عدالة

صحافية لبنانية تكشف تهديدات حزب الله واعتداءاته المتواصلة

نهاد طوباليان

ناشط يحمل لوحة مفاتيح كمبيوتر وأصفادا مصنوعة باليد في وسط بيروت بتاريخ 24 تموز/يوليو 2018 خلال تظاهرة نظمت احتجاجا على موجة استجوابات جديدة نفذتها أجهزة الأمن اللبنانية ضد أشخاص ينشرون تعليقات سياسية على مواقع التواصل الاجتماعي. [أنور عمرو/وكالة الصحافة الفرنسية]

ناشط يحمل لوحة مفاتيح كمبيوتر وأصفادا مصنوعة باليد في وسط بيروت بتاريخ 24 تموز/يوليو 2018 خلال تظاهرة نظمت احتجاجا على موجة استجوابات جديدة نفذتها أجهزة الأمن اللبنانية ضد أشخاص ينشرون تعليقات سياسية على مواقع التواصل الاجتماعي. [أنور عمرو/وكالة الصحافة الفرنسية]

بيروت – ليست المضايقات والاعتداءات الجسدية التي تطال الصحافيين الذين برزوا في الأوساط الشيعية بلبنان الواقعة تحت نفوذ حزب الله المدعوم من إيران، غريبة عن الصحافية مريم سيف الدين.

فسيف الدين، وهي من المعارضين البارزين لحزب الله، وقعت ضحية مضايقات إلكترونية مارسها عناصر الحزب ومؤيديه منذ أن بدأت تنتقد الجماعة بعد انطلاق تظاهرات تشرين الأول/أكتوبر 2019 في لبنان.

وخرج الناس إلى الشوارع للاحتجاج على الفساد والضرائب الجديدة المقترحة. وغالبا ما انتقدت سيف الدين حزب الله في مقالاتها وعلى مواقع التواصل الاجتماعي خلال عملها كصحافية في صحيفة نداء الوطن اليومية.

ومنذ تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، قام عناصر حزب الله بالاعتداء على أفراد عائلتها في مناسبات عدة، آخرها في 23 أيار/مايو.

تزعم مريم سيف الدين التي تظهر في هذه الصورة، أن عناصر حزب الله ومؤيديه يهاجمونها وعائلتها منذ العام 2019. [مريم سيف الدين]

تزعم مريم سيف الدين التي تظهر في هذه الصورة، أن عناصر حزب الله ومؤيديه يهاجمونها وعائلتها منذ العام 2019. [مريم سيف الدين]

وقالت سيف الدين للمشارق، إن عناصر حزب الله "اعتدوا بوحشية على والدتي وكسروا كاميرات المراقبة التي وضعناها في محيط البيت لتثبيت اعتداءاتهم بالصورة وسرقوا الأشرطة المصورة".

وتابعت أنهم اعتدوا أيضا على والدها بالضرب المبرح.

وأضافت أن "الاعتداء المسلح الوحشي والشتائم التي تعرض لها والداي في ذلك اليوم، كانت آخر ما تعرضوا له في سلسلة من الحوادث المشابهة بدأت منذ تشرين الثاني/نوفمبر".

ففي 2 تشرين الثاني/نوفمبر وبعد أيام قليلة من تركها وظيفتها في نداء الوطن، هوجم أشقاء سيف الدين أمام منزلهم في حي برج البراجنة الواقعة في ضاحية بيروت الجنوبية التي تعد معقلا لحزب الله.

وذكرت أنه "من حينه، نتعرض لاعتداءات وحشية وقاسية ومتواصلة على يد ابن خالي المنتسب لحزب الله ومعه خالي، إلى جانب مجموعة من عناصر الحزب وبمقدمهم ابن شقيق نائب حزب الله أمين شري".

وقالت سيف الدين إن عناصر حزب الله قاموا بضرب أحد أشقائها في 5 كانون الأول/ديسمبر وكسروا أنفه.

