قال مراقبون إن أفعال الجمهورية الإسلامية التي تستهدف المنشقين والمعارضين الإيرانيين المقيمين في الخارج مثيرة للقلق.
وقد أعلنت وزارة الخارجية الأميركية في 22 أيار/مايو الماضي أن النظام الإيراني قتل نحو 360 شخصا خارج إيران منذ الثورة الإسلامية في العام 1979.
وأشارت وزارة الخارجية إلى أن هذه المخططات الإرهابية نفذت في 40 دولة، "وتمت غالبيتها عن طريق الذراع الخارجي للحرس الثوري الإيراني (أي فيلق القدس) أو وزارة الاستخبارات في الجمهورية الإسلامية أو عبر وكلاء مثل حزب الله اللبناني".
وكان معظم ضحايا النظام الإيراني منشقين أو عناصر معارضين للجمهورية الإسلامية.
وفي 1992، قُتل 3 قادة معارضين إيرانيين-أكراد مع المترجم التابع لهم في مطعم ميكونوس في برلين بألمانيا. ويعتبر الهجوم الإرهابي نقطة تحول في الاغتيالات التي تنفذها الجمهورية الإسلامية خارج إيران.
وبعد 5 سنوات، كشفت محكمة في برلين أن أعلى مستويات "القيادة السياسية" في إيران أمرت بتنفيذ عمليات القتل في أيلول/سبتمبر 1992.
وقد أدين 3 لبنانيين ومواطن إيراني بتهمة تنفيذ هذه العمليات.
وفي أعقاب صدور هذا الحكم، سحبت عدة دول أوروبية سفراءها من إيران وقطعت العلاقات السياسية معها.
كذلك، سحبت كل من نيوزيلاند وأستراليا وكندا سفراءهما من طهران.
استئناف مخططات الإرهاب
وبعد أن قطعت الدول الأوروبية علاقاتها مع إيران، أوقف النظام الإيراني عمليات الاغتيال خارج إيران لأكثر من عقدين. ولكن هذه العمليات استأنفت خلال السنوات الماضية، ومن ثم استأنفت معها جهود إلقاء القبض على مرتكبي الجرائم التي ترعاها إيران على الأراضي الأجنبية أو من يتصرفون كجواسيس أو وكلاء لذلك النظام.
وأفادت تقارير غير مؤكدة بأن الذراع الخارجية للحرس الثوري الإيراني، أي فيلق القدس، قد أنشأ خلال السنوات الماضية وحدة عملياتية سرية تعرف بـ "الوحدة 840".
وأوكلت إلى هذه الوحدة مسؤوليات عدة، منها تخطيط النشاط الإرهابي خارج إيران وتنفيذه ضد أهداف غربية والمعارضة الإيرانية.
وفي إحدى الحوادث، قتل محمد رضا كلاهي، الذي كان ينتمي لمنظمة مجاهدي خلق، بإطلاق نار على يد مسلحين اثنين في بلدة ألمير الهولندية عام 2015.
وفي العام 2012، اعترف منصور أربابسيار، وهو مواطن إيراني-أميركي، أمام محكمة في نيويورك أنه خطط لاغتيال السفير السعودي السابق لدى الولايات المتحدة عادل الجبير، وذلك بموافقة مسؤولين إيرانيين.
وقد قدمت نفس المحكمة أدلة على سلسلة تفجيرات وقعت على الأراضي السعودية.
وكشفت بيانات المحكمة أن أربابسيار خطط لدفع 1.5 مليون دولار لقتلة من أجل تنفيذ تلك المخططات. وقد حُكم عليه لاحقا بالسجن لمدة 25 سنة لارتباطه بالحرس الثوري ومهربي المخدرات المكسيكيين، إلى جانب تورطه في عدة تفجيرات وعمليات قتل.
ملاحقة الجواسيس والممولين الإيرانيين
وفي مطلع العام 2018، نفذت السلطات الألمانية عمليات تفتيش طالت منازل وشركات تعود إلى 10 جواسيس إيرانيين مشتبه بهم، يعتقد أنهم تجسسوا على أشخاص ومؤسسات "لصالح كيان استخباري مرتبط بإيران"، حسبما ذكر مكتب المدعي العام.
وفي 18 تشرين الأول/أكتوبر 2019، اعترف أحمد رضا محمد دوستار وماجد غرباني اللذان يحملان الجنسية الإيرانية-الأميركية أن إيران نفذت عمليات لجمع المعلومات الاستخبارية ضد مواطنين إيرانيين-أميركيين كانوا أعضاء في منظمة مجاهدي خلق.
ومؤخرا في 19 آب/أغسطس، اتهمت الولايات المتحدة مواطنين أميركيين اثنين ومواطنًا باكستانيًا، اثنان منهما مقيمان في مدينة قم الإيرانية، بنقل مبالغ بالعملة الأميركية من الولايات المتحدة إلى إيران نيابة عن المرشد الأعلى في إيران بين عامي 2018 و2019.
وذكر القائم بأعمال المدعي العام الأميركي لمقاطعة كولومبيا مايكل ر. شروين أن "هذه القضية مهمة على مستويات عدة".
وأوضح أن "المتهمين لديهم صلات عملياتية مهمة بالحرس الثوري الإيراني الذي نفذ العديد من العمليات الإرهابية حول العالم خلال السنوات الماضية. وتعتبر المبالغ النقدية شريان هذه العمليات الإرهابية، وقد لعب المتهمون دورا أساسيا في تأمين وتيسير ذلك العامل الحيوي".
ʼعلى السياسات الأوروبية أن تكون أكثر صرامةʻ
ويعتقد بعض المراقبين أن النظام الإيراني يرد على انتقاد الغرب لانتهاك إيران لحقوق الإنسان بمزيد من التهديدات ومخططات الاغتيال ضد مواطنين إيرانيين مقيمين في الخارج.
وفي هذا الإطار، قال فارمرز إيراني، وهو محلل سياسي مقيم في مدينة كرمان الإيرانية، للمشارق إن الأوروبيين "لا يملكون التصميم والعزم اللازمين لمواجهة تلك التهديدات".
وأضاف "لاحظوا كيف تبدو علاقات الأوروبيين بنا. إنها علاقات سامة".
وتابع أنه "خلف الكواليس، يتخوف الأوروبيون من تورط إيران المباشر بمخططات الاغتيالات الخاصة بالنظام الإيراني وبالنقل المحتمل للمخدرات إلى أوروبا"، ولكنهم لا يتصرفون على هذا الأساس.
ومن جانبه، عبّر الناشط الإيراني منوشهر سناتي المقيم في أوروبا عن مخاوف حيال تصعيد الأنشطة الإرهابية لإيران في أوروبا.
وقال للمشارق إن "جزءا من السياسات غير المتسقة التي تعتمدها الحكومات الأوروبية تجاه إيران متجذر في خوفها من تصعيد الجمهورية الإسلامية للاغتيالات في بلدانها".