كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان يوم الثلاثاء، 1 حزيران/يونيو، أن الحرب السورية التي تدوم منذ عقد من الزمن أسفرت عن مقتل نحو نصف مليون شخص، وذلك بحسب ما ظهر في حصيلة جديدة صدرت مؤخرا ووثقت 100 ألف حالة وفاة مؤكدة جديدة.
وقال المرصد إن الحرب أودت منذ اندلاعها في عام 2011 بحياة 494 ألف و438 شخصا، في ظل قمع النظام للاحتجاجات المناهضة للحكومة بصورة وحشية.
وكانت الحصيلة السابقة التي صدرت في آذار/مارس من العام الجاري قد بلغت أكثر من 388 ألف قتيل.
وقال المرصد إنه "على الرغم من كل الصعوبات والعقبات والضغوط الشديدة"، تمكن فريق التوثيق التابع له خلال جهود استمرت 6 أشهر من تسجيل 105 آلاف و15 حالة وفاة إضافية.
وفي إشارة إلى هذه الوفيات الإضافية، أوضح رئيس المرصد رامي عبد الرحمن أن "أغلبها حدث بين نهاية عام 2012 وشهر تشرين الثاني/نوفمبر 2015".
وأشار المرصد إلى أن من بين الوفيات المؤكدة مؤخرا، أكثر من 42 ألفا هم من المدنيين وقد قُتل معظمهم تحت التعذيب في سجون النظام السوري.
وأضاف عبد الرحمن أن الهدوء على جبهات القتال سمح للفريق بالتحقيق في تقارير عن وفيات لم يتم توثيقها ضمن الحصيلة الإجمالية بسبب نقص المستندات ذات الصلة.
وأردف "لقد أتيحت لنا نافذة لتوثيق عشرات الآلاف من الحالات التي كنا نفتقر إلى أدلة بشأنها".
وفي تقديرات سابقة، زعم المرصد أن ما لا يقل عن 100 ألف شخص لقوا حتفهم بسبب التعذيب أو نتيجة للظروف المروعة في سجون النظام، مع دخول نصف مليون شخص إليها منذ العام 2011.
’معاملة لاإنسانية وتعذيب‘
ويشتهر نظام الرئيس السوري بشار الأسد بإساءة معاملة السجناء، وقد تم توثيق استخدامه للتعذيب توثيقا جيدا.
وفي كتابها الصادر عام 2018 تحت عنوان "حين تتحدث الزنازين"، سردت الكاتبة السورية غادة بكير أسماء 600 سوري اعتقلهم النظام من محافظة إدلب وحدها وتوفوا في السجن بسبب التعذيب.
وقالت بكير إن أحد التحديات الرئيسة التي واجهتها أثناء العمل على الكتاب كان رفض بعض العائلات تقبل وفاة أبنائها.
وأضافت أن الكثيرين ما يزالون يتشبثون بالأمل في أنهم على قيد الحياة وقد يعودون في يوم من الأيام.
وفي تقرير صدر في 1 آذار/مارس، قالت لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في سوريا إن الرجال والنساء والفتيان والفتيات المحتجزين من قبل النظام أو القوات الموالية له تعرضوا لمعاملة لاإنسانية وللتعذيب، بما في ذلك الاغتصاب.
وجاء في التقرير أنه "تم على نطاق واسع توثيق ما لا يقل عن 20 وسيلة مروعة مختلفة للتعذيب تستخدمها الحكومة السورية".
وذكر التقرير "تشمل هذه الوسائل الصعق بالصدمات الكهربائية وحرق أجزاء من الجسم وقلع الأظافر والأسنان والإعدام الوهمي وحشر المعتقلين في إطار سيارة وصلب أو تعليق الأفراد من طرف أو طرفين لفترات طويلة تترافق في كثير من الأحيان مع الضرب المبرح".
جهود لمحاسبة الأسد
هذا وأقرت الحكومة الأميركية قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين عام 2019 بهدف محاسبة نظام الأسد على جرائمه.
وعاود الأسد الأسبوع الماضي تربعه على كرسي الرئاسة بعد انتخابات رئاسية "هزلية"، وصفها مراقبون دوليون بأنها لم تكن لا حرة ولا نزيهة.
وسمي قانون قيصر على اسم مصور عسكري سوري سابق هرب من البلاد عام 2013 وبحوزته 55 ألف صورة تظهر الوحشية المرتكبة في سجون النظام، وبعضها لجثث مشوهة عُلّم جبينها بالأرقام.
ويعاقب القانون الشركات التي تتعامل مع النظام في جميع أنحاء العالم، ويحظر إرسال أي مساعدات أميركية لإعادة الإعمار حتى يتم تقديم مرتكبي الانتهاكات في الحرب السورية إلى العدالة.
وفي هذا السياق، أكد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في 31 آذار/مارس أنهم سيطالبون "بمساءلة" النظام السوري والجماعات المتطرفة وغيرها من الجماعات المسلحة على خلفية جرائم حرب مزعومة ارتُكبت منذ بدء الحرب.
وقال الوزراء الـ 18 في بيان مشترك نشر على الموقع الإلكتروني لوزارة الخارجية الفرنسية، إن "بلداننا ملتزمة بضمان عدم إفلات مجرمي الحرب والجلادين من العقاب".
وأضاف الوزراء "لن نبقى صامتين في وجه الفظائع التي حدثت في سوريا والتي يتحمل النظام وداعموه الخارجيون المسؤولية الرئيسة عنها".
وتابعوا "تقع على عاتق الجميع مسؤولية محاربة الإفلات من العقاب والمطالبة بالمساءلة عن الجرائم المرتكبة في سوريا بغض النظر عن الجاني".
النظام وحلفاؤه وراء وفاة العدد الأكبر من الضحايا
وترفع الأرقام الجديدة التي نشرها المرصد إجمالي عدد القتلى المدنيين في الحرب الدائرة في سوريا إلى 159 ألف و774 قتيلا، مع تسبب هجمات قوات النظام السوري والميليشيات المتحالفة معها بسقوط غالبية الضحايا.
ومن المعروف أن الميليشيات التي شكلها ويديرها فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني وبينها لواء فاطميون، قد تدخلت سرا وعلنا لإبقاء النظام السوري في السلطة وقمع خصومه.
وتلقى النظام السوري الدعم أيضا من الميليشيات المدعومة من روسيا وما يسمى بشركات الأمن الخاصة.
ووثق المرصد أيضا ما لا يقل عن 57 ألف و567 حالة وفاة في السجون ومراكز الاحتجاز الحكومية منذ العام 2011، في حصيلة تزيد عن الـ 16 ألف حالة وفاة المؤكدة والتي أعلن عنها في آذار/مارس.
وأفاد أيضا عن مقتل 168 ألف و326 عنصرا من الجيش السوري ومقاتلي الميليشيات المتحالفة معه، علما أن عدد القتلى في صفوف القوات السورية يشكل أكثر من نصف هذه الحصيلة.
وأسفرت الحرب عن مقتل 68 ألف و393 متطرفا، معظمهم من عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) أو جماعات مرتبطة بالقاعدة كهيئة تحرير الشام، فضلا عن 79 ألف و844 عنصرا من جماعات المعارضة.
وخلال جائحة كورونا، تحول الاهتمام إلى مكافحة كوفيد-19. فشهد عام 2020 أقل عدد من الوفيات المرتبطة بالحرب منذ اندلاعها إذ بلغ 10 آلاف حالة وفاة، وفقا للمرصد.