وزعمت أنه بعد الهجوم، قالت لها الشرطة إنه لا داعي لأن تحضر إلى المكان إذا لم يمت أحد أو يصاب بجروح، بحسب ما ذكره الموقع الإعلامي العالمي أوبن ديموكراسي. ورأت في ذلك تواطؤا من قبل ضباط الشرطة في الحي والذين تدعي أنهم خاضعون لحزب الله.

وتابعت أن حزب الله هدد مرارا وتكرارا بإيذاء عائلتها في حال لم تغادر برج البراجنة. وقررت هي وأشقاؤها الأربعة أخيرا بعد هجوم كانون الأول/ديسمبر، بالانتقال إلى منزل آخر في منطقة لا تقع تحت سيطرة الحزب.

ولكن بقي الوالدان في المنزل العائلي فتواصلت التهديدات دون توقف.

وأكدت سيف الدين أنها تحت المراقبة، وأنها تستمر بتلقي رسائل تهديد من أتباع حزب الله مفادها "إذا عدتم سنقتلكم".

وأوضحت أن أمين عام حزب الله حسن نصرالله بدا وكأنه يشرع التهديدات والاعتداءات على الصحافة، كما ظهر عبر التهديدات التي وجهها شخصيا للإعلام.

وقبل عملية اغتيال لقمان سليم الناشط والمعارض لحزب الله، كان نصرالله قد حذر الإعلام في كانون الثاني/يناير من انتقاد الحزب، مضيفا أنه في حال حصل ذلك فسيتصرف حزب الله. وقد اغتيل سليم بعد فترة قصيرة من ذلك.

محاولات لإسكات الصحافيين

هذا وازدادت منذ أواخر العام 2019 الهجمات ضد الصحافيين الذين ينتقدون حزب الله، إذ قال مراقبون إنهم لاحظوا تراجعا في حرية التعبير والإعلام خلال تلك الفترة.

يُذكر أنه تم العثور على جثة سليم في جنوب لبنان بتاريخ 4 شباط/فبراير بعد تعرضه لطلقات نارية. وقبل مقتله، كان سليم قد حذر من أنه سيلقي باللوم على حزب الله وحليفه حركة أمل في حال حدث له أو لعائلته أي مكروه.

وفي السياق نفسه، تعرضت مراسلة محطة المر التلفزيونية نوال بري لهجوم في وسط بيروت خلال الأيام الأولى من التظاهرات، على يد مؤيدين وحلفاء لحزب الله.

كذلك، واجهت ديما صادق ولونا صفوان هجمات سيبرانية متواصلة وحملات تنمر من حسابات داعمة لحزب الله.

وفي الإطار نفسه، أشار الكاتب السياسي أسعد بشارة إلى أن حزب الله وحلفاءه في لبنان معروفون بإسكاتهم الصحافيين وقمع الحريات كلما حاول الإعلام أداء واجباته ضمن حدود القانون.

وأضاف "شهدنا أحداثا كبيرة بموضوع الحريات في لبنان، منها اغتيال الصحافيين جبران تويني وسمير قصير [في العام 2005] وإحراق مقر صحيفة المستقبل [في 2008]، ومؤخرا اغتيال الناشط لقمان سليم".

وتابع "كل من يتجرأ على قول الأمور كما هي، يتعرض للتهويل أولا فلوسائل أخرى لإسكاته"، مضيفا أن "المسار العام للحريات في لبنان على انحدار".

من جهتها، اعتبرت الصحافية بتجمع نقابة الصحافة البديلة إلسي مفرج أن قضية سيف الدين مؤشر لما يحصل مع الأصوات الحرة بمناطق نفوذ حزب الله وحركة أمل، "لجهة إما عليك أن تكون مع هذا الثنائي وأما ضده".

وأكدت أن الصحافيين الذين ينتقدون حزب الله يتعرضون للاعتداء والترهيب والمضايقات ويجبرون على مغادرة مناطقهم لتجنب الاعتداء الجسدي المباشر.

ولفتت مفرج إلى أنه عبر دعم سيف الدين بتغطية محنتها في الإعلام والتدخل لإنفاذ القانون، ترفع نقابة الصحافة البديلة راية الحريات العامة وحرية التعبير للصحافيين.

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500