أعدمت الجمهورية الإسلامية الإيرانية يوم السبت، 12 كانون الأول/ديسمبر، روح الله زم البالغ من العمر 47 عاما، بعد أن وجهت إليه تهمة "الإفساد في الأرض" وأصدرت بحقه حكما بالإعدام في حزيران/يونيو الماضي.
وإضافة إلى والديه، ترك زم وراءه ابنة من زواجه الأول عمرها 16 عاما، وابنة من زواجه الثاني تبلغ من العمر 5 سنوات، وكلتاهما تعيشان في فرنسا مع زوجته.
وفي حين ثبتت المحكمة العليا الإيرانية حكم الإعدام بعد استئناف زم، إلا أن إعدامه جاء مفاجئا نوعا ما ونفذ بعد 4 أيام فقط من صدور الحكم النهائي.
يُذكر أن الجمهورية الإسلامية فيها العديد من السجناء البارزين الذين اتهموا بالفساد، وبينهم مسؤولين سابقين أو مقربين سابقين من مسؤولين في النظام، وقد صدر بحقهم حكم بالإعدام منذ سنوات إلا أنه لم ينفذ حتى الآن.
وللنظام تاريخ في الإدانة السريعة للناشطين السياسيين المتهمين "بمحاولة قلب نظام الحكم" بعد توجيه تهمة "الإفساد في الأرض" إليهم، علما أن هذا مرجع قرآني يستخدم منذ الثورة الإسلامية عام 1979 لتبرير قتل السجناء السياسيين.
وتستخدم هذه العبارة في تهم التجسس أيضا، علما أنه لم يصدر حكم بالإعدام في جميع قضايا التجسس.
وسبق أن نفذ سريعا حكم بالإعدام صدر بحق المصارع المعروف نافيد افكاري الذي أعدم شنقا على خلفية تهم مماثلة في 12 أيلول/سبتمبر. وقد اتهم أفكاري بقتل حارس أمني خلال التظاهرات التي نظمت عام 2018.
وأدين زم أيضا بتهمة التحريض على العنف في التظاهرات المناهضة للنظام عام 2017.
ردود فعل دولية
وفي أعقاب إعدام زم، قاطع 4 أعضاء في الاتحاد الأوروبي منتدى اقتصاديا مع إيران كان من المقرر أن يبدأ يوم الاثنين ويستمر 3 أيام. فأعلنت فرنسا وألمانيا وإيطاليا والنمسا عدم مشاركتها فيه.
وقال المنظمون في بيان صدر مساء الأحد إن "اللجنة المنظمة لمنتدى الأعمال الأوروبي-الإيراني قررت تأجيل المؤتمر في خطوة استثنائية".
وأصدرت وزارة الخارجية الفرنسية بيانا قالت فيه إنها "تدين بأشد العبارات هذا الانتهاك الخطير لحرية التعبير وحرية الصحافة في إيران".
هذا وأعربت منسقة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشيل باشليه عن شعورها "بالصدمة" إزاء عملية الإعدام، مضيفة أن ثمة "مخاوف جدية" من أن يكون اعتقال زم خارج إيران "قد يرقى إلى عملية خطف".
وبعد أن بث التلفزيون الرسمي الإيراني في تموز/يوليو الماضي ما وصفه بـ"مقابلة" مع زم خلال فترة احتجازه، قالت باشليه أيضا إن الحكم الذي صدر بحقه هو "نموذج لنمط انتزاع الاعترافات قسرا تحت التعذيب وبثها عبر وسائل الإعلام الرسمية واستخدامها كأساس لإدانة الأشخاص".
وبدوره، أعلن وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو يوم الإثنين أن الولايات المتحدة تدين بشدة الإعدام "الظالم والهمجي" الذي نفذته إيران.
وقالت وزارة الخارجية الألمانية في بيان يوم الأحد إنها مصدومة من الظروف التي أحاطت بإدانة زم "ولا سيما... اختطافه من الخارج".
كذلك، دان الاتحاد الأوروبي في بيان إعدام زم "بأشد العبارات"، معربا عن تمسكه بمعارضته عقوبة الإعدام مهما كانت الظروف.
في المقابل، استدعت وزارة الخارجية الإيرانية يوم الأحد مبعوثي ألمانيا وفرنسا للاحتجاج على الاستنكار الذي أعلنه الاتحاد الأوروبي، معتبرة ذلك "تدخلا غير مقبول في الشؤون الداخلية الإيرانية".
وقال الرئيس حسن روحاني في اليوم التالي إن قرار إعدام زم صدر عن القضاء الإيراني وليس عن السلطة التنفيذية، معربا عن دهشته مما وصفه بـ "حساسية" الاتحاد الأوروبي تجاه هذا الحدث.
طفل الثورة
ولد روح الله زم قبل سنوات قليلة من اندلاع الثورة الإسلامية في إيران عام 1973، ويعتبر طفلا حقيقيا للثورة وربيب الجمهورية الإسلامية كما وصف نفسه في إحدى القابلات.
