عدالة

عودة ʼغير آمنةʻ: العائدون إلى سوريا عرضة للاغتصاب والتعذيب والانتهاكات على يد النظام

المشارق ووكالة الصحافة الفرنسية

سوري يظهر ظهره المصاب في مدينة الرستن شمال حمص يوم 27 نيسان/أبريل 2012، زاعما أنه تعرض للتعذيب على يد قوات النظام. [صورة لوكالة الصحافة الفرنسية/مصدر مستقل]

سوري يظهر ظهره المصاب في مدينة الرستن شمال حمص يوم 27 نيسان/أبريل 2012، زاعما أنه تعرض للتعذيب على يد قوات النظام. [صورة لوكالة الصحافة الفرنسية/مصدر مستقل]

قالت منظمة العفو الدولية يوم الثلاثاء، 7 أيلول/سبتمبر، إن عشرات السوريين الذين عادوا إلى ديارهم من الخارج تعرضوا للاحتجاز والاختفاء والتعذيب على يد قوات الأمن، محذرة من أن سوريا ليست آمنة بعد للعودة.

وفي تقرير بعنوان "أنت ذاهب إلى موتك"، وثقت المنظمة الحقوقية سلسلة من الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الأمن ضد 66 سوريا بينهم 13 طفلا، عادوا منذ العام 2017.

يذكر أن أكثر من 6.6 مليون سوري قد لجأوا للخارج في خضم الصراع. ولكن يواجه كثيرون الآن ضغوطا للعودة إلى وطنهم من البلدان المستضيفة، كما أن النظام السوري يزعم أن عودة اللاجئين تمثل "أولوية".

وخلال السنوات الثالثة الماضية، تراجعت حدة القتال في سوريا، فيما عزز النظام من مكاسبه وأصبح الآن يسيطر على أكثر من 70 في المائة من الأراضي.

اللاجئ السوري عمر الشغري الذي تعرض للتعذيب في السجون السورية وأصبح الآن مديرا لشؤون المعتقلين في منظمة قوة الطوارئ السورية، يظهر صورة له على هاتف خلوي بعد إطلاق سراحه من السجن في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2020 في ستوكهولم بالسويد. [جوناثان ناكستراند/وكالة الصحافة الفرنسية]

اللاجئ السوري عمر الشغري الذي تعرض للتعذيب في السجون السورية وأصبح الآن مديرا لشؤون المعتقلين في منظمة قوة الطوارئ السورية، يظهر صورة له على هاتف خلوي بعد إطلاق سراحه من السجن في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2020 في ستوكهولم بالسويد. [جوناثان ناكستراند/وكالة الصحافة الفرنسية]

اللاجئ السوري رواد كردي، 30 سنة، يجلس مع زوجته وأطفاله داخل حافلة نقل في 17 أيلول/سبتمبر 2018 أثناء عودتهم إلى سوريا بعد العيش كلاجئين في لبنان لعدة سنوات. [أنور عمرو/وكالة الصحافة الفرنسية]

اللاجئ السوري رواد كردي، 30 سنة، يجلس مع زوجته وأطفاله داخل حافلة نقل في 17 أيلول/سبتمبر 2018 أثناء عودتهم إلى سوريا بعد العيش كلاجئين في لبنان لعدة سنوات. [أنور عمرو/وكالة الصحافة الفرنسية]

ولكن خلال الفترة الممتدة من 2016 وحتى منتصف العام 2021، لم يعد إلا 280 ألف لاجئ بحسب الأمم المتحدة، مع أنه من المرجح أن يكون العدد أعلى.

وعزا الرئيس السوري بشار الأسد الوتيرة البطيئة للعودة إلى البنية التحتية المتضررة والعقوبات الاقتصادية، بما في ذلك تلك التي فرضتها الولايات المتحدة و"الضغوط التي تمارس على اللاجئين لعدم العودة".

ويهدف قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين لعام 2019 إلى محاسبة النظام السوري على جرائمه، ويمنع تقديم المساعدات الأميركية لإعادة الإعمار إلى حين تقديم مرتكبي الانتهاكات في الحرب السورية للعدالة.

وقالت منظمة العفو إن الحالات التي نظرت فيها تظهر أن "لا جزء في سوريا آمن للعودة إليه".

عنف جنسي وإذلال

وأضافت المنظمة أن "ضباط الاستخبارات السورية قد عرّضوا النساء والأطفال والرجال العائدين إلى سوريا لاحتجاز غير قانوني أو تعسفي وتعذيب وممارسات أخرى مسيئة، بما في ذلك الاغتصاب والعنف الجنسي والإخفاء القسري".

وتابعت أن هذه الانتهاكات كانت نتيجة مباشرة للانتماء المتصور للمعارضة وهو ما تم استنتاجه ببساطة من مجرد نزوح اللاجئين.

وأشارت المنظمة الحقوقية إلى أنه "بناء على هذه الاستنتاجات، لا يوجد أي جزء في سوريا آمن للعائدين، والأشخاص الذين تركوا سوريا منذ بداية الصراع معرضون لخطر حقيقي في التعرض للاضطهاد عند العودة".

ووثقت المنظمة 14 حالة ارتكب فيها مسؤولون أمنيون عنفا جنسيا ضد العائدين من الأطفال والنساء والرجال، بما في ذلك اغتصاب 5 نساء وصبي في الـ 13 من العمر وفتاة في الـ 5 من العمر".

وذكرت المنظمة أن "العنف الجنسي تم في المعابر الحدودية أو في مراكز الاحتجاز أثناء عمليات الاستجواب في يوم العودة أو بعد ذلك بفترة وجيزة، وذلك وفقا لمقابلات مع الناجين أو أقاربهم".

