اتخذت جائحة فيروس كورونا منعطفا خطيرا في محافظة سيستان وبلوشستان جنوب شرقي إيران، وهي منطقة جميلة من البلاد لكنها فقيرة ويعيش سكانها تحت وطأة الاضطرابات والعنف.
وعلى الرغم من ثروة الموارد الطبيعية التي تمتلكها، فإن ثاني أكبر محافظة في إيران هي الأكثر فقرا في البلاد وقد اجتاحها متغير دلتا من كوفيد-19 وتفشى فيها.
وتصف تقارير هذا الأسبوع الرعاية الطبية في المحافظة بأنها ناقصة بصورة حادة وأن المستشفيات تعمل بكامل طاقتها، فيما أكد مسؤولون محليون أن الظروف الراهنة أشبه "بتسونامي فيروس كورونا".
وفي هذا السياق، حذر مديرو المستشفيات في جميع أنحاء المحافظة من أنه بالإضافة إلى اكتظاظ وحدات العناية المركزة، فإن جميع أجنحتها، وحتى ممراتها، تغص بالمرضى، ومعظمهم من المصابين بفيروس كورونا.
وأفاد مراقبون أنهم شهدوا إخراج مرضى من إحدى مستشفيات المحافظة إلى خارج المبنى في ظل درجة حرارة تقترب من 50 درجة مئوية.
وشوهد المرضى وهم جالسون في الحر الشديد أثناء تلقيهم العلاج، فيما الإداريون أو الممرضون يعلقون أمصال الوريد على أشجار النخيل بالقرب من المستشفى.
من جهة أخرى، امتلأت مشارح مستشفيات محافظة سيستان وبلوشستان كليا.
وفي 12 تموز/يوليو، قال المدعي العام في المحافظة إن 30 شخصا يموتون في المتوسط يوميا من كوفيد-19 في سيستان وبلوشستان.
ومع ذلك، قالت المصادر إن الشكاوى التي قدمها نواب المحافظة في البرلمان (المجلس) لوزير الصحة الإيراني لم تلق آذانا صاغية.
ارتفاع في حالات الإصابة بكوفيد-19
ووفقا للعديد من وسائل الإعلام ونواب محافظة سيستان وبلوشستان في البرلمان، يعيش أكثر من ثلثي سكان المقاطعة تحت خط الفقر.
إلى هذا، أدى الجفاف الشديد ومستويات تلوث الهواء الخطيرة ونقص المياه الصالحة للشرب وانقطاع التيار الكهربائي في الآونة الأخيرة لفترات طويلة ، إلى تفاقم شكاوى السكان الذين يعانون بالفعل من البطالة ونقص الموارد.
وقال مراقبون إن هذه الظروف القاسية تعود إلى حد كبير لإهمال الحكومة، مشيرين إلى أن السبب الرئيس وراء هذا الإهمال هو كون أكثر من نصف سكان المحافظة من الأقليات.
فنحو 65 في المائة من سكان سيستان وبلوشستان ينتمون إلى أقلية البلوش العرقية، وينتشر أبناؤها أيضا بالمناطق المجاورة في باكستان وأفغانستان، وغالبيتهم من السنة.
وفي منتصف حزيران/يونيو، أعلن مسؤولو وزارة الصحة ارتفاعا في عدد الحالات الإيجابية لاختبارات فيروس كورونا في سيستان وبلوشستان، ليأكدوا بعد فترة وجيزة أن عدد هذه الحالات تضاعف في المحافظة أربع مرات.
وفي 10 تموز/يوليو، قال مسؤولون محليون إنه تم الإبلاغ عن 574 حالة جديدة في المحافظة خلال الـ 24 ساعة الماضية، متفاخرين بأن هذا العدد "أقل بكثير مما كان عليه في اليوم السابق" عندما تم الإبلاغ عن 1176 حالة جديدة.
وبعد يومين، قالت المتحدثة باسم وزارة الصحة، سيما سادات لاري، إن سيستان وبلوشستان "من بين المحافظات القليلة" التي تعاني أكثر من غيرها من كوفيد-19 ومتغيراته التي اكتشف تفشيها جميعا بين السكان.
وقالت إن عدد حالات الدخول إلى المستشفيات ارتفع بنسبة 40 في المائة، مشيرة إلى أن نحو 17 في المائة منهم بقيوا فيها فترات طويلة.
إهمال واضطراب
دخل فيروس كوفيد-19 إيران عبر مدينة قم، موطن أكبر وأهم حوزة شيعية في البلاد. ويعيش في قم عدد كبير من طلاب الحوزات الدينية والعمال الصينيين الذين هاجروا إلى إيران في السنوات القليلة الماضية.
ووصل الفيروس بداية إلى إيران قادما من الصين، مع مواصلة النظام الإيراني نفيه بشدة تفشي الوباء إضافة إلى رفضه بتعنت إيقاف الرحلات الجوية بين إيران والصين.
ومع ذلك، فإن قم اليوم ليست أسوأ حالا من المحافظات الأخرى، ولا تندرج حتى بين الخمسة الأوائل لجهة انتقال فيروس كورونا والعدوى.
وفي واقع الأمر، فإن مسؤولي النظام، الذي يؤكدون دائمًا أن السكان السنة متساوون،قد أهملوا منذ فترة طويلة المحافظات ذات الأغلبية السنية.
وقد شهدت محافظة سيستان وبلوشستان اضطرابات جديدة هذا العام بعد أن عمدت قوات الأمن وعناصر من الحرس الثوري الإسلامي إلى إطلاق النار على عدد من ناقلي الوقود وقتلهم ، وذلك بالقرب من بلدة سارافان على الحدود الإيرانية الباكستانية.
وقالت منظمة هيومان رايتس ووتش في شباط/فبراير إن عدم توفر فرص عمل في سيستان وبلوشستان ترك أمام سكانها البلوش بدائل قليلة منها اللجوء إلى السوق السوداء والتبادل التجاري عبر الحدود مع نظرائهم البلوش.
وتتصاعد الاضطرابات أيضا في محافظات إيران الجنوبية وبينها خوزستان، حيث معظم السكان المحليين من العرب.
واندلعت مساء الخميس، 15 تموز/يوليو، احتجاجات واسعة النطاق استمرت حتى الساعات الأولى من فجر الجمعة، وذلك بسبب تخلف النظام عن الوفاء بوعد مساعدة المحافظة في الحصول على المياه وسط الجفاف الشديد.
وقام عدد من المتظاهرين بإحراق الإطارات وإغلاق الطرق في المحافظة، ومع بزوخ الفجر، عمدت قوات مكافحة الشغب والشرطة إلى قمع المدنيين.
وتأتي الاحتجاجات بعد أشهر من التظاهرات في المحافظة بسبب تدني الأجور والرواتب المتأخرة وسط تضخم شديد الارتفاع.