أكدت مصادر في اليمن أن الحوثيين (أنصار الله) المدعومين من إيران يتعمدون تبديد جهود المنظمات الإغاثية الدولية والتمويل الذي تقدمه في ظل وجود اليمن على حافة مجاعة كارثية.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس قد حذر في 20 تشرين الثاني/نوفمبر قائلا إن اليمن يواجه الآن خطرا وشيكا إذ أنه على حافة أسوأ مجاعة يشهدها العالم منذ عقود.
وقال في بيان "أحث كل الجهات النافذة على التحرك بشكل عاجل إزاء هذه القضايا لمنع وقوع الكارثة، وأطلب أيضا أن يتجنب الجميع اتخاذ أي إجراء قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع التي هي أصلا متردية".
وأضاف، "في غياب إجراء فوري، قد نفقد ملايين الأرواح".
وكان الحوثيون قد أعلنوا في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر مصادرة نحو 320 شحنة مواد غذائية وأدوية في ميناء الحديدة على ساحل البحر الأحمر.
واتهموا في بيان برنامج الغذاء العالمي ومنظمة الصحة العالمية باستيراد أغذية وأدوية منتهية الصلاحية عبر الموانئ.
ويعد ذلك الأسلوب نفسه الذي استخدمه الحوثيون في حزيران/يونيو الماضي، عندما زعموا أن عدة الاختبار التي قدمتها منظمة الصحة العالمية فيها خلل، وعرقلوا جهودها الرامية إلى تقديم إحصاء دقيق لعدد الإصابات بفيروس كورونا (كوفيد-19).
ولكن دحضت منظمة الصحة العالمية هذه المزاعم، مشيرة إلى أن عدة الاختبار صنعت في ألمانيا وتم توزيعها في مختلف أنحاء العالم.
وجاء في بيان صدر بتاريخ 3 حزيران/ يونيو أن "الدفعة المؤلفة من نحو 7 آلاف عدة اختبار لكوفيد-19 والتي قدمتها منظمة الصحة العالمية لليمن هي عدة الـ بي.سي.آر نفسها التي قدمت لأكثر من 120 بلدا".
وأضاف البيان أن "عدة الفحص هذه قد اختبرت وتمت المصادقة عليها في 3 مختبرات خارجية، ونشرت نتائج المصادقة في مجلة علمية تخضع لمراجعة الأقران".
ʼالحوثيون غالبا ما تلاعبوا بالمساعداتʻ
وكان برنامج الغذاء العالمي قد أعلن في نيسان/أبريل الماضي تخفيض المساعدات الغذائية المخصصة لليمن بمعدل النصف بسبب عدم وجود التمويل الكافي.
وفي هذا السياق، قال مارك لوكوك منسق الشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ بالأمم المتحدة، إن الأمم المتحدة تلقت أقل من نصف ما تحتاجه هذا العام أي نحو 1.5 مليار دولار، لعملياتها الإنسانية في اليمن، مقارنة بـ 3 مليارات دولار العام الماضي.
وتصف الأمم المتحدة الوضع الراهن في اليمن بأنه أكبر أزمة إنسانية في العالم، حيث يحتاج 80 في المائة من السكان إلى المساعدة.
ومن جانبه، قال نبيل عبد الحفيظ وكيل وزارة حقوق الإنسان اليمنية للمشارق إن الحوثيين يسعون بتصرفاتهم للضغط على المنظمات الدولية لإجبارها على القبول بشروطهم.
وأضاف أن "الحوثيين احتجزوا المساعدات ورفضوا الإفراج عنها، وبالتالي يتحملون المسؤولية عن معاناة اليمنيين الذين تحملوا 5 سنوات من الحرب".
وأكد أنهم غالبا ما تلاعبوا بالمساعدات الدولية أو أعادوا توجيهها، مشيرا إلى أنهم ينوون التقدم بأجندتهم ولا يأبهون بحياة الشعب اليمني.
المرضى محرومون من العلاج
وتابع عبد الحفيظ أنه عبر احتجاز المساعدات الطبية أو إتلافها، يعتبر الحوثيون مسؤولين عن حرمان مرضى الكوليرا من العلاج الذي يحتاجونه، علما أنه تم تسجيل أكثر من 150 ألف إصابة بالمرض هذه السنة، إلى جانب مرضى الملاريا وغيرها من الأمراض المعدية.
وبدوره، قال الخبير الاقتصادي عبد العزيز ثابت إن الشعب اليمني يتعامل أصلا مع اقتصاد متعثر نتيجة استمرار الحرب في البلاد.
وأضاف في حديث للمشارق أن معاناة الشعب اليمني تفاقمت بسبب تدخل الحوثيين في عمل منظمات الإغاثة وتبديد أموال المانحين.
ومن جهته، قال الخبير السياسي فيصل أحمد إن هناك حالات كثيرة تمت فيها سرقة أو تحويل المساعدات الغذائية التي كانت مخصصة للمدنيين في صنعاء وفي المناطق الأخرى الواقعة تحت سيطرة الحوثيين.
وأضاف للمشارق أنه بدلا من أن تصل هذه المساعدات إلى المستفيدين المستهدفين، تم تحويلها لأتباع الحوثيين أو بيعها لجمع الأموال لصالح الميليشيا.
وأشار أحمد إلى أن برنامج الغذاء العالمي رفض قبول الشروط التي وضعها الحوثيون، مما أدى إلى اتخاذ هؤلاء موقفا معاديا لأعمال البرنامج.
وطالب أحمد المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين واتخاذ مواقف قوية ضد من يعرقلون الجهود الإغاثية.
ويتوافق ذلك مع تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش الصادر في أيلول/سبتمبر، والذي طالب جميع الأطراف بـ "رفع فوري لجميع العقبات غير الضرورية" التي تعيق عملية تسليم المساعدات المنقذة للحياة والتي تزايد الطلب عليها بصورة كبيرة منذ ظهور جائحة فيروس كورونا.