حذر مراقبون يمنيون من أن الحوثيين (أنصار الله) شكلوا ميليشيات ذات صبغة طائفية بحتة تدور في الفلك الإيراني، يتعهد عناصرها بالولاء للجمهورية الإسلامية وليس للدولة اليمنية.
وقالوا أن هذا الأمر يخالف العرف السائد في القسم العسكري حيث يتعهد الخريجون من الكليات العسكرية ومعاهد الشرطة بالولاء لله ولوطنهم وبخدمة الشعب اليمني.
ففي مقاطع فيديو تداولها نشطاء حقوقيون، يظهر خريجو الكليات العسكرية ومعاهد الشرطة في مناطق سيطرة الحوثيين وهم يرددون شعارات طائفية بدلا من ترديد النشيد الوطني، ويتعهدون بالولاء للحوثيين وإيران.
وإزاء هذا الواقع، حذر وزير الاعلام معمر الأرياني من مساعي إيران لإنشاء ميليشيات طائفية تنقاد لأوامر الحرس الثوري الإيراني.
وقال إن الحرس الثوري الإيراني يسعى إلى تحويل اليمن إلى مقاطعة إيرانية وإلى توسيع نفوذ النظام الإيراني في المنطقة بهدف السيطرة على خطوط الملاحة، مهددا الأمن والسلم الدوليين.
وفي تصريح إعلامي يوم 5 تشرين الثاني/نوفمبر، اتهم الأرياني الحوثيين بغسل أدمغة الدفعات الجديدة من الطلاب العسكريين والأمنيين.
وأوضح أنه يطلب من الخريجين التعهد بالولاءلعبد الملك الحوثي وإيران، بدلا من أداء القسم العسكري التقليدي.
وأكد أن هذا الأمر يشكل انقلابا على مبادئ الجمهورية اليمنية وقيمها، كما يعتبر استفزازا للشعب اليمني وتحديا له.
وأشار الأرياني إلى أن إيران تسعى عبر وكلائها إلى إنشاء ميليشيات طائفية تدين بالولاء للحرس الثوري الإيراني وتنقاد لأوامره، وإحلالها كبديل عن الجيش الوطني والأجهزة الأمنية.
وتابع أن الهدف هو تنفيذ سياسات إيران في المنطقة بمعزل عن مصالح الشعب اليمني، في استنساخ لنموذج حزب الله الذي حاول تقويض الدولة اللبنانية.
ولفت إلى أن إيران تسعى من وراء ذلك إلى العبث بهوية الشعب اليمني الوطنية ونسف قيم العيش المشترك بين طوائفه المختلفة.
معسكرات تدريب في مناطق سيطرة الحوثيين
إلى هذا، أكد باحثون ومحللون سياسيون ان الحوثيين يستغلون مؤسسات الدولة العسكرية لبناء جيش طائفي يدين بالولاء لإيران تحت مسمى الجيش الوطني.
وفي حديثه للمشارق، قال المحلل السياسي وضاح الجليل، إن الحوثيين حاولوا بناء قوات نظامية كجيش الدولة تكون تابعة لإيران وتحميها ضد أي مقاومة مجتمعية.
وأوضح أن بعد انقلابهم عام 2014، سيطر الحوثيون على مؤسسات الدولة وعلى رقعة جغرافية كبيرة تضم نسبة كبيرة من سكان اليمن.
وأردف أنهم شكلوا جيشا ميليشاوياجندوا الأطفال في صفوفه، للدفاع عن مصالح إيران وتنفيذ خطط الحرس الثوري.
وذكر أن "معسكرات التدريب منتشرة في كل مناطق سيطرة الحوثيين، وتضم معسكرات الدولة إضافة الى معسكرات جديدة، ويعمل الحوثيين فيها على إعداد العناصر فكريا وتدريبهم عسكريا".
وبالإضافة إلى المعسكرات، أشار إلى وجود مراكز وأماكن تجمعات للتجنيد في غالبية المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحوثيين.
وكشف الجليل أن "هذه المعسكرات تتركز بشكل كبير في محافظة صعدة وبشكل أقل في المحافظات المجاورة لها كحجة وعمران، وبدرجة أقل في صنعاء وذمار وبقية المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحوثيين".
وأكد رئيس مركز أبعاد للدرسات الاستراتيجية، عبد السلام محمد، انتشار "مراكز التلقين الطائفي" التابعة للحوثيين كما استغلالهم معسكرات الجيش الوطني.
وأضاف للمشارق أن جهود التجنيد والتلقين هذه تمهد "لإنشاء جيش الحرس الثوري في اليمن الذي يدين بولاء مطلق للولي الفقية (المرشد الأعلى الإيراني على خامنئي)".
وتابع أن "التعبئة الطائفية في اليمن تجري على كل المستويات العسكرية والثقافية والمجتمعية وحتى السياسية، وسط توجه ايراني" لبناء دولة طائفية موالية للجمهورية الإسلامية.
’تجريف لهوية المجتمع‘
من جانبه، قال المحامي والناشط الحقوقي عبد الرحمن برمان للمشارق، إن ترديد منتسبي الكليات والمعاهد العسكرية في اليمن لشعارات النظام الإيراني هو "أمر خطير جدا".
وأوضح أن "من شأن ذلك إضعاف الولاء الوطني لدى الأجيال، لأن ولاءهم سيكون للحوثيين وزعيمهم الذي يدين بالولاء الكامل لإيران".
وأشار برمان إلى أن الحوثيين جعلوا شعارات ولاية الفقيه والشعارات الطائفية "موادا إلزامية في كل المؤسسات المدنية والعسكرية، كما في الجامعات والمساجد".
ورأى أن ذلك سيحدث شرخا اجتماعيا "بسبب ضعف شعور الانتماء للوطن"، وتعزيز الولاءات الطائفية المقيتة على حساب الولاء للدولة اليمنية.
وأكد برمان أن ما يحدث هو "تجريف لهوية المجتمع".
وختم المحلل السياسي عادل الشجاع محذرا من خطورة عدم مواجهة مشروع الحوثيين الطائفي، وقال إن "الحوثيين جعلوا من المناطق التي يسيطرون عليها معسكرا مفتوحا يستقطبون فيه الأتباع بكل الوسائل".
وأضاف للمشارق: "يجب أن نستدرك خطر هذه العصابة وخطر تمددها كل يوم، كما يجب أن يكون لدينا مشروعنا الوطني الذي يعمل كحاجز صد لها".