عدن - قال مسؤولون حكوميون يمنيون كبار إن الحوثيين المدعومين من إيران تجاوزوا "الخط الأحمر" في معاملتهم للمرأة خلال سعيهم لتحقيق أهدافهم السياسية والعسكرية.
وجرى توثيق سوء معاملة الحوثيين للنساء توثيقا دقيقا، وذلك في تقرير صدر يوم 21 أيلول/سبتمبر عن الشبكة اليمنية للحقوق والحريات يفصّل الانتهاكات والتجاوزات التي ارتكبتها الجماعة خلال أكثر من 6 سنوات من الحرب.
وكشفت الشبكة في تقريرها أن الحوثيين ارتكبوا 6476 انتهاكا لحقوق الإنسان أو اعتداءات بحق النساء خلال الفترة الممتدة بين 1 كانون الثاني/يناير 2015 و1 حزيران/يونيو 2021.
وأوضح التقرير أن 1691 امرأة قتلن وأصيب 3741 امرأة جراء قصف مدفعي نفذه الحوثيون ووعبوات ناسفة وألغام زرعتها الجماعة، إضافة إلى أعمال القنص والإطلاق العشوائي للرصاص الحي.
ووثق التقرير أيضا 770 حالة اعتقال واختطاف لنساء من قبل الحوثيين و195 حالة إخفاء قسري.
وتحقق فريق الشبكة من مقتل 422 امرأة جراء انفجار الألغام والعبوات الناسفة التي زرعها الحوثيون في الشوارع والطرقات العامة وداخل الأحياء السكنية والمزارع وأماكن الرعي والأسواق، بينهن 123 ضحية قتلن في محافظة تعز.
ووثقت الشبكة كذلك حالة وفاة تحت التعذيب في محافظة حجة ذهبت ضحيتها امرأة من تعز بعد أن اختطفها الحوثيون من مكان عملها في المستشفى السعودي في حجة بشهر تشرين الثاني/نوفمبر 2016.
واتهموها زورا "بالعمالة للعدو"، حسبما جاء في التقرير.
ووفق التقرير، أخضعت جماعة الحوثي 70 امرأة في سجونها العلنية والسرية لمعاملة قاسية ومهينة وصلت إلى حد التعذيب.
وتعرضت بعض النساء للتحرش الجنسي أو الاغتصاب خلال فترة احتجازهن مما دفع بعضهن إلى الانتحار، فيما تعرضت أخريات للقتل فور إطلاق سراحهن من سجون الحوثي بسبب ما يسمى في العرف القبلي اليمني بـ "غسل العار".
تجاوز الخط الأحمر
وفي هذا السياق، قال وكيل وزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان نبيل عبد الحفيظ، إن المجتمع اليمني "يعتبر المس بحرمة النساء خطا أحمر".
ولكنه ذكر أن الحوثيين تجاوزوا هذا الخط الأحمر في سبيل تحقيق هدفين.
وأوضح أن "الأول هو تقديم رسالة للمجتمع أنه لم يعد هناك خطوط حمراء، بما في ذلك الوصول للنساء والوصول للبيوت وانتهاك الحرمات. ويكمن الثاني في الضغط على الكيان الأسري والمجتمع من أجل إرضاخهن".
وأردف عبد الحفيظ أن "جماعة الحوثي اختطفت خلال الأسبوع الثاني من أيلول/سبتمبر 30 امرأة من كوادر المؤتمر الشعبي العام".
وتابع أنه تم الإفراج عن 4 منهن فيما "الباقيات قيد الإخفاء في إطار الضغط عليهن وأقاربهن" من أجل التعاون مع الحوثيين.
وأشار إلى أن مصير النساء اللواتي يرفضن الخضوع لهم هو التنكيل، "وهذا يكشف وحشية هذه الجماعة في التعامل مع المجتمع التي تعكس نشر ثقافة الخوف".
ومن جانبه، أكد وكيل وزارة العدل فيصل المجيدي أن الحوثيين يستخدمون النساء كأداة "لتطويعهن وتطويع أقاربهن للجماعة".
وأضاف أن انتهاك حرمة النساء يهدف إلى إحداث الصدمة لدى أسرهن والمجتمع، "وبالتالي يتخلى الكثير من الأسر عن بناتها بداعي العيب".
وأشار المجيدي أيضا إلى هدف آخر لدى الحوثيين وهو "تحييد تأثير المرأة ودورها في السياسة وعملية الضغط من خلال متابعة النساء المعتقلات".
وأوضح أن المنظمات النسائية في اليمن لعبت دورا فعالا جدا في كشف الكثير من الانتهاكات التي ارتكبتها ميليشيا الحوثي، خصوصا الاعتقالات وعمليات الإخفاء.
وعملت هذه المنظمات أيضا على كشف "مسائل تمس شرف [النساء]"، لافتا إلى أن "هذا الجانب تسعى الميليشيات ألا يظهر للعيان".
الإكراه والابتزاز
وتحدث المجيدي عن محاولة الحوثيين إخضاع النساء للعمل معهم في تكوين شبكات دعارة تستهدف القيادات السياسية المعارضة لهم وحتى تلك العاملة معهم.
وتابع أن "قضية انتصار الحمادي ليست ببعيدة عن هذا الإطار لأن من زاروها في السجن تحدثوا أنها أخبرتهم أن [الحوثيين] عرضوا أن تعمل معهم في الدعارة واستهداف شخصيات سياسية".
أما المحلل السياسي محمود الطاهر، فقال إن "ميليشيا الحوثي دأبت على استهداف النساء اللواتي يرفضن العمل لصالحها للإيقاع بمسؤولين وقادة، وتصويرهم بأوضاع جنسية مخلة للأدب".
ولفت إلى أنها "دأبت على هذا الفعل منذ العام 2016 تقريبا، وهناك قيادات ووزراء في صنعاء تعرضوا لمثل هذا النوع من الابتزاز".
وكشف أن الحوثيين يعتقلون شابات من قبائل وأسر ترفض إرسال أبنائها إلى جبهاتهم، وذلك بهدف إذلال القبائل اليمنية وإجبارها على تنفيذ كل مطالبهم.
وسلط عبد الحفيظ الضوء على مسؤولية الحكومة والمجتمع الدولي، مشيرا إلى أن الحكومة ترصد باستمرار الحالات وتوثقها وتقدم تقارير فيها إلى المنظمات الدولية.
وأكد "ضرورة انطلاق تحرك دولي لوقف هذه الانتهاكات، لأن عدم الضغط الحقيقي على [الحوثيين] يشجعهم للاستمرار في ارتكابها".