وقالت إحدى النساء للمنظمة أن ضباط الاستخبارات اعتقلوها مع ابنتها البالغة من العمر 25 سنة عند الحدود لدى عودتهما من لبنان وقاموا باحتجازهما طوال 5 أيام في أحد مراكز الاستخبارات.

وكانت التهمة الموجهة إليهما "انتقاد الأسد في الخارج".

وأضافت المرأة أنها كانت حاضرة حين تعرضت ابنتها للاعتداء.

وتابعت "قاموا بنزع ملابس ابنتي. وقاموا بتكبيل يديها بالأصفاد وعلقوها على الحائط وضربوها. كانت عارية تماما. ووضع أحدهم عضوه الذكري في فمها. وعندما فقدت الوعي، صبوا عليها الماء".

وقالت، "سألوا: ʼلماذا غادرتم سوريا؟ ماذا أحضرتما معكما؟ʻ وصفوني بالعاهرة وبأني جاسوسة لتنظيم داعش وإرهابية".

وفي السياق نفسه، قال آخرون إن مسؤولي الأمن قاموا باغتصابهم من أجل إذلالهم ومعاقبتهم على مغادرة سوريا أو لتأكيد سيطرتهم عليهم، بحسب المنظمة.

وأفادت المنظمة أن "أفراد الأمن قاموا بضرب 5 من العائدين إما على أعضائهم التناسلية وإما أثناء تجريدهم من ملابسهم، وذلك وفقا لما ذكره العائدون أو أقاربهم".

وقال أحد الرجال إنه تعرض للضرب على خصيتيه أثناء الاستجواب عند عودته على يد أحد ضباط الأمن الذي قال له: "نحن نضربك هنا على أمل ألا تنجب أطفالا يستطيعون إلحاق الأذى بالبلد كما فعلت أنت".

احتجاز وضرب وتعذيب

ووثقت منظمة العفو الدولية 59 حالة من الاحتجاز غير القانوني أو التعسفي، وكان من بين المحتجزين امرأتان حاملتان و10 أطفال.

وقال التقرير إن "عمليات التوقيف تمت بعد عودتهم بـ 10 أشهر، لكن أبلغت الغالبية منظمة العفو الدولية بأنها تعرضت للتوقيف عند عودتها أو بعد ذلك بفترة وجيزة".

وأوضحت المنظمة أن كثيرين أوقفوا بناء على اتهامات بـ "الإرهاب" على افتراض أن أحد أقاربهم كان منتميا للمعارضة أو بسبب كونهم من منطقة كانت في الماضي تحت سيطرة المعارضة.

وفي الحالات التي وثقتها المنظمة، لم يكن لأي من المحتجزين وصول إلى محام، كما أنهم لم يمثلوا أمام قاض.

وأضاف التقرير أن "الشهادات تشير إلى أن السلطات السورية قد استخدمت الاحتجاز أيضا كوسيلة للابتزاز، حيث كانت أسر المحتجزين تدفع في العادة للحصول على معلومات أو لتأمين إطلاق سراح أفرادها".

وقال الذين أجريت معهم المقابلات إنهم دفعوا ما يعادل 1200 إلى 27 ألف دولار أميركي.

وتعرض بعض المحتجزين "لممارسات ترقى إلى التعذيب أو سوء المعاملة أثناء الاحتجاز والاستجواب في مراكز الاستخبارات"، وقد وثق التقرير 33 من مثل هذه الحالات.

وأضاف التقرير أنه وفقا لشهادات العائدين، كان عناصر جهاز الاستخبارات يستخدمون بصورة رئيسية التعذيب لإجبار المحتجزين على "الاعتراف" بجرائم مزعومة أو معاقبتهم، أو على خلفية معارضتهم المزعومة للنظام السوري.

وقال من أجريت معهم المقابلات إن مسؤولي الأمن كانوا يضربون العائدين باستخدام مختلف الأغراض، بما في ذلك العصي معدنية والكبلات الكهربائية والمواسير البلاستيكية، وفي إحدى الحالات جنزير دبابة.

وفي إحدى الحالات، ضرب أحد عملاء الاستخبارات طفلة في الـ 6 من العمر، بحسب ما ذكرته والدتها.

وتابع التقرير "كما استخدمت قوات الأمن أيضا الأجهزة الكهربائية وطرق تعذيب محددة كانت قوات الأمن السورية تستخدمها بصورة روتينية لإساءة معاملة العائدين وتعذيبهم أثناء عمليات الاستجواب".

لاجئون مرة أخرى

وقال أحد المعتقلين الذي أوقف بعد العودة من لبنان لمنظمة العفو الدولية "لقد صعقوني بالكهرباء بين عيني".

وأوضح "شعرت أن رأسي يهتز. وفقدت الوعي في بعض الأحيان. لا أعرف إلى متى... في النهاية، لم أكن أستطيع الوقوف وتعرض كتفي للخلع. وضعوا الكهرباء على رأسي. تمنيت أن أموت".

وقال التقرير إن "بحث منظمة العفو الدولية يظهر أن السلطات السورية مستمرة في ارتكاب مجموعة كبيرة من انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة ضد الأفراد، وهو أمر يتوافق ويؤكد على نمط أوسع من الانتهاكات التي ارتكبتها الحكومة السورية ضد الخصوم السياسيين المتصورين منذ بداية الصراع ويؤكده".

وذكرت المنظمة الحقوقية أنه "نتيجة للانتهاكات التي يرتكبها النظام السوري، فإن العائدين الذين قابلتهم منظمة العفو الدولية والذين استطاعوا الفرار قد غادروا سوريا مرة أخرى وأصبحوا لاجئين مجددا".

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500