بيروت - قال نشطاء وسياسيون إن العواقب الكارثية التي عانى منها لبنان جراء قرار حزب الله القتال في سوريا، ودوره في إفلاس الدولة وعزلها عن المجتمع الدولي، شوهت سمعة الحزب بشكل لم يعد من الممكن إصلاحها.
وأضافوا أنه على الرغم من الانتصارات العسكرية التي يمكن للحزب المدعوم من إيران أن يدعي أنه حققها في سوريا، فقد قوض تدخله في هذا الصراع السياسة الخارجية للبنان.
من جهة أخرى، أثبت حزب الله داخليا عدم فعاليته في معالجة أزمات لبنان المختلفة، وفقد احترام العديد من مؤيديه وحمّله معارضوه مسؤولية المشاكل الكثيرة التي تعصف بالبلاد.
وأشار رئيس تحرير إذاعة لبنان الحر أنطوان مراد إلى "وجود اختلاف في تقييم دور حزب الله [في الحرب السورية]، بحيث يعتبر البعض أنه لم ينجح بإبقاء نظام بشار الأسد".
وتابع أن "الحقائق تؤكد فشله بأكثر من نقطة".
وأوضح أن حزب الله وإيران "خسرا سياسيا" في فرض إرادتهما في ما يتعلق بالبنية الاجتماعية السياسية في سوريا، خصوصا بعد دخول روسيا الحرب عام 2015 وطرد الحزب من مناطق عدة في سوريا.
ويشمل فشل حزب الله وفق مراد "خسارة طاقات بشرية ضخمة"، في إشارة إلى عدد القتلى الكبير من اللبنانيين الشيعة الذين قضوا وهم يقاتلون ضمن صفوفه في ساحات المعارك بسوريا.
وأكد مراد أن الحزب فقد أيضا مصداقيته لدى "شريحة كبيرة من اللبنانيين المسيحيين والسنة والشيعة، الذين يتململون من الضائقة المالية وقيود السفر" المفروضة عليهم للعمل في الخارج وخصوصا في دول الخليج.
’دويلة ضمن الدولة‘
وقال مراد إن هناك معارضة شعبية متزايدة لحزب الله، مشيرا إلى أن نظرة الجمهور إلى الحزب قد تغيرت. وأوضح أنه حين نزل الناس إلى الشوارع في تشرين الأول/أكتوبر 2019، كانوا بداية يحتجون على انهيار الأوضاع المعيشية والفساد، أما اليوم فهم باتوا يستهدفون حزب الله.
فيعتبره البعض دويلة ضمن الدولة بحكم سلاحه وانخراطه بالفساد والتهريب، وحرمانه الخزينة اللبنانية من ملايين الدولارات.
ولفت مراد إلى أن "شريحة كبيرة من اللبنانيين تحمّل حزب الله مسؤولية إفلاس لبنان على مدى 30 عاما".
وشدد على ان حزب الله فقد مصداقيته ونفوذه الإقليمي يتراجع، وأنتجت سياساته عزلة دولية للبنان على حساب تمدد نفوذه داخليا.
ومع ذلك، قال إن الحزب "عاجز عن فرض سيطرته كاملة على لبنان".
وذكر أن "الحزب اليوم في موقف ضعيف، ويشعر بعقدة الذنب ويسعى للتعويض بعدما أفلس لبنان وقوض مقوماته".
وفي حديثه للمشارق، أوضح الناشط السياسي سمير سكاف أن الحركة الاحتجاجية رفعت منذ البداية شعار "كلن يعني كلن" وحزب الله من ضمنهم.
وأشار إلى أن الحزب يتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية عن أزمات لبنان لأنه "الطرف الأكبر والأقوى في المشهد السياسي بحكم حجمه وقدراته"، دون إعفاء الأحزاب السياسية الأخرى من المسؤولية.
وأكد سكاف أن الحركة الاحتجاجية "فقدت الثقة بحزب الله والأحزاب السياسية التي قوضت الدولة".
وقال إنها ترى أن لحزب الله دورا أساسيا بذلك لما يملك من نفوذ عسكري.
وأردف أن "[حزب الله] أدخل لبنان أكثر بالمحور الإيراني"، فخسر البلد بذلك الدعم الحيوي من أشقائه العرب والخليجيين إضافة إلى دعم المجتمع الدولي.
’كتيبة للحرس الثوري الإيراني‘
من جهته، ذكر منسق جنوبيون للحرية حسين عطايا، أن حزب الله "ميليشيا قبل أن يكون حزبا سياسيا".
وقال إنه "كتيبة عسكرية تتبع الحرس الثوري الإيراني".
وأضاف أن الحزب "يتلقى الأوامر من طهران ومن قادة الحرس الثوري بدمشق، واليوم من المستشار الثقافي بالسفارة الإيرانية ببيروت، ما يعني أنه غير مؤهل لحل مشاكل لبنان".
وأكد عطايا أنه ينبغي إبعاد حزب الله عن صناعة القرار السياسي.
وتابع "إلى ما سبق، زاد قتال حزب الله بسوريا إلى جانب النظام من مشاكله بلبنان، نتيجة زيادة حدة الانقسام اللبناني بين مؤيد للثورة السورية ومعارض لها".
ولفت إلى أن حزب الله قاتل في سوريا تحت عناوين متعددة كالدفاع عن بلدات محاذية للحدود السورية، ومن ثم بالداخل السوري لحماية العتبات الشيعية المقدسة في مقام السيدة زينب بدمشق.
ولكن تابع عطايا قائلا "تبين أن قتاله في سوريا جاء بقرار إيراني لمساعدة النظام السوري في مواجهة الأكثرية الشعبية السورية".
وأضاف "أظهر ذلك للعالم أن حزب الله لا يملك حرية قراره واستقلاليته، إنما هو خاضع للحرس الثوري الإيراني ولولاية الفقيه".
الحزب ’فشل فشلا ذريعا‘
وأردف عطايا أن ممارسات حزب الله الإقليمية "تسببت في عزل لبنان عربيا ودوليا، وأثبتت عدم امتلاك الدولة اللبنانية قرارها السيادي على مجمل أراضيها".
فيتجاوز حزب الله سلطة الدولة في أعمال التهريب من وإلى سوريا عبر المعابر غير الشرعية التي يسيطر عليها عسكريا وأمنيا، والتي يهرب من خلالها المحروقات والمواد الغذائية المدعومة .
واعتبر عطايا أن الحركة الاحتجاجية "أتت نتيجة حكم منظومة فساد دام 30 عاما، كان خلالها حزب الله شريكا وحاميا لها، وفي السنوات الأربع الماضية المقرر الرئيس في جوانب حياة لبنان السياسية والاقتصادية كافة".
وقال "أثبتت الأيام أن حزب الله فشل فشلا ذريعا في إدارة لبنان".
وأضاف "على الرغم من انتصاره عسكريا في سوريا، تكبد الحزب ما يقدر بـ 3400 قتيل في صفوفه".
في غضون ذلك، بات العالم العربي يراه "عدوا له لاستخدامه لبنان كمنصة لمعاداة الأمة العربية"، فيما شعبيته بلبنان تأثرت بتفاقم الأزمات.