لاهاي -- في أعقاب تحقيقها حول المسألة، قالت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الاثنين، إن النظام السوري استخدم سلاح كيميائي هو غاز الكلور في هجوم شنه على بلدة سراقب بمحافظة إدلب عام 2018.
وهذا التقرير هو الثاني الذي يعده فريق تحقيق شكلته المنظمة.
وأضافت المنظمة في بيان أن فريق التحقيقات وتحديد المسؤولية التابع لها "خلص إلى أن وحدات من سلاح الجو السوري استخدمت الأسلحة الكيميائية في سراقب يوم 4 شباط/فبراير 2018".
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن "استخدام الأسلحة الكيميائية في أي مكان ومن قبل أي أحد وتحت أي ظروف أمر لا يمكن التسامح فيه، كما أن الإفلات من العقاب على استخدامها أمر غير مقبول بالدرجة نفسها".
وتابع أنه "من الضروري تحديد هوية كل من استخدموا الأسلحة الكيميائية ومحاسبتهم".
من جانبه، قال وزير الخارجية الفرنسي جان-إيف لو دريان إن الدليل على استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل النظام السوري "موثق ولا يمكن دحضه"، داعيا "لرد ملائم" من قبل المجتمع الدولي.
أما وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، فقال إنه "يجب محاسبة المسؤولين [عن هذا الهجوم]".
هجوم ليلي
وجاء في تقرير المنظمة أنه "توجد أسباب معقولة للاعتقاد بأنه قرابة الساعة 21:22 يوم 4 شباط/فبراير من عام 2018، قصفت مروحية عسكرية تابعة لسلاح الجو العربي السوري تحت سيطرة قوات النمر المنطقة الشرقية من بلدة سراقب بإلقاء أسطوانة على الأقل".
"وانشطرت الأسطوانة مطلقة غاز الكلور في منطقة واسعة، ما أثر على 12 فردا تم تحديد هويتهم".
وأشارت المنظمة من مقرها في لاهاي، إلى أن محققيها قابلوا 30 شاهدا وحللوا عينات تم جمعها من الموقع وراجعوا الأعراض التي أبلغ عنها الضحايا وأفراد الأطقم الطبية ودققوا في صور الأقمار الاصطناعية للوصول إلى استنتاجاتهم.
وأوضح التقرير أن الأعراض "تضمنت ضيق في التنفس وتهيج الجلد وألم في الصدر والسعال".
وكان عضو تنسيقية سراقب محمد الخالد قد قال بعيد الهجوم، إنه بعد القصف الذي قامت به المروحية مباشرة، دفعت الروائح الكريهة التي ملأت الجو الأهالي إلى البقاء بعيدا عن المنطقة التي تعرضت للضرب.
وأضاف أن فرق الدفاع المدني والمسعفين وصلوا إلى مكان القصف "وأدركوا على الفور أن غازات سامة أطلقت، مرحجين أن تكون الفسفور والكلور".
وبحسب الدفاع المدني (الخوذ البيضاء)، تم تسجيل 12 حالة عانت من أعراض تشبه أعراض الاختناق، مع مواجهة تسعة مدنيين وثلاثة من عناصر الدفاع المدني صعوبات في التنفس.
وعولجوا في مكان الحادث بأقنعة الأوكسجين والرش بالماء، وتم نقلهم إلى المراكز الطبية المحلية لمتابعة العلاج ووضعهم قيد المراقبة.
وقالت المنظمة إنها "تأسف" لأن النظام السوري رفض السماح لها بالوصول إلى الموقع الذي يقع على بعد 50 كلم جنوب حلب، على الرغم من الطلبات المتكررة.
وكانت المبعوثة الأميركية للأمم المتحدة ليندا توماس-غرنفيلد قد اتهمت يوم 4 آذار/مارس حلفاء النظام السوري، ولا سيما روسيا، بالسعي لعرقلة الجهود الرامية لمساءلة النظام السوري على استخدام الأسلحة الكيميائية.
'لا بد من صدور أوامر'
وكان فريق منظمة حظر الأسلحة الكيميائية قد أصدر تقريره الأول منذ عام وقال فيه إن سلاح الجو التابع لنظام الرئيس السوري بشار الأسد استخدم غاز الأعصاب السارين والكلور في هجومين على اللطامنة في شمال ريف حماة في آذار/مارس 2017.
وعلى الرغم من الاعتراضات الشديدة من النظام السوري وروسيا، فإن الدول الأعضاء بالمنظمة صوتوا في عام 2018 على تشكيل فريق لتحديد المسؤولية في الهجمات. وفي السابق، كان بوسع المنظمة أن تقول فقط ما إذا كانت هجمات بالأسلحة الكيميائية قد وقعت أم لا.
هذا واستمرت سوريا في إنكار استخدام الأسلحة الكيميائية وتصر على أنها سلمت مخزوناتها منها بموجب اتفاق لعام 2013 تم التوصل إليه إثر هجوم على الغوطة الشرقية اشتبه باستخدام غاز الكلور فيه وأسفر عن مقتل 1400 شخص.
لكن محققي المنظمة قالوا إنهم يعتقدون أن الأوامر لشن هجوم سراقب لعام 2018 لا بد وأنها صدرت من جهات عليا، إذ لم يكن ثمة مؤشرات على مسؤولية "عناصر أو أفراد مارقين".
وذكر التقرير حول الهجوم أن "فريق التحقيقات وتحديد المسؤولية حصل على معلومات من مصادر متنوعة تشير إلى أنه لكي تستخدم الأسلحة الكيميائية بالطريقة المبينة أعلاه، فإنه لا بد من صدور أوامر بذلك".
وقالت المنظمة إنه مع أنها لم تحدد "تسلسل قيادي محدد"، فإنه يبدو أن القيادة العامة للقوات المسلحة السورية قد فوضت "قادة المستوى العملياتي" في اتخاذ القرارات حول استخدام غاز الكلور.
يذكر أن الدول الأعضاء بالمنظمة ستصوت في وقت لاحق من هذا الشهر على فرض عقوبات على سوريا، بما في ذلك تعليق حقوق التصويت التي تتمتع بها في المنظمة، وذلك بسبب إخفاقها في الالتزام بقواعدها.