حتى بعدما وافقت الولايات المتحدة على بيع لقاحات كوفيد-19 لإيران، ما تزال الجمهورية الإسلامية مستمرة في خطابها المناهض للولايات المتحدة مركزة هذه المرة على لوجستيات دفع ثمنها.
وكان مكتب مراقبة الأصول الخارجية التابع لوزارة الخزانة الأميركية قد سمح يوم السبت، 26 كانون الأول/ديسمبر، ببيع لقاحات لإيران.
في المقابل، أعلن محافظ البنك المركزي عبد الناصر همتي يوم 24 كانون الأول/ديسمبر، أن إيران خصصت نحو 244 مليون دولار أميركي لشراء 16.8 مليون جرعة من لقاح كوفيد-19 عبر آلية كوفاكس.
وآلية كوفاكس هي آلية دولية تضم وكالات عدة أنشأت لضمان التوزيع العادل للقاحات لتصل إلى البلدان ذات الدخل المتوسط والمنخفض.
من جهة أخرى، قالت جمعية الهلال الأحمر الإيرانية يوم الاثنين إنها ستتلقى دفعة من لقاحات فيروس كورونا التي طورتها شركة فايزر وبيونتيك في غضون ثلاثة أسابيع.
ونقلت وكالة تسنيم شبه الرسمية عن مدير الجمعية كريم همتي قوله، أن نحو 150 ألف حقنة من اللقاح سترسل إلى إيران "بالتعاون مع مجموعة من فاعلي الخير في الولايات المتحدة". إلا أن الوكالة لم تقدم المزيد من التفاصيل.
وقالت وزارة الصحة الإيرانية إنها بحاجة لأكثر من 40 مليون جرعة من اللقاح لمحاربة الجائحة.
تحميل العقوبات مسؤولية سوء الإدارة
يذكر أن إيران لديها أعلى معدل من الإصابات بفيروس كورونا في منطقة الشرق الأوسط.
فاعتبارا من أواخر شهر كانون الأول/ديسمبر، أصيب أكثر من 1.2 مليون إيراني بالفيروس، توفي نحو 54 ألف منهم. وحتى مسؤولي الصحة الإيرانيين يعترفون أن عدد الإصابات والوفيات أعلى بكثير مما تشير إليه الإحصاءات الرسمية.
هذا وفشلت كل من إدارة الرئيس روحاني والحرس الثوري الإيراني، المسؤول جزئيا عن إدارة أزمة فيروس كورونا المستمرة، بصورة كبيرة في السيطرة على تفشي الوباء.
وقد لجأ الجانبان إلى روايات كاذبة لإخفاء سوء إدارتهما للأزمة.
ففي حين فشل النظام الإيراني في استجابته للأزمة ، دأب على تحميل العقوبات الأميركية مسؤولية النقص في الأدوية الأساسية التي يحتاجها الشعب الإيراني، وقد فرضت هذه العقوبات في إطار حملة الضغوطات القصوى التي شنتها الولايات المتحدة ضد إيران.
واليوم، تلوم إيران مجددا الولايات المتحدة، لكن اللوم يرتبط هذه المرة بعملية شراء اللقاح.
في السابق، انتقد روحاني وغيره من المسؤولين الإيرانيين الولايات المتحدة بسبب "استخدام العقوبات لتقييد التعاملات المصرفية الإيرانية"، قائلين إن هذه القيود حالت دون تمكنهم من شراء اللقاح عبر آلية كوفاكس.
ولكن في 21 كانون الأول/ديسمبر، قال النائب الإيراني السابق علي مطهري والذي مُنع من الترشح في انتخابات البرلمان (المجلس) الأخيرة، إن فشل إيران في الانضمام لفرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية قد أدى إلى إدراج إيران على اللائحة السوداء، ما تسبب بالتالي في خسارة حصتها التي تتكون من ثمانية ملايين لقاح لكوفيد-19.
وعلى الرغم من أن إيران كان أمامها طرق عدة للحصول على لقاح فيروس كورونا، فقد دأبت على اجتراع الذرائع لعدم فعل ذلك.
أولا، رفض روحاني أن يسمي البلد الذي "طلب منه شراء اللقاحات"، ثم ألقى باللائمة على العقوبات الأميركية في عدم قدرته على شراء اللقاح. والآن، بعدما وافقت الولايات المتحدة على بيع إيران اللقاحات، ما يزال يلوم الولايات المتحدة.
وبعد يوم من موافقة مكتب مراقبة الأصول الأجنبية على بيع اللقاحات، أبلغ روحاني فريق الاستجابة لفيروس كورونا في إدارته أن بلاده تنوي تحويل المال لشراء اللقاحات من بلد ثالث لم يذكره.
وانتقد روحاني المكتب لفرضه أن تتم عملية البيع عبر مصرف أميركي.
وأوضح أن "المكتب قال في البداية إنه لا توجد مشكلة في استخدام بلد ثالث لتحويل الأموال، لكنه الآن يطالب بتحويل المال من خلال بنك أميركي".
وقال مراقبون إنه مثلما قامت الحكومة الإيرانية بتزييف الحقائق حول انتشار فيروس كورونا عند بداية تفشي الجائحة، فقد بدلت روايتها وتقلبت تصريحاتها بشكل شبه يومي فيما يتعلق بشراء اللقاح وتوزيعه.