أشارت الحكومة الإيرانية في الأشهر الأخيرة باستمرار لنمو مؤشر سوق الأسهم، في محاولة لجذب المستثمرين إلى بورصة طهران للأوراق المالية (TSE)، وهي هيئة البورصة الرئيسية بالبلاد.
وقد كانت سوق الأسهم الإيرانية في حالة صعود لفترة طويلة على الرغم من التضخم المرتفع في البلاد وانخفاض قيمة العملة. لكن اعتبارًا من أواخر آب/أغسطس، انخفض المؤشر، ولا يزال ينخفض.
ففي 8 أيلول/سبتمبر، انخفض مؤشر بورصة طهران بمقدار 27 ألف نقطة، وهو انخفاض حاد مقارنة بأدائه الأخير. يقول بعض خبراء الاقتصاد إن الحكومة تخطط لاستخدام صندوق التنمية الوطني لدعم سوق المال بصورة أكبر، وبمعنى آخر، فهي تقوم بمحاولة لإبقاء سوق الأسهم نشطًا من خلال دَفْعة اصطناعية.
وفي أوائل شهر أيلول/سبتمبر، وصف الناطق باسم الحكومة علي ربيعي "الإدعاءات حول التلاعب بسوق الأوراق المالية" بأنها لا أساس لها من الصحة، زاعمًا "إننا نحمي أموال الناس في البورصة".
الحكومة أكبر مساهم في ازدهار بورصة طهران
يعتقد العديد من خبراء الاقتصاد أن السياسات النقدية للحكومة هي محاولات غير ناجحة للإيحاء بأن سوق الأوراق المالية "مزدهرة"، في حين أن العقوبات الاقتصادية والمصرفية منعت الحكومة من تصدير معظم الموارد.
وفي الوقت نفسه، توجد عوامل قليلة أخرى ساهمت في نمو بورصة طهران، وإن كان ذلك بشكل محدود. فبسبب سياسة "الضغط الأقصى" التي تمارسها الولايات المتحدة على إيران، يتعرض المستوردون الإيرانيون لقيود شديدة، لذا استثمروا في الأسهم وساعدوا بورصة طهران على النمو إلى حد ما.
وتتضمن العوامل الأخرى الانخفاض الذي حدث في الصفقات العقارية والركود الصناعي، وكلا العاملين دفعا المستثمرين للتوجه إلى البورصة.
إلا أن الموارد الحكومية التي تم ضخها في سوق رأس المال كان لها أكبر دور في إحداث هذا الازدهار. لكن الخبراء يقولون إن هذا لن يؤدي إلى أية نتائج إيجابية، مثلما حدث في الماضي.
في الأسبوع الأخير من آب/أغسطس، قال كاظم موسوي، وهو عضو باللجنة الاقتصادية في البرلماني الإيراني، إنه تم بالفعل ضخ سيولة في سوق الأوراق المالية "في الأسابيع الأخيرة". لكن على الرغم من ذلك، انخفض مؤشر بورصة طهران بمقدار 8.3٪ في الأيام الأخيرة من شهر آب/أغسطس، وقد كان هذا أكبر انخفاض في بورصة طهران في العشرين عامًا الماضية.
ويعد موسوي من بين عدد محدود من المسؤولين الذين يحذرون من فقاعة في سوق رأس المال ومن "خسارة أموال الناس" نتيجة لذلك. وقد حذر الناس ونصحهم "بعدم الاعتماد على أرباح سوق رأس المال على المدى البعيد".
الازدهار في الأسهم ’سطحي ومؤقت‘
من جانبه، قال خبير سوق رأس المال حسن زماني للمشارق إن انخفاض قيمة الريال مقابل الدولار الأميركي (الذي بلغ نحو 40 بالمائى في العام الجاري) أدى إلى ارتفاع أسهم الشركات.
وأضاف أن "الفقاعة التي خلقتها الزيادة في أسعار الأسهم سطحية ومؤقتة".
وأوضح أن العديد من خبراء الاقتصاد الإيرانيين قالوا إن الازدهار في سوق الأسهم الإيرانية مؤقت، لكن لا يوجد إجماع على المدة التي سيستمر فيها ذلك، مبينًا أن التطورات الأخيرة تشير إلى أن بورصة طهران قد تنهار في المستقبل القريب.
بدورها، قالت الخبيرة الاقتصادية مولود زاهدي للمشارق إن انهيار بورصة طهران "حتمي"، مضيفة أن توقيت الانهيار الوشيك يتوقف على مدى تدخل الحكومة ومقدار السيولة التي يتم تحويلها لها.
وأضافت أنه "في العام المقبل، سنواجه بالتأكيد مزيدا من الانخفاض في سعر صرف الريال مقابل الدولار الأميركي. كما أن العقوبات ستقلص حجم الاقتصاد بصورة أكبر، وستضطر الحكومة إلى طباعة المزيد من الأموال لضخها في سوق رأس المال".
سوق الأوراق المالية: أداة حكومية
وعلى النقيض من البلدان ذات الاقتصادات السوقية، فإن التقلبات في مؤشر بورصة طهران لا تعد مؤشرًا على العناصر الاقتصادية، حيث أن الحكومة في إيران تسيطر على الاقتصاد وأن سوق الأوراق المالية هي فعليًا أداة في يد الحكومة وسياساتها.
يذكر أن مؤشر بورصة طهران قد تضاعف أربع مرات في أوائل عام 2020 واستمر في الارتفاع، حيث بلغ مليوني نقطة في آب/أغسطس. لكن في أواخر آب/أغسطس، بدأ انخفاضه، وبحلول 9 أيلول/سبتمبر، انخفض المؤشر بمقدار 430 ألف نقطة.
وفي ضوء الأحوال الاقتصادية الراهنة، فإن نمو بورصة طهران لا يحمل أي معني حقيقي.
ووفقًا للبيانات الرسمية، فقد انخفض نمو إيران الاقتصادي بمقدار 3.5 بالمائة في الربع الأول من العام المالي الحالي (2020-2021).
وأورد البنك الدولي أن إجمالي الناتج المحلي الإيراني انخفض بمقدار 7.6 بالمائة في الأشهر التسعة الأولى من العام المالي السابق (2019-2020)، مقارنة بنفس المدة من العام الذي سبقه.
هذا ويتوقع أن يتقلص الاقتصاد الإيراني بحوالي 5.5 بالمائة بحلول آذار/مارس 2021، مقارنة بالعام السابق، وهو توقع فاقمته جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19).
وفي هذه الأثناء، أفاد البنك المركزي الإيراني أن معدل التضخم بالبلاد بلغ 41.2 بالمائة في فترة الـ 12 شهرًا التي تنتهي في 20 آذار/مارس.