عدن -- قال مسؤولون إن الطلاب في محافظة تعز اليمنية بدأوا العام الدراسي الجديد في مدارس لحقت بها أضرار جسيمة، حيث يدرسون والخوف يعتريهم من أن يطالهم المزيد من قصف وقنص الحوثيين المدعومين من إيران الذين يحاصرون المدينة.
فخلال الحرب الدائرة منذ سبعة أعوام، دُمرت بعض المباني المدرسية وتُرك الطلاب دون مكان يذهبون إليه لتحصيل العلم.
وقال الطالب في الصف السابع، ليث كامل، لوكالة الصحافة الفرنسية "ندرس يوما ونحن جالسون على الأرض، وفي اليوم التالي نتوجه إلى السطح، وفي بعض الأيام ندرس في الشارع".
وأضاف "منذ أربع سنوات ونحن نتمنى ارتياد مدرسة حقيقية".
ويعاني الأطفال في جميع أنحاء البلاد إما من عدم وجود فصول مدرسية، وإما من الافتقار للتجهيزات الأساسية كالطاولات أو المقاعد أو الحمامات.
وقالت مديرة مركز فجر الأمل للإحصاء والتنمية والمقيمة في حي حوض الأشراف بمدينة تعز، حياة الجلال، إن استهداف الحوثيين المتواصل للمناطق السكنية حرم الطلاب من التعليم الذي يستحقونه ويحتاجونه.
وغالبا ما كان الأطفال ضحايا للحرب في تعز، وتعرضوا أحيانا للاستهداف المباشر مثلما حدث في آب/أغسطس حين تعرضت طفلة لإطلاق النيران أثناء جلب الماء لأسرتها، وذلك على يد قناص حوثي بحسب ما زُعم.
وكانت "فتاة الماء"، واسمها رويدا صالح ويقال إن عمرها كان 9 أو 10 سنوات، قد تعرضت لإطلاق النيران حين ذهبت لإحضار الماء لأسرتها في حي الروضة بتعز. إلا أنها نجت.
وفي وقت سابق من العام، وتحديدا يوم 14 آذار/مارس، أطلق الحوثيون صاروخا على مدرسة في مديرية الكدحة بغربي محافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 15 جنديا يمنيا وثلاثة أطفال كانوا على مقربة من المكان، بحسب وكالة رويترز.
وقالت مصادر عسكرية إن المدرسة استخدمت سابقا من قبل الحوثيين ومن ثم سيطر عليها المقاتلون الموالون للحكومة.
وأضافت الجلال ضمن حديثها للمشارق أن حصار الحوثيين المتواصل أدى إلى تدهور جميع نواحي الحياة، لا سيما الاقتصاد والتعليم".
وذكرت أن "العديد من الطلاب تسربوا من التعليم بسبب عدم قدرة أسرهم على تغطية نفقات التعليم أو لأنهم أرسلوا أطفالهم إلى العمل من أجل تغطية مصاريف أسرهم".
وأكدت الجلال "نحن نعيش في منطقة خط نار، يحرم أولادنا معظم الأيام من مدارسهم بسبب الاشتباكات المتقطعة التي تتسبب في إغلاقها".
وتابعت أن بعض المعلمين غادروا تعز بسبب الصراع المتواصل، ويمثل ذلك ضربة أخرى لقطاع التعليم في المدينة.
'عدم توفر المباني المدرسية المناسبة'
وأشارت الجلال إلى أن عدم توفر المباني المخصصة للتعليم يدمر أيضا قطاع التعليم في المدينة. فقد تعرضت عدة مدارس للتدمير واستبدلت بشقق مستأجرة ومتاجر لاستخدامها كمبان مدرسية بديلة.
فطلاب مدرسة الثلايا بحي المظفر بمدينة تعز، يتلقون اليوم دروسهم في مبنى للإيجار مجاور لأنقاض مدرستهم السابقة التي دمرت أثناء القتال.
وأوضح مدير المدرسة، عبد الغني الراعي، أن "السبب الرئيس لعدم حصول الطلاب على تعليم مناسب هو عدم وجود مبان مدرسية".
وأضاف أن 64 معلما يدرسون 950 طالبا وطالبة في مبنى مستأجر غير مكتمل، ولا يوجد فيه نوافذ وغير مؤهل للتدريس.
وتابع أنه "رغم كل هذه الأحوال، لدينا الإصرار على استمرار العملية التعليمية في أصعب الظروف"، مشيرًا إلى أن هذه المدرسة هي الوحيدة الموجودة في المنطقة والقريبة بما يكفي لبعض الطلاب للوصول إليها.
وأكد على "خوف أولياء الأمور على [سلامة] أبنائهم الطلبة من الحرب الدائرة ورصاص القنص"، مناشدا كل الأطراف المعنية و"من لهم قلب" إلى النظر لهذه المأساة.
المعلمون من أكثر الفئات تضررا
من جانبه قال المعلم بمدرسة الثلايا مراد حسن، إن المعلمين يعملون في ظروف تعرض حياتهم للخطر.
وأضاف أن المباني المستأجرة التي تستخدمها بعض المؤسسات التي أجبرت على تغيير مقارها غير مناسبة للتدريس، ولا تتوافر للمعلمين الوسائل التي يحتاجونها في عملية التدريس.
وأكد مدير مكتب التربية والتعليم في محافظة تعز، عبد الواسع شداد، أن "هناك 48 مدرسة خارجة عن الخدمة".
وأوضح أن هذه المباني إما دمرت بسبب ألغام أو قذائف الحوثيين وإما يتم استخدامها كثكنات عسكرية.
وأضاف شداد أن "262 مدرسة أخرى لحقت بها إضرار جزئية، وقد أعيد تأهيل ما يقارب 138 مدرسة بجهود السلطة المحلية والمنظمات الدولية".
وناشد شداد كل الجهات المحلية والدولية "للإسهام في توفير الكتاب المدرسي والاهتمام بشريحة المعلمين التي تعد من الفئات الأكثر تضررا منذ بداية الحرب في اليمن".