عدالة

الصحافيون اللبنانيون يواصلون فضح أعمال حزب الله على الرغم من التهديدات

نهاد طوباليان

الصحافية ديما صادق تشارك في تظاهرة خارج قصر العدل في بيروت. وقد تلقت صادق تهديدات بشكل ممنهج بسبب تحدثها صراحة ضد حزب الله. [زياد حاتم/المشارق]

الصحافية ديما صادق تشارك في تظاهرة خارج قصر العدل في بيروت. وقد تلقت صادق تهديدات بشكل ممنهج بسبب تحدثها صراحة ضد حزب الله. [زياد حاتم/المشارق]

بيروت -- أعرب صحافيون معارضون لحزب الله عن عدم خوفهم من حملات التهديد التي يشنها الحزب لإسكاتهم ويقولون إنهم سيواصلون فضح أفعاله المزعزعة للاستقرار في لبنان.

ففي السنوات الأخيرة، رفع حزب الله عددا من الدعاوى القضائية ضد صحافيين معارضين له، آخرها دعوى ضد الصحافية ديما صادق لاتهامها إياه باغتيال الناشط السياسي لقمان سليم.

وعُثر على جثة سليم وهي مصابة بوابل من الرصاص في جنوب لبنان يوم 4 شباط/فبراير. وكان سليم منتقدًا شرسًا لحزب الله، وكان قبل مقتله قد وجه مسبقا أصابع الاتهام لحزب الله وحليفته حركة أمل في حال أصيب هو أو أي فرد من عائلته بأذى.

وفي حلقة من برنامجها الأسبوعي "حكي صادق" عرضت على قناة المر اللبنانية (أم.تي.في) يوم 8 شباط/فبراير، اتهمت صادق حزب الله بقتل سليم، قائلة "لن ننتظر تحقيقا لن يأتي لنقول ذلك علنا".

متظاهرون يحتشدون أمام قصر العدل في بيروت في أيلول/سبتمبر الماضي. [زياد حاتم/المشارق]

متظاهرون يحتشدون أمام قصر العدل في بيروت في أيلول/سبتمبر الماضي. [زياد حاتم/المشارق]

زهور تزين النصب التذكاري للناشط لقمان سليم في حديقة عائلته في منطقة حارة حريك جنوب بيروت. [زياد حاتم/المشارق]

زهور تزين النصب التذكاري للناشط لقمان سليم في حديقة عائلته في منطقة حارة حريك جنوب بيروت. [زياد حاتم/المشارق]

وأكدت أسرة سليم أنها تعرف من يقف وراء مقتله،، معربين في الوقت عينه عن عدم ثقتهم في القضاء لتحقيق العدالة الحقة.

وفي 16 شباط/فبراير، قدم المحامي اللبناني غسان المولى شكوى إلى النيابة العامة التمييزية ضد صادق ومحطة أم.تي.في نيابة عن إعلاميين موالين لحزب الله.

وتزامن رفع هذه الدعوى مع خطاب متلفز ألقاه زعيم حزب الله حسن نصر الله رفض فيه الاتهام الموجه لحزبه بقتل سليم.

وسبق لنصر الله أن هدد وسائل إعلام حملت حزبهمسؤولية انفجار 4 آب/أغسطس في مرفأ بيروت أو اتهمته بالتورط في تهريب المخدرات.

وكانت النيابة العامة قد وجهت إلى صادق ومحطة أم.تي.في في 1 نيسان/أبريل تهم "إثارة النعرات الوطنية والطائفية والحض على الصراع بين عناصر الأمة والإساءة المتكررة لرئيس الجمهورية".

تهديدات حزب الله لن تردعني

وقالت صادق للمشارق إن حزب الله يهاجم خصومه "برفع دعاوى قضائية ضد من يتهمونه باغتيال لقمان سليم"، واصفة الحملة والدعوى ضدها بـ "المضحكة".

وأضافت "نطالب القضاء بمعرفة من قتله".

وأكدت صادق إن الحزب "لم يتوقف عن مضايقتي وتهديدي منذ 2012"، مضيفة أن هذا "الأمر أصبح يوميا بالنسبة لي، لكنه لن يردعني عن القيام بواجباتي كإعلامية مهما كان حجم التهديدات لأن أساس عملنا هو الحفاظ على الحريات وكشف الحقائق".

وكان المولى قد رفع دعوى قضائية في حزيران/يونيو ضدرجل الدين الشيعي علي الأمين، بحجة أنه "هاجم المقاومة وشهداءها".

