أمن

إيران تتبع سياسة ممنهجة لزيادة المزارات الشيعية في شرقي سوريا

وليد أبو الخير

عناصر من فرقة فاطميون المدعومة من الحرس الثوري الإيراني في مرقد السيدة زينب بدمشق يوم 8 يناير/كانون الثاني. [فاطميون]

عناصر من فرقة فاطميون المدعومة من الحرس الثوري الإيراني في مرقد السيدة زينب بدمشق يوم 8 يناير/كانون الثاني. [فاطميون]

في مسعى لتوسيع نفوذه وتأثيره في شرق سوريا، بدأ الحرس الثوري الإيراني تنفيذ سياسة ممنهجة في محافظة دير الزور عمودها الفقري زيادة عدد المزارات والمواقع الدينية الشيعية.

وقال مراقبون إنه عبر إمالة دفة البيئة الدينية لصالحه، يهدف الحرس الثوري الإيراني للدفع قدما بعملية التغيير الديمغرافي في هذه المنطقة من سوريا ومنح الميليشيات التابعة له المبرر اللازم للانتشار فيها "دفاعا" عن هذه المزارات.

وفي هذا السياق، قال المحامي السوري بشير البسام إنه بعد هزيمة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) العسكرية، سعى الحرس الثوري الإيراني لتوسيع نفوذه وترسيخه في محافظة دير الزور الواقعة شرق سوريا على الحدود مع العراق.

ولفت إلى أن الحرس نجح في مسعاه عبر الترويج لعقيدة ولاية الفقيه التي تدعو للولاء للمرجع الأعلى الإيراني، ومحاولة صبغ المنطقة "بطابع شيعي لم يكن يميزها قبل مجيئهم".

جامع الحسن والحسين (يسار) في حي الجورة بمدينة دير الزور يديره الوقف الشيعي. [صدى الشرقية]

جامع الحسن والحسين (يسار) في حي الجورة بمدينة دير الزور يديره الوقف الشيعي. [صدى الشرقية]

​​مزار نبع علي يشاهد هنا وهو محاط بسور، وتظهر في الصورة أيضا منطقة المزرعة التي تمت مصادرتها لإقامة فندق واستراحة للزوار والحجاج. [Google Earth]

​​مزار نبع علي يشاهد هنا وهو محاط بسور، وتظهر في الصورة أيضا منطقة المزرعة التي تمت مصادرتها لإقامة فندق واستراحة للزوار والحجاج. [Google Earth]

وبدأ تنفيذ هذا المخطط على أيدي عناصر الحرس الإيرانيين وبمساعدة الميليشيات التابعة له، وتطور بعد ذلك بإنشاء فرق كشافة ووضعها تحت إشراف المراكز الثقافية الإيرانية "حتى بات هذا الأمر يقع على عاتق ما يسمى بالوقف الشيعي في دير الزور".

وأضاف البسام أن الحرس الثوري الإيراني تمكن عبر الوقف الشيعي من وضع يده على العديد من المباني والأراضي في المحافظة، حيث أقام مزارات ومراكز دينية ومنشآت خدماتية لوجستية.

ويؤشر كل ذلك إلى نيته جعل المنطقة وجهة للرحلات الدينية والحجاج القادمين من العراق وإيران ولبنان.

وأشار إلى أن النظام السوري عمد من جهة أخرى إلى "تسهيل توسع أنشطة الوقف الشيعي"، عبر السماح لمديرية الأوقاف التابعة للحكومة بالتعاون معه.

وأوضح أن الوقف الشيعي حصل على تصاريح خاصة للتصرف ببعض الأراضي والمباني واستخدامها لتحقيق غاياته.

وكشف البسام أن"مدير أوقاف دير الزور، مختار النقشبندي، يتواصل باستمرار مع القيميين على الوقف الشيعي والمركز الثقافي الإيراني لتسهيل مهمات الحرس الثوري الإيراني في المنطقة".

مصادرة الأراضي

إلى هذا، صادر الوقف الشيعي عقارات عدة في مدينتي دير الزور والميادين وفي بلدة البوكمال الحدودية.

