قال مراقبون إن ميليشيا كتائب حزب الله العميلة لإيران تعتبر شريان الحياة الأساسي للحرس الثوري الإيراني في العراق، إذ أنها تنفذ هجمات على البنية التحتية والمدنيين والقوات الأجنبية بناء على أوامر الجمهورية الإسلامية.
وتعتبر الميليشيا واحدة من أبرز المجموعات المسلحة التي تدعمها إيران في العراق، وهي تتلقى المال والسلاح والتدريب من الحرس الثوري الإيراني الذي يستخدمها لتنفيذ أعمال استفزازية وإرهابية بالعراق.
وبناء على أوامر فيلق القدس، ذراع الحرس الثوري للعمليات الخارجية، تواصل كتائب حزب الله والميليشيات المسلحة المتحالفة معها تقويض أمن العراق عبر مواصلة إطلاق الصواريخ المصنعة في إيران على المباني المدنية والمنشآت العسكرية.
ففي 8 أيار/مايو، تحطمت طائرة مسيرة مفخخة في قاعدة عين الأسد الجوية في غربي العراق التي تستضيف قوات أميركية ودولية. وسبق أن استهدفت القاعدة نفسها بصواريخ يوم 4 أيار/مايو.
ويوم 3 أيار/مايو، استهدفت قاعدة بلد الجوية في هجوم هو الرابع من نوعه هذا العام. كما تعرض مطار بغداد في اليوم نفسه لهجوم بصاروخين.
وعلّق الجيش العراقي في بيان أن مثل هذه الممارسات "خارجة عن القانون وهدفها إضعاف قدرات القوات الأمنية ولن تمر دون حساب".
وطالت سابقا العشرات من الصواريخ الإيرانية المنطقة الخضراء وسط بغداد والمطار الدولي في العاصمة وعدة قواعد عسكرية، ما أسفر عن وقوع ضحايا مدنيين وعسكريين وأضرار بالبنية التحتية.
'المشروع الإيراني'
من جهته اعتبر المستشار بالمركز العراقي للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل حسين، أن هذه الاعتداءات "جزء من الأنشطة المؤذية" التي تقترفها كتائب حزب الله وبقية الفصائل الشريكة معها، والتي يزيد عددها على 34 فصيلا مسلحا.
وأضاف أن جميع تلك الفصائل تعمل لصالح الحرس الثوري الإيراني وتستمد قوتها من دعم الإيرانيين لها.
وتابع أن ميليشيا الكتائب وواجهاتها هي الأدوات الرئيسة للمشروع الإيراني الهادف لتطبيق عقيدة ولاية الفقيه في العراق، والتي تدعو للولاء للمرشد الأعلى الإيراني.
ونوّه حسين إلى أن الحرس الثوري الإيراني يجند ويسلح كتائب حزب الله ووكلاء آخرين في العراق ويمدهم بالأموال لتحقيق المشروع الإيراني في العراق ودول أخرى من المنطقة.
إلا أن هذه الجهود لها تداعيات خطيرة على سيادة العراق ومصالحه وسمعته.
وشكل الهجوم بطائرة مسيرة تحمل قنابل على قاعدة عين الأسد الشهر الجاري ثاني عملية تستخدم فيها الميليشيات سلاح المسيرات المفخخة ضد قاعدة عسكرية في البلاد.
ففي يوم 14 نيسان/أبريل، اصطدمت طائرة مسيرة محملة بالمتفجرات بمبنى مطار أربيل.
وأكد حسين أن سلوك الكتائب والميليشيات الإيرانية الأخرى يضع العراق أمام منزلق خطير، إذ أن هذه الجماعات التي تدعم الأجندة الإيرانية مصرة على عدم الامتثال للقانون وتحدي السلطات العراقية.
نشر الفوضى
ولاحظ مراقبون أن كتائب حزب الله وباقي وكلاء إيران مسؤولون عن عمليات التصفية الجسدية التي طالت نشطاء وإعلاميين معارضين للتدخلات الإيرانية في شؤون بلادهم.
ويعتبر الناشط إبراهيم الوزني، الذي اغتيل في كمين نصبه مسلحون أمام منزله في كربلاء يوم 9 أيار/مايو الجاري، آخر ضحايا رصاص الميليشيات.
وذكر المحلل السياسي أحمد شوقي أن ما تبحث عنه كتائب حزب الله والميليشيات هو نشر الفوضى وإفراغ المجتمع من الأفراد المؤثرين الذين يفضحون حقيقتها وارتباطاتها المتجذرة بالمصالح الإيرانية.
وقال إن على الحكومة إظهار المزيد من الحزم تجاه هذه الجماعات التي تقتل الناشطين والإعلاميين وتطلق الصواريخ التي يذهب ضحيتها أبرياء، وتنظم الاستعراضات العسكرية في الشوارع وتنخرط في الأنشطة المدمرة للاقتصاد الوطني.
وأوضح أن تلك الأنشطة تتضمن عمليات التهريب وفرض الإتاوات والفساد المالي الإداري وخلق البيئة الطاردة للاستثمارات.
وفي مؤشر على عزم الحكومة ملاحقة قتلة الناشطين، قامت قوة أمنية خاصة يوم 12 أيار/مايو الجاري بمداهمة منزل قيادي بميليشيا عصائب أهل الحق في البصرة يدعى صباح الوافي، لكنه فر قبل اعتقاله.
وهذا القيادي متهم بتنفيذ اغتيالات سابقة لناشطين بالمحافظة.
وقبل شهرين، أُعلنت الحكومة عن اعتقال 15 عنصرا وقياديا تابعين لكتائب حزب الله وميليشيات أخرى نافذة بالبصرة.
وقالت إنهم ينتمون لفرق اغتيالات مهمتها تصفية المعارضين للنفوذ الإيراني.
العلاقات مع دول الخليج
وأشار شوقي إلى أن العراق يمثل منطقة ارتكاز إقليمي وأن الاستقرار والسلام فيه هو استقرار للمنطقة. وتدرك إيران هذه الحقيقة وتحاول دائما العبث بأمنه وإضعافه.
وشدد على أن سياسة الانفتاح التي ينتهجها العراق على الدول العربية والخليجية تهدف لعزل إيران ومقاومة تدخلاتها ونفوذها السيئ.
وفي مؤشر على تحسن العلاقات بين العراق والسعودية، زار رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الرياض في 31 آذار/مارس حيث أجرى مباحثات تطرقت للتعاون الأمني والعسكري.
ووقع الطرفان على خمس اتفاقيات لتعزيز التجارة والتعاون الاقتصادي والاستثمار.
وجاءت الزيارة بعد هجوم شن يوم 23 كانون الثاني/يناير استخدمت فيه طائرات مسيرة على قصر اليمامة ومواقع أخرى في الرياض ، في هجوم تبنته ميليشيا أولياء الدم، وهي مجموعة واجهة جديدة تابعة لكتائب حزب الله.