وبحسب الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام، فقد شملت التهم الموجهة للأمين "إثارة النعرات الطائفية والتحريض على الفتنة بين الطوائف"، إضافة إلى "انتقاد الشعائر الدينية".

هذا وقد ازدادت هجمات حزب الله على وسائل الإعلام بعد اندلاع الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد في تشرين الأول/أكتوبر 2019 بشأن الاقتصاد والفساد الحكومي.ودعا المتظاهرون خلالها إلى نزع سلاح حزب الله.

وتعرضت مراسلة أم.تي.في نوال بري لاعتداء في الأيام الأولى للاحتجاجات بوسط بيروت على أيدي أنصار حزب الله وحلفائه.

فقد عمد هؤلاء إلى تحطيم الكاميرا وسرقة الميكروفون الذي كانت تحمله، ولم يتورعوا عن البصق عليها وركلها في ساقها، بحسب أسوشيتد برس.

وفي هجوم آخر مماثل، استُهدفت مراسلة قناة أم.تي.في جويس عقيقي في 6 آذار/مارس عندما حاول عناصر حزبيون مقاطعة تغطيتها الإعلامية ومنعها من بث تقريرها.

جهود لإسكات المعارضين

وفي السياق نفسه، قالت الصحافية الشيعية والمعارضة لحزب الله لونا صفوان إن الحزب يلجأ إلى التهديدات النفسية والجسدية وشن حملات عبر وسائل التواصل الاجتماعي لإسكات الصحافيين وإرهاقهم.

وأضافت أن حزب الله يستثمر الوقت والموارد للانتقام من الشيعة الذين ينتقدون خطابه أو سياساته، مستخدما الترهيب الجسدي والتهديدات الشخصية.

وأكدت صفوان أنها تلقت تهديدا من حزب الله "لمجرد انتقادي سياسته على مواقع التواصل الاجتماعي".

وشددت صفوان أنه "على الرغم من كل الاعتداءات، لا يسمح لي ضميري الإنساني والصحافي بالسكوت"، في ظل ما يتعرض له لبنان من تهديدات ومحاولات حزب الله وغيره من الأطراف السيطرة عليه بالقوة.

وأردفت "سأواصل معركتي ضد السلاح [غير الشرعي] الذي يسهم في تقسيم البلد".

من جانبه، رأى مدير الأخبار والبرامج السياسية بقناة الـ أم.تي.في الإعلامي غياث يزبك أن نهج حزب الله بإسكات الأصوات الحرة هو "مسار مخيف يترسخ أكثر فأكثر ويُعبر عن سياسة الحزب ودعمه لمصالح إيران".

وأوضح أن "المسار الأساسي لحزب الله هو تسريع سيطرته على لبنان وإخراجه من المنظومة العالمية، وهو الأمر الذي يتطلب إسكات الأصوات [المعارضة] والإعلام الحر".

ولفت إلى أن الحزب "يسعى لإسكات واغتيال الإعلام الشيعي الحر لأنه فضحه"، متهما إياه باختطاف النظام القضائي اللبناني.

’تحريض وتنمر‘

من جهته، أشار المدير التنفيذي لمؤسسة سمير قصير أيمن مهنا إلى أن المؤسسة "تراقب ما يتعرض له الإعلاميون من تهديدات شخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، وثُبت وجود كم ضخم من التحريض والتنمَر على تلك المواقع".

وتصف المؤسسة، وهي منظمة مدنية لا تهدف للربح، رسالتها بأنها "نشر الثقافة الديمقراطية في لبنان".

وأضاف "لاحظنا تركيزا ممنهجا على صحافيات ومعارضات من الطائفة الشيعية وذلك من قبل جيوش إلكترونية وحسابات تُنشأ خصيصاً للتنمر [على المعارضين] وتهديدهم كما هي الحال مع ديما صادق".

وتابع أن المؤسسة أجرت استقصاء حول الأخبار المضللة التي تناولت اغتيال سليم، فتبين استخدام شخصيات وهمية للتضليل الإعلامي.

وذكر أن الصحافيين الاستقصائيين كشفوا عن عمليات ممنهجة للتضليل وحملات لكف أفواه المعارضين.

وختم مهنا قائلا أنه في ظل غياب قضاء مستقل في لبنان، فإن التكتيك الذي يستخدمه حزب الله مؤخرا هو اللجوء إلى النظام القضائي.

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500