بيروت -- عاد معملا دير عمار في مدينة طرابلس بشمال لبنان والزهراني بجنوب البلاد إلى الخدمة يوم الأحد، 10 تشرين الأول/أكتوبر، بعد تسليم الجيش اللبناني لـ 6000 كيلو لتر من مادة الغاز أويل.
وتأتي مبادرة الجيش، التي وصفها كثير من اللبنانيين بأنها تتسم بالروح الوطنية، بعد غرق لبنان ليل السبت بالظلام للمرة الثانية خلال أقل من شهر بسبب نفاذ مخزون الوقود في المعملين.
هذا وينفذ لبنان منذ أشهر برنامجا لتقنين إمدادات الكهرباء، يتم بموجبه توفير الكهرباء مدة ساعتين فقط يوميا، وذلك وسط انهيار اقتصادي يصفه البنك الدولي بأنه من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850.
وكان لبنان يواجه صعوبة في الحصول على مادة الغاز أويل بسبب انخفاض سعر صرف الليرة اللبنانية والانخفاض الحاد في احتياطات العملة الصعبة.
وبالسياق، رأى أمين سر تجار طرابلس غسان حسامي أنه "ليس بعيدا عن قيادة الجيش المبادرة واتخاذ هكذا خطوة وطنية وجبارة".
وقال إن هذه اللفتة تحمل في طياتها "إحساس الجيش بالمواطنين الذين رزحوا تحت وطأة العتمة الكلية، ونجم عن انقطاع الكهرباء انقطاع المياه عن آلاف الوحدات السكنية في طرابلس والشمال".
وأضاف في حديث للمشارق أنه في حين أن الكمية التي قدمتها قيادة الجيش للمعملين قليلة وتوفر الكهرباء لخمسة أيام كحد أقصى، "لكننا نعتبرها جرعة أوكسجين في ظل التقنين القاسي".
وأشار إلى أن الجيش "هو المؤسسة التي تقف إلى جانب اللبنانيين بمحنهم وتسعى للتخفيف عن مآسيهم"، حتى في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها الجيش نفسه.
حل لبناني
وقال حسامي إن خطوة الجيش في توفير الوقود تنبع من "الحس الوطني، ما يؤكد لنا وجوب حصر معالجة مشاكلنا اللبنانية، بما فيها الكهرباء، بالإطار الوطني المحلي".
وتابع "يجب علينا عدم الانجرار وراء خطوات ووعود مؤذية كوعود إيران بتأمين الكهرباء"، مشيرا إلى الإعلان الأخير لوزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان عن استعداد بلاده لبناء معملين للكهرباء في لبنان.
وأوضح حسامي أن "وعود إيران ليست صحية لأنها لن تتم عبر القنوات الرسمية، والدليل أنها بموضوع المحروقات أفرغت حمولة البواخر بمرفأ بانياس السوري ونقلته بالصهاريج للبنان وسلمته لممثلها حزب الله".
وختم أن "الوعد الإيراني كمن يتصرف من رأسه، ونحن نريد أن تتم الأمور عبر القنوات الرسمية".
بدورها، قالت المواطنة ليليان حبو من مزرعة يشوع إن مبادرة الجيش "تنم عن الحس الوطني والمسؤولية التي تتمتع بها المؤسسة العسكرية، لا سيما في الظروف الراهنة".
وأضافت "صحيح أننا لن نستفيد من كهرباء المعملين في مزرعة يشوع، لكنني سعيدة بهذه الخطوة لأنها ستضيء طرابلس".
وأوضحت أن "الأمر نفسه ينسحب على قرى الجنوب".
وتابعت أن توفير الجيش الوقود للمعملين "خطوة كبيرة وأهم من كل الوعود التي تغدق على لبنان، لا سيما تلك التي تغدقها إيران".
وأكدت أن "جيشنا قادر على الإمساك بزمام أمورنا وحل مشاكلنا والدليل أنه وفر الكهرباء للمناطق بما توفر له من غاز".
من جهته، قال المواطن محمد قريطم من بيروت إن "خطوة الجيش تنم عن مسؤولية وطنية تجاه الشعب الغارق في العتمة".
أجندة إيران الخفية
وشدد قريطم على أن مبادرة الجيش، وإن كانت ستفيد لأيام قليلة فقط، "أهم من وعود إيران الواهية".
وتابع "لا أرى في الوعود الإيرانية بتأمين الكهرباء سوى المزيد من توغلها في لبنان وإحكام قبضتها عليه، وهذا ما نرفضه".
بدوره، قال مدير المركز اللبناني للدراسات والاستشارات حسان قطب أنه "لا بد من الالتفات إلى ما تقوم به قيادة الجيش لتأمين المازوت لمعامل الكهرباء لإعادة النور إلى لبنان".
وأشار إلى أن البلد يعيش انقطاع الكهرباء وظلمة "بسبب السياسات التي يقودها حزب الله ".
وحذر أن "حزب الله يسعى لاستغلال الأزمة لاستدراج عروض إيرانية لبناء محطات كهربائية تسمح بتواجد خبراء وفنيين إيرانيين من الحرس الثوري الإيراني على الأراضي اللبنانية".
لكن "قيادة الجيش تسعى لإعادة الكهرباء ولو على حساب مخزونها الاستراتيجي وهذه ليست المرة الأولى التي يقوم بها بذلك"، بحسب ما أوضح.