بيروت - قال علماء اقتصاد لبنانيون للمشارق إن مطالبة الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، بأن يشتري لبنان الوقود من إيران ستضع لبنان في "مسار انتحاري" لجهة اقتصاده وسمعته.
ففي تحد للدولة اللبنانية وعملية صنع القرار فيها، طالب نصر الله في 8 حزيران/يونيو الحكومة باتخاذ "قرار جريء" وشراء الوقود من إيران الخاضعة للعقوبات الأميركية، بحسب ما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال نصر الله إنه في حال فشلت الدولة اللبنانية في التحرك، "فإننا نحن في حزب الله سنذهب إلى إيران ونتفاوض مع الحكومة الإيرانية... وسنشتري بواخر بنزين ومازوت ونأتي بها إلى مرفأ بيروت".
وتابع "ولتمنع الدولة اللبنانية إدخال البنزين والمازوت للشعب اللبناني"، موجها تهديدا واضحا إلى سلطة الدولة.
وفي تعليقها على مطلب أمين عام حزب الله، قالت الخبيرة الاقتصادية فيوليت غزال البلعة "يمكن قراءة نسبة مزدوجة من الخطورة هنا".
وأوضحت أن نصر الله يظهر من جهة تحديا و"ألمح إلى استعمال القوة" لتحقيق خطته لجلب الوقود، متجاوزا "كل السلطات المعنية بعملية الاستيراد".
ومن جهة أخرى، يبعد نصر الله لبنان عن المجتمع الدولي وعن شريان الحياة الذي يمكن أن يمده به صندوق النقد الدولي، و"يدخله بمعسكر شرقي غير قادر على إيجاد حل جذري للازمة".
وأضافت البلعة أنه بكلامه هذا، "كشف نصر الله عن مخطط الحزب للبنان سياسيا واقتصاديا". وتابعت "قد تكون هذه بداية الغيث الذي قد يستجلب استيراد أدوية ومواد غذائية من سوق محاصرة بالعقوبات".
وقالت إن "المؤسف بالموضوع أن نصر الله وضع الدولة اللبنانية بموقع متخاذل"، مشيرة إلى أن الحكومة "لم تصدر أي توضيح أو موقف يحفظ ماء وجهها".
وأعربت عن اعتقادها بأن أمرا كهذا قد يستجلب المزيد من العقوبات الأميركية والأوروبية والخليجية على لبنان، "بما يزيد من عزلته وهو بأمس الحاجة لأن يستعيد ثقة المجتمع الدولي به لمساعدته للخروج من أزماته".
تعريض لبنان للعقوبات
من جانبه، قال المحلل الاقتصادي أنطوان فرح إن "حزب الله كشف منذ سنوات طويلة عن نيته باستيراد المحروقات من إيران".
وأشار إلى أن "دعوات الحزب [للحكومة] اللبنانية مريبة بظل وجود عقوبات دولية على إيران".
وذكر أن "تجاوز لبنان لمثل هذه العقوبات وتعاونه مع إيران يعرض البلد لعقوبات وعزلة دولية"، مضيفا أن نصر الله "يتحدى الدولة اللبنانية والمجتمع الدولي".
وتابع أن "حزب الله يستثمر اليوم وجع اللبنانيين، علما أنه واحد من الأطراف الأساسيين المسؤول عن وجعهم".
وأضاف أنه يترك اللبنانيين أمام خيارين لا ثالث لهما، "إما نتعاون مع إيران لنؤمن لكم المحروقات لكم أو ستحرمون منها".
وقال "إذا فعلا يريد حزب الله مساعدة اللبنانيين، وبدل فرض تعاون لبنان مع إيران وتعريضه للمخاطر، عليه أن يفرض على الحدود اللبنانية-السورية رقابة فيمنع تهريب المحروقات لسوريا".
وأردف فرح "بذلك يخفف ويحل جزءا كبيرا من أزمة المحروقات".
ردة فعل سلبية على كلام نصر الله
وفي السياق نفسه، قال المعارض الشيعي حسين عز الدين إن تحدي نصر الله للدولة اللبنانية من خلال المطالبة باستيراد الوقود من إيران "يؤكد انه يتصرف بدولته الخاصة".
وأشار إلى أن حزب الله "يأتمر فقط بما يمليه عليها المموِّل الإيراني"، مشيرا إلى أن خطاب نصر الله قوبل بالرفض حتى من قبل قاعدة الحزب الشعبية.
وقال إن كلامه استُقبل "بكثير من عدم الصدق وقلة الثقة"، مثيرا حملة كبيرة ضده في جنوب البلاد.
وأوضح "تعتبر ردة الفعل الشيعية على تحدي نصر الله للعقوبات الأميركية والضرب بعرض الحائط المصالح اللبنانية ومصالح أبناء الطائفة الشيعية بشكل خاص، موقفا متقدما تجاه الانتفاضة المرتقبة بوجه حزب الله".
وأضاف أن الشيعة اللبنانيين سئموا من "المسار الانتحاري" الذي يقودهم إليه أمين عام حزب الله.
تصنيف حزب الله إرهابيا
ومن جهته، قال مدير المركز اللبناني للإعلام والدراسات سيمون سمعان، إن حزب الله يتلقى تمويلا من إيران ويقوم منذ عقدين من الزمن بتجنيد مقاتلين في دول عربية.
وأشار إلى أن ممارسات الحزب "دفعت دول مجلس التعاون الخليجي إلى إعلانه بالإجماع تنظيم إرهابي في عام 2016"، مضيفا أن 16 دولة أوروبية حتى الآن صنفت حزب الله كتنظيم إرهابي.
وفعلت جامعة الدول العربية الشيء نفسه في كانون الثاني/يناير 2016.
وتتطلع العديد من الدول والمنظمات الدولية الآن إلى الأمم المتحدة لتعمد إلى تصنيف حزب الله كتنظيم إرهابي، على أمل أن يحد ذلك من نشاطاته التخريبية في لبنان والخارج.
وفي الإطار نفسه، قال مدير مؤسسة جوستيسيا غير الربحية للتنمية وحقوق الإنسان اللبنانية بول مرقص، إن "الآلية القانونية تسمح من حيث المبدأ لأي دولة بالطلب من الأمم المتحدة تصنيف أي كيان على أنه جماعة إرهابية".
وتابع أنه في الوقت الذي لم تصنف فيه بعد حزب الله كتنظيم إرهابي، فإن "الجمعية العامة للأمم المتحدة تسعى لمكافحة الإرهاب على أساس مسار استراتيجي اعتمدته منذ عام 2006".
ودان قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1269 لعام 1999 الأعمال الإرهابية، ودعا الدول إلى وضع وإنفاذ تشريع خاص بمكافحة الإرهاب.
وقال مرقص إن "سعى لفرض جزاءات على الدول والكيانات التي تثار شبهات إرهاب على أنظمة حكمها".
وأوضح أنه بموجب ميثاق الأمم المتحدة، فإن مجلس الأمن "يتخذ إجراءات لصون واستعادة السلم والأمن الدوليين عبر لجان مختصة تتولى فرض العقوبات والتدابير التقييدية على أفراد وكيانات".
ويمكن للدول الأعضاء تقديم معلومات حول الأنشطة المزعزعة للاستقرار إلى مجلس الأمن عبر بعثاتها الدائمة لدى الأمم المتحدة.
ومن جانبه، اعتبر المحلل السياسي راشد فايد أن "هناك إصرار دولي وعربي على تصنيف حزب الله كتنظيم إرهابي من قبل الأمم المتحدة".