بغداد - قال مصدر أمني إن الشرطة العراقية اعتقلت الأربعاء، 26 أيار/مايو، أحد كبار المسؤولين في جماعة مسلحة تدعمها إيران بعد الاشتباه بأنه العقل المدبر وراء مقتل ناشط بارز.
ويعتبر قاسم مصلح أول مسؤول رفيع المستوى في جماعة شبه عسكرية يتم اعتقاله في قضية موجة الاغتيالات التي طالت الناشطين والصحافيين والتي بدأت عقب اندلاع احتجاجات ضد الفساد وضد إيران في عام 2019.
وكان الناشطون قد ألقوا باللائمة مرارا وتكرارا في عمليات الاغتيال على جماعات مسلحة مرتبطة بإيران. ويقولون إن الجناة معروفون لقوات الأمن، لكن لم يتم اعتقالهم خوفا من إيران وذلك رغم تعهد الحكومة بالتحرك.
وقال متحدث ومصادر شبه عسكرية مساء الأربعاء إن مصلح قد أطلق سراحه، لكن الحكومة لم تؤكد هذا الأمر بعد.
وأوضح المصدر الأمني أن استخبارات الشرطة اعتقلت مصلح فجرا في بغداد، علما أنه قائد العمليات شبه العسكرية في محافظة الأنبار.
وأضاف المصدر أن مصلح "أعطى الأمر بقتل إيهاب الوزني في 9 أيار/مايو وبقتل ناشط آخر هو فهيم الطائي في كانون الثاني/يناير 2019".
وقتل الطائي في كربلاء، حيث تتمتع الجماعات المسلحة الموالية لطهران بنفوذ كبير، وذلك أثناء عودته من الاحتجاجات.
وقد أظهرت لقطات فيديو نشرت على الإنترنت الطائي وهو ينزل من دراجة نارية أمام فندق الأنصار في البارودي. فتوقفت دراجة نارية أخرى خلفها وقام مسلح بإطلاق النار على الناشط قبل الفرار.
وقالت مصادر إن الطائي كان قد اتهم أطرافا غير محددة قبل مقتله بالتورط في محاولات لاغتيال ناشطين عراقيين.
وقد نجا الوزني الذي كان يقود الدرجة النارية من الموت بأعجوبة. ولكنه قتل بالرصاص في 9 أيار/مايو أمام منزله في كربلاء على يد رجال كانوا يستقلون درجات نارية ويستخدمون مسدسا مزودا بكاتم للصوت.
وكان قد انتقد طوال سنوات جماعات مسلحة عراقية ونفوذ إيران في البلاد، متزعما الاحتجاجات في كربلاء.
وقد اتهمت أسرة الوزني مصلح بقتله علنا، ورفعت والدته دعوى قضائية ضد هذا الأخير، بحسب ما أورده موقع ميدل إيست آي.
وقال مروان الوزني للموقع "إننا متأكدون من أنه العقل المدبر وراء اغتيال شقيقي".
وأضاف "قد يُخلى سبيله بسبب الضغوط المحلية والإقليمية، وقد تعمل جماعته على زعزعة الوضع الأمني. لكننا تلقينا وعدا من مجلس القضاء الأعلى بأن التحقيق في قضية مقتل إيهاب سيكون مهنيا ولن يخضع لأية ضغوط أو تدخلات سياسية محلية أو إقليمية".
قائد شبه عسكري تابع لإيران
وأوردت وكالة الأنباء العراقية أن خلية الإعلام الأمني العراقية قالت إن مصلح اعتقل بتهمة الإرهاب وأن التحقيقات جارية في الاتهامات الجنائية ضده.
وكان مصلح في الماضي قائدا للواء علي الأكبر وهو من جماعات العتبات المقدسة شبه العسكرية الأربعة المرتبطة بالمرجع الديني العراقي علي السيستاني.
ويعتبر الكثير من العراقيين أن تلك الجماعات شبه العسكرية التي كانت قد أنشأت في الأساس لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، قد تجاوزت غرضها، حيث أن البعض منها بات يهدد شرعية الدولة ومؤسساتها الرسمية.
وفي أيار/مايو الماضي، قرر السيستاني دمج الجماعات شبه العسكرية الأربعة التابعة له والتي يتحدر مقاتلوها من النجف وكربلاء، في الجيش العراقي.
وأفاد موقع ميدل إيست آي أن مصلح قد انفصل عن الجماعة منذ فترة طويلة.
فتم تجنيده منذ 3 أعوام من قبل القائد الأعلى للهيئة شبه العسكرية أبو مهدي المهندس، علما أن هذا الأخير قد قتل بالقرب من مطار بغداد في كانون الثاني/يناير الماضي مع الجنرال الإيراني قاسم سليماني في غارة جوية أميركية.
وشكّل في وقت لاحق ميليشيا تدعمها إيران وهي لواء الطفوف، وأصبح بعد ذلك قائد العمليات شبه العسكرية في محافظة الأنبار.
هذا واكتشفت سلطات الأنبار مؤخرا مقبرة جماعية بالقرب من الفلوجة فيها رفات "العشرات" من المدنيين الذين قُتلوا على ما يبدو من مسافة قريبة على يد الميليشيات العراقية المدعومة من إيران في المنطقة، بحسب ما قاله مسؤولون الأسبوع الماضي.
ʼلا أحد فوق القانونʻ
ومن المتوقع أن تؤدي عملية الاعتقال إلى توترات، حيث أنها تخلق احتكاكا بين الجيش العراقي والجماعات شبه العسكرية، ولا سيما تلك التابعة لإيران.
وبعد اعتقال مصلح مباشرة، منعت القوات العراقية الدخول إلى المنطقة الخضراء في وسط بغداد حيث يقع مقر العديد من السفارات والوزارات.
وسارع قادة الجماعات شبه العسكرية إلى إصدار بيان تعهدوا فيه بأنه "سيتم إطلاق سراح [مصلح] في الساعات القادمة"، وقال شهود عيان إنهم قاموا بنشر مسلحين ومركبات مدرعة على جسر 14 تموز الذي يؤدي إلى المنطقة الخضراء.
وشجبت الممثلة الخاصة للأمم المتحدة في العراق جينين-هينيس بلاسخارت، هذا التحرك على موقع تويتر.
وقالت إن "أية عملية اعتقال ينبغي أن تأخذ مسارها، وهو ما ينطبق على أي مواطن عراقي. وبالتأكيد، لا يجب أن تلجأ أي جهة لاستعراض للقوة من أجل تحقيق ما تريده".
وتابعت أن "مثل هذا السلوك يضعف الدولة العراقية ويقوض ثقة الناس أكثر. يلزم احترام مؤسسات الدولة في كل الأوقات. لا أحد فوق القانون".
هذا وتظاهر الآلاف في بغداد والبصرة يوم الثلاثاء للمطالبة بالعدالة في الهجمات القاتلة التي استهدفت الناشطين والصحافيين.
وقتل متظاهران أثناء المسيرات.
نتمنى المزيد من كشف القتلة وسيادة القانون لكي يتحقق السلم المجتمعي الذي لا بديل عنه لحل مشاكل العراق
الرد1 تعليق