فيلنيوس، ليتوانيا -- باتت الهواتف الصينية محط تدقيق أكبر حول العالم، فيما استمرت الدراسات في ربط الهواتف بالمخاطر الأمنية القومية والرقابة ومشاكل الخصوصية وعمليات تسريب البيانات.
وتعد ليتوانيا آخر دولة تضاف إلى سلسلة الدول المقاومة للهواتف الصينية، وقد جاء ذلك مؤخرا على خلفية أداة رقابية مدمجة في هاتف شاومي.
وللمسؤولين في العاصمة فيلنيوس تاريخ في إدانة القيم غير الديمقراطية للحزب الشيوعي الصيني وممارساته الرامية إلى التنمر الجغرافي واستغلال التكنولوجيا والرقابة لتحقيق مصالحه.
وقالت وزارة الدفاع الليتوانية الشهر الماضي إنه على المؤسسات العامة والمستهلكين توخي الحذر في استخدام الهواتف الصينية، محذرة من احتمال وجود ثغرات أمنية وعمليات تسريب للبيانات.
وقامت الوزارة بتحليل 3 هواتف شهيرة من صنع الصين تباع في أوروبا، هي شاومي مي 10 تي 5 جي، وهواوي بي 40 5 جي، وهاتف وان بلاس 8 تي 5 جي.
وأشار المركز الوطني للأمن السيبراني في البلاد بتاريخ 22 أيلول/سبتمبر، إلى أنه وجد "مخاطر أمنية سيبرانية" في طرازات هواوي وشاومي 5 جي.
ولفت إلى وجود أداة رقابة مدمجة يمكن أن تحظر مصطلحات بحث محددة في هاتف شاومي الذي يعد الهاتف الذكي الأكثر شعبية في أوروبا.
وقال باحثون إنه تم تعطيل وظيفة اللائحة السوداء في نسخة الهاتف التي تباع في أوروبا، وحذروا من أنه يمكن تفعيلها عن بعد بمجرد كبسة زر في الصين.
ويبدو أن قائمة المصطلحات الخاضعة للرقابة تزداد باستمرار، فكانت تضم 449 كلمة أو عبارة في اللائحة السوداء في نيسان/أبريل 2021 ليصل هذا العدد إلى 1376 في أيلول/سبتمبر. وتشمل اللائحة كلمات باللغة الصينية وبالأحرف اللاتينية أيضا.
وتشمل المصطلحات المحظورة "حرروا التيبت" و"يعيش استقلال تايوان" و"الحركة الديمقراطية" و"الحركة الطلابية" و"الدكتاتورية" وأسماء بعض الشركات ووسائل الإعلام الغربية.
وقال نائب وزير الدفاع الليتواني مارجيريس أبوكيفيسيوس لوكالة صوت أميركا "رأينا بوضوح أن كل هذه الكلمات الرئيسية مدفوعة سياسيًا".
وتابع "من المقلق للغاية أن يكون هناك أداة رقابة مدمجة للكلمات الرئيسية تصفي أو تستطيع تصفية عملية البحث على شبكة الويب".
وجاء في التقرير أن هاتف هواوي شكّل تهديدا لأنه أعاد توجيه المستخدمين تلقائيا إلى متاجر التطبيقات ذات الأطراف الثالثة والتي بإمكانها استضافة تطبيقات فيها فيروسات.
مخاطر حقيقية
وفي أعقاب صدور التقرير، تعمل ليتوانيا على مشروع قانون من شأنه منع وكالاتها الحكومية من استخدام أجهزة "غير موثوق بها"، حسبما ذكرت محطة يورونيوز في 28 أيلول/سبتمبر.
وقال ناطق رسمي "في الوقت الراهن، نعمل على تحديد نطاق مشروع القانون لتحديد أية مؤسسات (تلك المهمة للأمن القومي) ستخضع للقانون الجديد وأية عمليات شراء لمنتجات أو أجهزة أو برامج تندرج تحت إطار تقنيات المعلومات والاتصالات ستتأثر بهذا الإجراء وأية معايير سيتم وضعها للسماح فقط للموردين الموثوق بهم بالمشاركة في عمليات الشراء".
وفي هذه الأثناء، لفت أبوكيفيسيوس إلى أن نحو 200 مؤسسة عامة في ليتوانيا تستخدم الأجهزة الصينية، قائلا إن القطاع العام بمجمله "لا يجب أن يستخدم" هواتف شاومي وهواوي حفاظا على الأمن القومي.
وذكر لوكالة الصحافة الفرنسية "إن المخاطر التي نتحدث عنها حقيقية. يعد هذا الإجراء الأفضل لتخفيف الخطر".
وأشار إلى ضرورة أن تأخذ الدول الأخرى الدراسة في الاعتبار والتفكير في اتباع المقاربة نفسها.
وقال لصوت أميركا "أعتقد أن دراستنا تسلط الضوء على ضرورة تجاوز حدود ذلك النقاش في مجال الاتصالات، والتفكير بقطاعات أخرى أيضا".
يُذكر أن العديد من دول الغرب، بما في ذلك الولايات المتحدة، قد حظرت اتصال هواتف هواوي بشبكات 5 جي الخلوية على خلفية مخاطر أمنية.
ومن المتوقع أن تناقش دول الاتحاد الأوروبي الأخرى موضوع الدراسة خلال الأيام المقبلة، وقد التقى وزير الخارجية الليتواني غابريليوس لاندسبيرغيس بوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين في واشنطن الشهر الماضي لحشد الدعم.
وقال لاندسبيرغيس إن الحجم الصغير لليتوانيا التي يبلغ عدد سكانها أقل من 3 ملايين شخص ولها اقتصاد يبلغ حجمه واحد على 270 من حجم الصين، يجعلها هدفا سهلا.
وتابع أن "حسابات [بكين] مفادها أنه من الجيد اختيار أعداء حجمهم أقل بكثير من حجمك، واستقطابهم إلى حلبة القتال قبل ضربهم حتى القضاء عليهم".
من جانبه، تعهد بلينكين بتقديم "دعم أميركي ثابت لليتوانيا في وجه الإكراه الذي تحاول جمهورية الصين الشعبية ممارسته".
وأوردت إذاعة صوت أميركا أن أجهزة الأمن الألمانية بدأت بعملية تدقيق فني خاصة بها لهاتف شاومي.
محاولة إلحاق ضرر اقتصادي
وكان أحدث تقرير صدر عن ليتوانيا حول سجل الرقابة المدمج في الهواتف المصنوعة بالصين مربكا للصين بشكل خاص.
وقد استدعت بكين سفيرها إلى دولة البلطيق، فيما عاد سفير ليتوانيا إلى بكين أيضا إلى بلاده.
وفي وقت سابق من شهر تموز/يوليو، وبعد سماح ليتوانيا لتايوان باستخدام كلمة "تايواني" عوضا عن كلمة "تايبيه" لشبه السفارة التي تعتزم إنشاؤها في فيلنيوس، أوقفت بكين دخول قطارات الشحن إلى ليتوانيا وجعلت من شبه المستحيل لمصدري الأغذية الليتوانية بيع منتجاتهم في الصين.
ولكن ليتوانيا رفضت التراجع تحت الضغط المتزايد من الصين.
وقد تجاهلت وزيرة الاقتصاد والابتكار الليتواني أوسرن أرمونايت هذه النكسة.
وقالت إن الضرر "ليس بكبير"، ذلك أن صادرات ليتوانيا إلى الصين لا تشكل إلا 1 في المائة من إجمالي صادراتها.