أكدت مصادر أن النظام الإيراني بات يعتمد أكثر فأكثر على "جيل جديد" من الميليشيات في العراق، فيختار العناصر بعناية على أساس ولائهم ودعمهم التام للأجندة التوسعية للجمهورية الإسلامية.
وتعد الميليشيات الوكيلة الجديدة أصغر حجما من الجماعات المسلحة العادية، وتتحرك بسرية أكبر تحت إشراف مباشر من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
واعتبر محللون أن هذا التحرك باتجاه تشكيل ميليشيات أصغر، يعكس الصعوبة التي يواجهها فيلق القدس في قيادة جماعات وكيلة أكبر.
وتحدثت معلومات عن قيام الحرس الثوري خلال العام الماضي بإرسال المئات من المقاتلين الذين تم اختيارهم بحذر إلى لبنان، حيث تلقوا تدريبات أعدتهم لتنفيذ هجمات معقدة ضد مصالح دولية في العراق.
وقيل إن آخرين تلقوا تدريبات ركزت على كيفية إنشاء وإدارة حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي لصالح ما يعرف بـ "الجيش الإلكتروني".
وقد اتهمت الميليشيات التابعة للحرس الثوري بتنفيذ نحو 300 هجوم على مصالح دولية وقوافل للإمداد اللوجستي في العراق خلال الأشهر الـ 20 الماضية، نفذت 40 منها منذ بداية السنة الجارية.
واستخدمت في أغلب الهجمات الصواريخ قصيرة المدى والعبوات الناسفة. ولكن أظهر استخدام الطائرات المسيرة المحملة بالمتفجرات في هجمات شنت مؤخرا واستهدفت قاعدة عين الأسد ومطار بغداد، أن الميليشيات تلجأ إلى أساليب جديدة.
ولا تتبنى الميليشيات المعروفة عادة مثل هذه العمليات.
وعوضا عن ذلك، تتبناها عادة جماعات غير معروفة كجماعة سرايا أولياء الدم التي أعلنت مسؤوليتها عن قصف مطار أربيل في منتصف شباط/فبراير الماضي. (وتعرض المطار نفسه في وقت لاحق لهجوم بطائرة مسيرة محملة بالمتفجرات).
ارتياب بصلابة الولاء
وتشير معلومات إلى أن الجماعات المسلحة المجهولة كأولياء الدم وألوية الوعد الحق وسرايا المنتقم وقاصم الجبارين وعصبة الثائرين، تعمل كلها تحت أمرة ميليشيا كتائب حزب الله أو تشكل واجهة لها.
يُذكر أن هذه الميليشيا هي من أبرز الجماعات المسلحة المدعومة من إيران في العراق، وتتلقى المال والسلاح والتدريب من الحرس الثوري.
وفي هذا السياق، ذكر المحلل السياسي غانم العابد أن قادة الحرس الثوري يثقون فقط بعدد قليل من الجماعات المسلحة التي هي بقيادة حزب الله.
وقال إنهم يخشون من أن تنقلب الجماعات المسلحة ضدهم أو أن تتوقف عن خدمة أجندة الحرس الثوري وتتصرف من تلقاء نفسها.
وأشار إلى أن "الميليشيات الجديدة تختلف عن التقليدية بأنها صغيرة الحجم، ربما لا تضم الميليشيا الواحدة سوى عشرات المقاتلين وتعمل بقدر كبير جدا من المرونة والحرفية وأيضا السرية لتجنب الاختراق".
وأوضح أنها تمتاز أيضا بالطاعة العمياء للحرس الثوري.
وتشكل الصراعات بين قادة الميليشيات على المصالح الشخصية والمكاسب المادية مصدر قلق دائم للحرس الثوري، إذ تخشى قيادته من خروج سياساتها التدخلية عن مسارها الصحيح عند ظهور انقسامات داخلية.
عملية تصفية
بدوره، قال ثائر البياتي أمين عام مجلس العشائر في محافظة صلاح الدين إن "تكتيك الحرس الثوري الجديد لا يعني بالضرورة الاستغناء عن كل الميليشيات أو رفع الدعم عنها والتركيز على الفصائل الصغيرة".
وتابع أنه عوضا عن ذلك، قد يكون الأمر كناية عن "عملية تصفية... لعزل وتقييد الجماعات التي لم تعد متحمسة كثيرا لأجندة الحرس الثوري... أو التي يشك في ولائها".
وأضاف أن قائد فيلق القدس إسماعيل قآاني عكس صورة ضعيفة بالمقارنة مع سلفه قاسم سليماني رغم زياراته المتكررة إلى العراق، وقد قوبلت قيادته غير الفعالة باستياء من جانب النظام الإيراني.
وقال إن "الميليشيات التي تكون واجهة والتي هي أجدد وأصغر حجما، بدأت بالظهور والتكاثر منذ مطلع العام الماضي بأسماء مختلفة". وينتشر في العراق اليوم أكثر من 15 جماعة من هذا النوع.
وأضاف أن هذه الجهات غير المعروفة تشكل "جيلا جديدا" من الميليشيات التابعة للحرس الثوري بقيادة كتائب حزب الله وإشراف فيلق القدس التابع للحرس الثوري.