البالغ من العمر 27 عاما والذي فاز بمسابقات وطنية في مدينة شيراز الجنوبية، بعد إدانته بارتكاب جريمة قتل خلال احتجاجات هزت المدينة قبل عامين.
لكنه اشتكى من تعرضه للتعذيب لحمله على الاعتراف، وذلك بأساليب من بينها الضرب وسكب الكحول في أنفه.
وبحسب منظمة العفو الدولية، لا يزال شقيقاه وحيد وحبيب أفكاري في السجن، في ما وصفته بالاعتقال "التعسفي" على خلفية التحقيق في إعدام نافيد.
وكان رئيس جهاز القضاء في محافظة فارس كاظم موسوي، قد نفى الشهر الماضي وجود أي علاقة بين قضيتي أفكاري وناصري داحضا في الوقت عينه شهادة الأخير.
الحكم على قاصر
إلى هذا، قالت منظمة العفو الدولية وجماعات حقوقية أخرى يوم الأربعاء، إن إيران أرجأت تنفيذ حكم الإعدام الذي انتقد دوليا، لرجل اعتقل بتهمة القتل عندما كان في الـ 17 من عمره، لكن خطر شنقه لا يزال قائما.
وصدر الحكم بحق أرمان عبد العلي البالغ اليوم من العمر 25 عاما، بعد محاكمة وصفتها جماعات حقوقية بأنها غير عادلة. وجدد تحديد موعد إعدامه الانتقادات الدولية للجوء إيران إلى عقوبة الإعدام.
ونقل عبد العلي إلى الحبس الانفرادي في سجن رجائي شهر بكرج غربي طهران استعدادا لإعدامه يوم الأربعاء، والتقى والديه لآخر مرة يوم الثلاثاء.
ولكن أكدت منظمة العفو الدولية ومنظمة حقوق الإنسان الإيرانية ومقرها أوسلو أن الإعدام لم يتم في موعده، مع أن هناك مخاوف من تنفيذه يوم السبت.
وقالت منظمة العفو الدولية على تويتر إنه "تم تأجيل الإعدام إلى يوم السبت، 16 تشرين الأول/أكتوبر، وهو لا يزال يواجه خطر الإعدام الوشيك في إيران. كان عمره 17 عاما فقط عندما ألقي القبض عليه".
وذكرت منظمة حقوق الإنسان الإيرانية التي تراقب عملية استخدام عقوبة الإعدام في إيران، إن عبد العلي كان لا يزال محتجزا في الحبس الانفرادي، ونقلت عن مصادر قولها إن الإعدام سينفذ يوم السبت.
وذكرت منظمة العفو الدولية أن عبد العلي حُكم عليه بالإعدام في كانون الأول/ديسمبر 2015 بعد إدانته بالقتل عقب اختفاء صديقته في العام السابق.
ولكن صدر الحكم في "محاكمة جائرة للغاية" من قبل محكمة "استندت إلى ʼاعترافاتʻ مشوبة بالتعذيب"، على حد قولها.
وقالت منظمة حقوق الإنسان الإيرانية إن عبد العلي اعترف بالقتل عندما اعتقل، لكن لم يتم العثور على الجثة وسحب اعترافاته في ما بعد.
ووفقا لجماعات حقوقية، تحظر الاتفاقيات الدولية التي وقعتها إيران عليها إعدام أي شخص على جريمة ارتكبها عندما كان عمره أقل من 18 عاما.
ويفوق عدد الأشخاص الذين تعدمهم إيران سنويا عدد المعدومين في أي دولة أخرى باستثناء الصين. ولفتت منظمة حقوق الإنسان الإيرانية إلى أن ما لا يقل عن 64 مذنبا من الأحداث قد أُعدموا في إيران على مدار السنوات العشر الماضية، 4 منهم على الأقل عام 2020.
وفي إشارة إلى القلق الدولي بشأن القضية، قالت مفوضة حقوق الإنسان في ألمانيا بربيل كوفلر، إن تنفيذ الإعدام سيكون "انتهاكا مرفوضا للقانون الدولي".
وأضافت في بيان أصدرته وزارة الخارجية الألمانية "كان أرمان عبد العلي قاصرا وقت ارتكاب الجريمة المزعومة. هناك أدلة موثوقة على أن اعترافه انتزع تحت التعذيب وأن إدانته تتعارض بالتالي مع المبادئ الأساسية لسيادة القانون".