ولفت لؤي الصوفي، وهو أحد سكان البوكمال، إلى أن الحرس اشترى أو صادر عقارات أخرى في "قرى القورية وحطلة والصعوة وجديدة عكيدات وأبو خشب وزغير جزيرة والكسرة".

وعن أبرز المزارات الدينية التي يديرها الوقف الشيعي في دير الزور، ذكر الصوفي "مسجد عمار بن ياسر في حي العمال والحسينية في حي هرابش".

وهناك في مدينة الميادين "جامع الحسن والحسين في حي الجورة وجامع عبد الرحمن بن عوف في حي الجمعيات وجامع التمو في حي التمو".

ويدير الوقف الشيعي في مدينة البوكمال مسجد الكراج (دوار الطيارة) وجامع عبدالله بن عباس.

إلى هذا، أكد الصوفي أن الحرس الثوري الإيراني أقام عددا من الحسينيات في بلدة حطلة، ويسيطر الآن على قبة الإمام علي في بلدة السويعية ومزار عين علي في بادية القورية.

وتابع الصوفي أن الوقف الشيعي يصادر الأراضي التي تقع بالقرب من مزار عين علي ليبنوا عليها "استراحات وفندق لاستقبال الزوار، عوضا عن الخيم المكيفة التي كانت تنصب سابقا لخدمتهم".

وضع اليد على الأضرحة الدينية القائمة

وقال الصوفي إن الحرس الثوري يكثف حاليا جهوده لتجنيد أبناء المنطقة في صفوف مختلف ميليشياته من داخل أروقة "المراكز الدينية"، عبر وعدهم برواتب مغرية وتلقي المساعدات والحماية الأمنية.

وفي محاولته جذب مجندين جدد، "يستغل المشاعر الدينية [ويلعب] على وتر ضرورة حماية المزارات الدينية زاعما أنها ستدمر إذا لم تؤمن لها الحراسة اللازمة"، حسبما تابع.

من جانبه، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان في 31 كانون الأول/ديسمبر، أن الحرس الثوري الإيراني بدأ أيضا دورة عسكرية وأيديولوجية في مدينة الميادين تستمر 40 يوما.

وأردف المرصد أن نحو 100 شخص من سكان الميادين والبلدات والقرى المجاورة قد التحقوا بالدورة.

وإضافة إلى بناء أضرحة جديدة، يعمل الحرس الثوري الإيراني على وضع يده على الأضرحة الدينية القائمة.

وفي هذا الإطار، قال أستاذ التاريخ السابق في جامعة حلب حيدر زيدان، المقيم حاليا في ألمانيا، إنه قد تم تحويل منطقة نبع علي إلى مزار شيعي تحت مسمى مزار عين علي.

وأوضح أن هذه المنطقة كانت تسمى قديما "عين أباغ" وهي موجودة منذ مئات السنين وشيدت فيها منارة عالية لإرشاد المسافرين بين العراق وسوريا.

وتابع أنها تعتبر من أهم المناطق الأثرية في المنطقة وتضم مواقع أثرية لم يتم الكشف عنها بالكامل بعد، معربا عن مخاوف من أن تكون أعمال الحفر التي قام بها الحرس الثوري قد دمرت أية آثار ما زالت مدفونة تحت الأرض.

وأوضح زيدان أن "ما يجري في محافظة دير الزور ليس بغريب عن أعمال الحرس الثوري"، مشيرا إلى تاريخه في استغلال الذرائع الدينية ونشر عقيدة ولاية الفقيه لتوسيع نفوذه.

وأضاف أن الحرس "تعمد زيادة عدد المزارات وجلب الحجاج والزوار ليبرر بعدها تمركز عناصر الميليشيات التابعة له لحمايتها وحماية زائريها".

وذكر أنه سبق للحرس الثوري الإيراني أن نفذ هذا التكتيك في العراق ولبنان ومناطق مختلفة من سوريا، "وقد فعل ذلك الآن في دير الزور".

ووفقا له، تحولت منطقة مزار عين علي إلى منطقة عسكرية "ولا يسمح بدخولها إلا للحرس الثوري الإيراني والميليشيات والزوار القادمين من داخل البلاد وخارجها، وتتم مواكبتهم بعد حصولهم على تصاريح الدخول".

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500