أما والده محمد علي زم، فهو رجل دين ثوري أطلق على ابنه اسم روح الله تيمنا بمؤسس الجمهورية الإسلامية روح الله الخميني.
وبصفته مقربا من المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، بقي محمد علي زم ضمن الدائرة المقربة من النظام حتى عام 2001، حين فقد حظوته لدى المتشددين.
وكان روح الله زم عضوا في الدائرة المقربة من المرشح الرئاسي الإصلاحي السابق مهدي كروبي، ونشط في حملته الرئاسية في عام 2009. غادر إيران بصورة شرعية مستخدما جواز سفره الخاص عام 2011 متوجها أولا إلى ماليزيا ثم إلى تركيا ليستقر أخيرا في فرنسا، حيث حصل على حق اللجوء ومخصصات مالية وحراس شخصيين.
وكان زم قد زعم أنه محاط بثاني أعلى مستوى من الأمن (بعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون) في فرنسا.
وأسس في فرنسا موقع أمد نيوز الإلكتروني ونسق عمل قناة على تيليغرام تابعة للموقع، وساهمت الوسيلتان في نشر المعلومات خلال التظاهرات المتعددة المناهضة للنظام التي جرت في عامي 2017 و2018.
ومن بين الأخبار التي نشرها موقع أمد نيوز، معلومات عن انقسامات داخل النظام ومحاضر مسربة لاجتماعات حكومية ولوجستيات الاحتجاجات، إضافة إلى برامج تعليمية حول كيفية صناعة قنابل البنزين وزجاجات المولوتوف.
وأغلق تيليغرام موقع أمد نيوز بعد أن بلّغت الجمهورية الإسلامية مسؤوليه عن البرامج التعليمية مصنفا إياها بأنها تحرض على العنف. وبعد فترة وجيزة، حلت إذاعة صدای مردم محل أمد نيوز على تيليغرام.
وفي عام 2017، وجه محمد علي زم رسالة علنية إلى ابنه طلب منه فيها بـ"تغيير مساره والعودة إلى إيران".
ومنذ نحو 14 شهرا، تم استدراج زم للسفر إلى العراق بعد حصوله حسبما تحدثت الأنباء على وعود بزيارة لآية الله علي السيستاني. لكن ألقت الشرطة العراقية القبض عليه في مطار بغداد وسلمته إلى السلطات الإيرانية.
واحتجز في الحبس الانفرادي واستجوب من قبل الحرس الثوري الإيراني وأُجبر على "الاعتراف" بمخالفاته أمام كاميرا التلفزيون.
وكما جرت العادة في إيران، عرض الاعتراف على شكل مقابلة، علما أن زم عارض تصريحات أو اتهامات محاوره مرات عدة.
وأكد محمد علي زم أنه لم يتم إخطار ابنه بإعدامه الوشيك أثناء الزيارة التي سُمح لأسرته بها قبل يوم واحد من شنقه.
ونقلت وسائل إعلام محلية نفي "مصدر قضائي مطلع" ذلك، ولكن إذا كان الأمر صحيحا فهو يشكل انتهاكا للدستور الإيراني الذي ينص على وجوب إخطار السجين بإعدامه قبل 48 ساعة على الأقل.
لا يتطلب صنع قنبلة مولوتوف تدريبا. فهذا شيء حتى أنا أعرف كيف أفعله. وينطبق الأمر نفسه على قنبلة البنزين. وفي ما يتعلق بالسرقات التي تنفذها الجمهورية الإسلامية والحرس الثوري الإيراني والجمهورية الإسلامية، فهذه ظواهر واضحة. وتتعرض الجمهورية الإسلامية للاستهداف من الخارج. لذا، تلجأ هذه الجهات لمثل هذه الاستعراضات من أجل صرف الانتباه واستعراض سلطتها، وهي سلطة لم تعد بحوزتهم. لقد بدأت الجمهورية الإسلامية تشعر بالقلق، ولم يعد لديها أية سلطة أو دعم في المنطقة. والأمر نفسه صحيح داخل البلاد. إذا واصلت القوى الخارجية ضغطها الأقصى لسنة أخرى، فسيتم تدمير الجمهورية الإسلامية في المنطقة وفي الداخل. ولا تشكل هذه الاستعراضات إلا محاولة للتغطية على نقاط ضعف الجمهورية الإسلامية. وثمة بعض الشكوك في قضية إعدام زام. أولا، هو نجل أحد أعضاء النظام. ثانيا، لا شفافية في الجمهورية الإسلامية. فقد قامت على الأرجح بنشر أنباء إعدامه من دون أن تعدمه فعلا. إن أي شيء ممكن في مثل هذه الأنظمة الدكتاتورية كالجمهورية الإسلامية، ولا سيما الآن بعدما أصبحت في حالة من الضعف التام.
الرد2 تعليق
أتساءل عما يجب أن تقولوه عن تقطيع الصحافي خاشقجي؟ لقد التزم المجتمع الدولي الصمت حيال هذا الفعل المروع. صمت الحملان! هل لديكم أي شيء آخر تقولونه؟ نعم؟
الرد2 تعليق