يعود أهالي شمال سيناء الذين كانوا قد فروا من المنطقة حين احتل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) قراهم ليجدوا أن التنظيم قد فخخ منازلهم.
وقال أحد شباب قرية إقطية طلب عدم الكشف عن هويته خوفًا من التداعيات "لقد فقدت زوجة أخي وابنها الرضيع الذي يبلغ من العمر أحد عشر شهرًا حين انفجرت عبوة ناسفة زرعت في منزلهم".
وقالت مصادر أمنية مصرية إن حوالي 15 شخصًا قد قتلوا بسبب عبوات ناسفة منذ منتصف شهر تشرين الأول/أكتوبر في قرى حول بير العبد.
وتذكّر هجمات العبوات الناسفة التي تضاعفت في المنطقة الشاسعة النائية ذات الكثافة السكانية المنخفضة بالهجمات التي شنها تنظيم 'الدولة الإسلامية' (داعش) لبث الرعب في العراق وسوريا.
وقد هزت حالات الوفاة الأخيرة نحو 1000 من الأهالي كانوا قد عادوا في تشرين الأول/أكتوبر بعد اللجوء لمناطق أخرى من مصر لمدة ثلاثة أشهر فيما واصل الجيش معركته الطاحنة للقضاء على داعش.
وقال ساكن آخر إن الأهالي وجدوا أن تنظيم داعش قد استولى على ديارهم واستخدمها كأوكار ومن قام بتفخيخها.
وأضاف "إنهم حتى سرقوا ماشيتنا".
وكانت القوات المصرية قد شنت في شباط/فبراير 2018 عملية على مستوى البلاد ضد المسلحين تتركز بصورة أساسية على منطقة شمال سيناء ذات الكثافة السكانية المنخفضة.
وقال الجيش المصري يوم الثلاثاء، 8 كانون الأول/ديسمبر، إنه قتل منذ أيلول/سبتمبر 40 مسلحًا مشتبهًا بهم في عمليات جوية وبرية بشبه جزيرة سيناء.
تفخيخ ألعاب الأطفال
تقع بلدة بير العبد الساحلية على حافة صحراء قاحلة.
وفي عام 2017، شهدت البلدة أكثر الهجمات دموية في تاريخ مصر الحديث، حين وقع هجوم على مسجد الروضة أثناء صلاة الجمعة أسفر عن مقتل 305 شخص، بمن فيهم 27 طفلًا.
وبحسب النيابة العامة، فقد قام نحو 30 مسلحًا يرتدون ملابس مموهة ويحملون رايات داعش السوداء بمحاصرة المسجد وذبح المصلين أثناء صلاة الجمعة الأسبوعية.
ومع أن تنظيم داعش لم يتبن المسؤولية عن الهجوم، فإنه المشتبه به الرئيسي نظرًا لأن المسجد تابع لطائفة صوفية من طوائف الإسلام يتهمها التنظيم بالكفر.
وكان شيخ صوفي من ضمن القتلى، بحسب ما ذكر أحد الأهالي للمشارق في ذلك الوقت، مشيرًا إلى أن الأهالي كانوا قد تلقوا تحذيرات من تنظيم داعش في الماضي.
وفي الأشهر الأخيرة، تزايدت وتيرة الهجمات.
حيث تقدر وزارة الخارجية الأميركية أن تنظيم داعش قد نفذ 137 هجومًا بعبوات ناسفة العام الماضي، تركز على شمال ووسط سيناء، هذا إلى جانب "الهجمات المعقدة شبه الأسبوعية التي تستهدف المواقع الحكومية المحصنة".
وقالت نادية الدايل، وهي خبيرة في شؤون تنظيم داعش مقيمة في واشنطن ورئيسة مركز الأبحاث كريتيكا، إن "عمليات التفخيخ التي تتم في شمال سيناء تتبع مباشرة السوابق التي أرستها عمليات داعش في العراق وسوريا".
وأضافت أن المسلحين قد صقلوا أساليبهم، حيث استثمروا "وقتًا طويلًا واستخدموا موارد كثيرة في تفخيخ الأبواب والأثاث المنزلي والأجهزة وحتى ألعاب الأطفال".
وتشبه هذه الأساليب تلك التي استخدمت في سوريا وشمال العراق قبل ثلاث سنوات حيث قام مسلحو داعش المتقهقرون والمحاصرون بزراعة المتفجرات في المبردات والألعاب وحتى نسخ القرآن.
كما استعان تنظيم داعش بالمرضى النفسيين والمعاقين جسديًا والأطفال، مستغلًا ضعفهم وهشاشتهم لاستخدامهم كدروع بشرية أو انتحاريين.
ففي أبريل/نيسان 2017، أوردت الشرطة العراقية أن تنظيم داعش قام بتفخيخ مريض عقلي وأرسله نحو منطقة تتركز فيها القوات العراقية، قبل أن يجبره قناص في الشرطة الاتحادية على التراجع.
وحذرت الدايل فيما يتعلق بداعش في سيناء من أنه "من المرجح أن يستمر أسلوب استهداف المدنيين وأن تتبناه جماعات عنف أخرى".
داعش ’التهديد الرئيسي‘ للمنطقة
هذا وقد قتل نحو 970 من المسلحين المشتبه بهم وعشرات رجال الأمن في شمال سيناء منذ شباط/فبراير 2018، وفقًا لإحصائيات رسمية.
وقال الأهالي لوكالة الصحافة الفرنسية إن داعش وهجماته العشوائية لا يزال التهديد الرئيس.
وفي هذه الأثناء، تستمر أعداد الوفيات بين صفوف المدنيين في الازدياد.
وقال أحد الأهالي رفض الكشف عن هويته إن مكتب المحافظ وفر المدارس لاستخدامها كمراكز إيواء للنازحين بعد اجتياح داعش لخمس قرى حول بير العبد.
وجاء هذا الهجوم عقب عملية دامية لمكافحة الإرهاب في تموز/يوليو قتلت فيها القوات المصرية 18 متطرفًا في عمليات جوية وبرية بعد إحباط هجوم على مجمع أمني في بئر العبد.
وقد لاحق الجيش المهاجمين بالتعاون مع القوات الجوية وحاصرهم في مزرعة وبعض المنازل المهجورة.
وقد دمر الجيش أربع سيارات، ثلاثة منها مفخخة، فيما قُتِل جنديان "أثناء أداء واجبهم الوطني"، بحسب ما أوضح بيان للجيش.
وأضافت الدايل أنه مع أن داعش قد سحِق بصورة كبيرة في العراق وسوريا، فإن شمال سيناء وفرت أرضًا خصبة لتوسعه.
وأكدت أنه "حتى مع موارده المحدودة، فقد أثبت تنظيم داعش أنه يمثل تهديدًا مستمرًا في سيناء. إنهم لن يغادروا قريبًا".
من جانبه، شدد وزير الدفاع محمد زكي أثناء لقائه يوم الأربعاء مع مقاتلي الجيش الثالث الميداني وكبار المسؤولين العسكريين على أن الإبقاء على أعلى درجات الاستعداد القتالي هو الضمان الحقيقي لأمن مصر واستقرارها.
وأضاف أن جهود دفع التنمية والإعمار في سيناء أساسية وهامة، معبرًا عن اعتزازه بأهالي شبه الجزيرة وتقديره للدعم المتواصل للقوات المسلحة.
تمام وتحيا مصر
الرد1 تعليق