"أقسم بالله أنا عاطل عن العمل. لا تطلق النيران عليّ. أنا هنا فقط للمطالبة بحقوقي!"
في مقطع فيديو مدته 30 ثانية تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، توسل شاب مقيم في محافظة خوزستان الفقيرة في إيران من أجل حياته فيما حاولت قوات مكافحة الشغب التابعة للنظام الإيراني تفريق حشد كان يتظاهر ضد أزمة المياه في المحافظة.
وقد قتلت قوات الأمن 4 أشخاص على الأقل أثناء الاحتجاجات التي اندلعت في خوزستان يوم 15 تموز/يوليو وامتدت منذ ذلك الحين إلى طهران وخارج وتبريز وأصفهان، إلى جانب احتجاجات أصغر في عدد من المدن الأخرى.
ونشرت طهران قوات شرطة خاصة لمكافحة الشغب ونقلت قوات إضافية من الحرس الثوري الإيراني إلى المنطقة.
وسُمعت هتافات مثل "يسقط الديكتاتور" و"الموت لـ [علي] خامنئي" (المرشد الأعلى لإيران) في الكثير من الاحتجاجات، بما في ذلك تلك التي انطلقت في وسط طهران.
ويوم الثلاثاء، 27 تموز/يوليو، خرج المحتجون إلى الشوارع في بهارستان بالقرب من أصفهان حيث مزقوا وحرقوا صورة لخامنئي في ساحة البلدة.
ومن الشعارات الرئيسية التي أطلقت في الاحتجاجات التي عمت البلاد خلال العامين المنصرمين "لا غزة ولا لبنان؛ أموت من أجل إيران"، في إشارة واضحة على السخط من أولويات النظام الموضوعة في غير محلها.
وكلف تدخل إيران الإقليمي وسياساتها التوسعية الشعب الإيراني ثمنا باهظا، حيث عبّر كثيرون عن غضبهم من أن المال الذي يحول إلى فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني وأذرعه في المنطقة كان يمكن إنفاقه على نحو أفضل في الداخل.
الشعب يدفع الثمن
ومع أن طهران على وشك الإفلاس، تستمر في التدخل في المنطقة وفي تمويل وتدريب أذرعها في العراق ولبنان واليمن وسوريا.
وفي هذه الأثناء، يتحمل الشعب الإيراني مصاعب اقتصادية شديدة تفاقمت جراء جائحة كورونا، بحسب ما ذكره مراقبون.
وإن الإيرانيين الذين يواجهون البطالة والركود التضخمي الحاد وسوء الإدارة الشديد للجائحة والأكاذيب والإنكار حول استراتيجية التلقيح، يخرجون إلى الشارع رغم الحر الشديد ورغم حملات القمع.
يذكر أن إيران سجلت أعلى عدد من الإصابات والوفيات بسبب فيروس كوفيد-19 في منطقة الشرق الأوسط. وبحسب البيانات الرسمية واعتبارا من 30 تموز/يوليو، أصيب نحو 3.5 مليون إيراني بالفيروس وتوفي أكثر من 90 ألفا.
ولكن يقول المتخصصون في الصحة العامة إن الأرقام الفعلية أعلى من ذلك بكثير.
فتتزايد متغيرات كوفيد-19 لا سيما في المحافظات الجنوبية والمستشفيات مكتظة. وقالت المستشفيات والعيادات في محافظات خوزستان وسيستان وبلوشستان إنه تتم معالجة المرضى في الممرات.
ومع أن البيانات الرسمية تظهر أن أقل من 4.5 مليون إيراني (أي نحو 5 في المائة من السكان) قد حصلوا على اللقاح حتى الآن، إلا أن الحكومة تستمر في الكذب بشأن إنتاج لقاحات وتنكر حدة أزمة فيروس كورونا.
وأعلن مسؤولون في النظام مرارا وتكرارا أنهم بصدد تطوير 8 لقاحات مختلفة لكوفيد-19، أحدها بالشراكة مع كوبا، لكن التفاصيل والبيانات حول العمليات ذات الصلة غير واضحة.
فلم توافق إدارة الغذاء والدواء الإيرانية حتى تاريخه إلا على لقاح واحد طور محليا للاستخدام الطارئ، وهو لقاح كوف إيران بركت. ولكن قال علماء إن البيانات المستخدمة في تطوير اللقاح لم تخضع لعمليات تدقيق كافية.
وبحسب تقارير غير مؤكدة، تم إعطاء لقاح كوف إيران بركت لعدد من قياديي وعناصر حزب الله.
وفي هذه الأثناء، دفعت إيران للصين وروسيا وكوريا الجنوبية مقابل لقاحات تقول إنها لم تستلمها بعد، إذ "لم تلتزم [تلك البلدان] بوعودها".
ʼماء وعمل ولقاحاتʻ
وفي ظل الظروف الفوضوية المتواصلة والأزمة الصحية المتفاقمة، تم تسجيل زيادة في أنشطة المتمردين، كتلك التي تنفذها حركة عرب الأهواز في خوزستان.
وتصنف الجمهورية الإسلامية هذه الحركة كمنظمة إرهابية.
وتتظاهر الأقلية العربية بالأهواز منذ فترة طويلة ضد سياسات النظام الذي تقول إنه يسعى لإجبارها على النزوح وتركز على قمع شعب الأهواز. ولكن هذه الحركة محدودة للغاية بالمقارنة مع حجم الاحتجاجات الشعبية الأخيرة.
وتطالب غالبية الشعب بالماء والعمل واللقاحات والرعاية الطبية الملائمة.
ولكن بدل التعامل مع هذه المطالب، قمع النظام الاحتجاجات عبر حملات القمع العنيفة وتعطيل خدمة الإنترنت لحجب الاتصالات مع العالم الخارجي.
ويوم الأربعاء، أقرت أغلبية البرلمان (المجلس) مشروع قانون لتقييد الاتصال بالإنترنت وتم إرساله إلى لجنة لمزيد من التقييم، ما يقرب البلاد من عملية إغلاق وتصفية كبيرة للإنترنت.
وسيتم تنفيذ القيود بصورة خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات التراسل، مع التركيز على انستغرام الذي لم تفرض الرقابة عليه بعد والذي يستخدمه عدد كبير من الإيرانيين.
وردا على القيود الأخيرة، عبرت وزارة الخارجية الأميركية يوم الأربعاء عن خيبة أملها من الوضع في إيران.
وقالت إن "الاحتجاجات في إيران التي بدأت بسبب نقص المياه جراء الجفاف وسوء إدارة الحكومة وإهمالها في محافظة خوزستان، قد توسعت الآن إلى مختلف المدن لتشمل طهران وخارج وتبريز".
وتابعت أن "الشعب الإيراني يسلط الضوء الآن ليس فقط على احتياجاته التي لم يتم تلبيتها، بل أيضا على تطلعاته في التمتع بالاحترام وحقوق الإنسان والتي لم يتم تحقيقها".
وأضافت "نحن ندين استخدام العنف ضد المحتجين السلميين... ونراقب أيضا التقارير حول بطء الإنترنت في المنطقة".