حذرت منظمة هيومن رايتس ووتش يوم الاثنين من عواقب مميتة جراء عرقلة المساعدات في المناطق اليمنية الغارقة بالحرب، وحيث تأثرت الجهود الإنسانية أصلا بصورة كبيرة جراء أزمة فيروس كورونا.
وكتبت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير أن تدخل الحكومة والحوثيين (أنصار الله) المدعومين من إيران قد عرقل عملية تسليم المساعدات في البلاد، حيث يخيم شبح المجاعة.
وكشفت مقابلات مع 35 عاملا في المجال الإنساني و10 مسؤولين في الدول المانحة و10 عمال في المجال الصحي اليمني، شبكة معقدة من القيود المفروضة التي تعيق تدفق المساعدات.
وقتل عشرات آلاف الأشخاص وغالبيتهم من المدنيين، في الحرب اليمنية التي تعتبرها الأمم المتحدة أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
وكانت الأمم المتحدة قد حذرت في تموز/يوليو من أن اليمن أصبح على "حافة المجاعة" من جديد، في ظل ازدياد المناشدات لوقف إطلاق النار من أجل المساعدة في مواجهة فيروس كورونا المستجد.
وذكر التقرير أن التأخير الطويل في الموافقة على مشاريع المساعدات وعرقلة مراجعة المساعدات ومساعي السيطرة على قوائم المستفيدين إلى جانب أعمال العنف التي طالت عمال الإغاثة، كلها عوامل عرقلت تدفق المواد الأساسية.
وقد اضطر عمال الإغاثة إلى "التصدي" للحوثيين الذين أصروا على أن تقوم مجموعات الإغاثة بتسليم السيارات وأجهزة الكمبيوتر المحمولة والهواتف المحمولة لهم عند ختام المشاريع في العام 2019 و2020.
هذا وعلّق برنامج الأغذية العالمي العام الماضي عمليات تسليم المساعدات إلى المناطق الخاضعة للحوثيين بصورة مؤقتة، عقب اتهامات وردت بشأن "تحويل مسار المساعدات"، وقد هدد بعد ذلك الحوثيون بفرض ضريبة على المساعدات.
ولفتت منظمة هيومن رايتس ووتش أيضا إلى تزايد العراقيل أمام عملية تسليم المساعدات في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة في جنوب وشرق البلاد.
كذلك، انتقد التقرير الوكالات الإغاثية بالإذعان لمطالب غير شرعية، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الوضع لا سيما في المناطق الخاضعة للحوثيين.
عوائق غير مبررة
وتابعت منظمة هيومن رايتس ووتش أن أفعال هذه الوكالات "شجعت السلطات على السعي إلى سيطرة أكبر... مع توجيه مبالغ طائلة من الأموال إلى وزارات فاسدة بشكل واضح".
ودعا التقرير الحكومة والحوثيين إلى "إلغاء كل العوائق غير المبررة بصورة فورية" في ما يتعلق بتسليم المساعدات الحيوية، وهي مساعدات زاد الطلب عليها إلى حد كبير منذ تفشي فيروس كورونا.
وذكرت الأمم المتحدة أن اليمن سجل حتى اليوم أكثر من 2000 حالة إصابة بكوفيد-19 بما في ذلك 583 حالة وفاة، مرجحة أن الأعداد أعلى بكثير.
وتابعت أن أكثر من 3 ملايين يمني نزحوا وثلاثة أرباع الشعب اليمني المؤلف من 29 نسمة يعتمد على شكل من أشكال المساعدات للبقاء على قيد الحياة.
وفي هذا السياق، قالت منسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن ليز غراندي، إن الأمم المتحدة متيقظة للتحديات المرتبطة بتسليم المساعدات في اليمن.
وأوضحت لوكالة الصحافة الفرنسية "بالنسبة لكل برنامج نقوم به حاليا، نحدد المخاطر التي تواجه التسليم القائم على أسس معينة".
وتابعت "عندما يتم انتهاك هذه الأسس نقوم بتعديل التسليم، وهذا يعني أنه يتعين علينا أحيانا إيقاف المساعدة".
وحذرت الشهر الماضي من أن ملايين اليمنيين "سيعانون وقد يموتون" جراء أزمة التمويل التي أجبرت الأمم المتحدة على أقفال أو تقليص نصف مشاريعها الأساسية في اليمن.
وفي مؤتمر للمانحين عقد في الرياض في حزيران/يونيو الماضي، تعهدت الجهات المانحة بتقديم 1.35 مليار فقط من أصل مبلغ 2.41 مليار دولار الضروري لتغطية النشاطات الإنسانية الأساسية حتى نهاية العام الجاري.
وقالت غراندي أيضا أن الوضع الإغاثي أصبح معقدا بعد إغلاق الحوثيين لمطار صنعاء.
وقال موظف في وكالة إغاثية طلب عدم الكشف عن هويته، في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية إنه "الآن مع إغلاق مطار صنعاء، باتت المهمة التي هي صعبة أصلا، أكثر صعوبة من ناحية تنفيذ خطة الاستجابة".
وتابع "صحيح أن هناك قيودا في الجنوب، لكن... حجم القيود في الشمال وشدتها أمر استثنائي".