أخمد رجال الإطفاء في لبنان يوم الجمعة، 11 أيلول/سبتمبر، الحريق الهائل الذي اندلع في مرفأ بيروت يوم الخميس في مستودع يحتوي على مساعدات غذائية.
وفيما لم يتضح على الفور سبب الحريق الذي سبقه قبل أيام حريق آخر أصغر حجما اشتعل في المرفأ، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الجيش اللبناني أنه عثر بين الأنقاض على مزيج من البضاعة الزهيدة والخشب والإطارات القديمة.
وقال الرئيس ميشال عون إن الحريق الذي اشتعل يوم الخميس قد يكون "عملا تخريبيا متعمدا أو نتيجة خطأ فني أو جهل أو إهمال".
وأضاف: "في جميع الأحوال، لا بد من تحديد أسبابه بأسرع وقت ممكن ومحاسبة المسؤولين عنه".
في غضون ذلك، حذرت منظمة غرينبيس سكان بيروت داعية إياهم إلى حماية أنفسهم من الدخان "السام" الناجم عن الحريق الذي اندلع بعد أقل من 40 يوما على وقوع الانفجار الهائل الذي هز مرفأ بيروت.
وغطّت سحابة سوداء سماء بيروت لساعات قبل أن تنجح فرق الإطفاء والدفاع المدني بمؤازرة طوافة عسكرية للجيش اللبناني من إخماد النيران.
وأتى الحريق على مستودع مليء بمواد من الزيوت وإطارات السيارات والعطور، وأثار هلعا بين الناس من تكرار كارثة شبيهة بانفجار 4 آب/أغسطس.
كما سارع عمال المرفأ إلى الهرب من منطقة اندلاع الحريق، وأخلى المواطنون شوارع الجميزة ومار مخايل، وغادر الموظفون في وسط بيروت ومحيط المرفأ مكاتبهم.
’طعنة جديدة للبنانيين‘
وأعلن الجيش اللبناني أن الحريق اندلع في مستودع للزيوت والاطارات في السوق الحرة بمرفأ بيروت.
فيما أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن المستودع يحتوي على مساعدات غذائية تضم آلاف الطرود الغذائية إضافة إلى "0.5 مليون لتر من الزيت".
ولفت وزير الأشغال العامة في حكومة تصريف الأعمال، ميشال نجار، الى أن "المعلومات الأولية تفيد بأن أحد العمال كان يقوم بورشة تصليح مستخدما صاروخا ما أدى الى تطاير شرارة واندلاع الحريق".
ودعا عون إلى عقد اجتماع للمجلس الأعلى للدفاع انتهى بتشكيل لجنة برئاسة وزير الأشغال العامة وعضوية ممثلين عن الأجهزة الأمنية وشركة المرفأ.
وأوكلت إلى هذه اللجنة مهمة وضع تنظيم جديد للعمل في المرافىء والمطار، يؤمن السلامة العامة ويتفادى أي حوادث كارثية قد تحصل نتيجة لتخزين البضائع.
وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب في مستهل الاجتماع، إن ما حصل في المرفأ اليوم ومهما كانت أسبابه، هو طعنة جديدة للبنانيين جميعا واستهتار كبير وإهانة للدولة والمجتمع".
وأضاف دياب: "يجب الإسراع في التحقيق لتحديد المسؤوليات، ويجب أن تكون هناك أجوبة واضحة عن أسئلة الناس".
ودعا رئيس الوزراء السابق سعد الحريري في تغريدة على تويتر إلى "إجراء تحقيق شفاف على أعلى المستويات"، مضيفا أن "الحريق حرك مواجع كارثة 4 آب/أغسطس".
وتابع أن" بيروت تختنق بدخان الإهمال والشعور بغياب الدولة"، مؤكدا "ضرورة تحديد المسؤوليات وإعادة النظر بإجراءات السلامة والوقاية وتجنب هذه الكوارث المتكررة".
غضب من ’الإهمال المتمادي‘
وفي حديث للمشارق، اعتبر الباحث السياسي بشارة خير الله أن "صورة المرفأ اليوم هي انعكاس لصورة السلطة".
وقال: "ما حصل اليوم مرفوض بكل المعايير، ومن غير المنطقي ولا المقبول أن تتكرّر كارثة بهذا الحجم مرتين في شهر واحد تحت أعين الأجهزة الأمنية كافة".
وسأل "كيف يمكن أن تشتعل هذه المواد دون وجود سبب ومتسبّب؟ وكيف يمكن لأخطاء من هذا النوع وبهذا الحجم ان تمرّ بهذه الخفّة وهذا الاستخفاف؟".
وأكد أن "ما حصل يعتبر استهتارا بأمن اللبنانيين".
وكان ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي قد دانوا الإهمال المتمادي من قبل أجهزة الدولة، واعتبر بعضهم أن الحريق إن دلّ على شيء فعلى احتراق أوراق الطبقة السياسية.
وفتح لبنان تحقيقا في انفجار 4 آب/أغسطس ، وبلغ عدد الموقوفين حتى الآن 25 موقوفا، بينهم مسؤولون كبار في المرفأ والجمارك إضافة إلى عمال سوريين كانوا يقومون قبل الانفجار بأعمال تلحيم حسبما تداولت الأنباء.
وأفادت وكالة الأنباء الوطنية أن المحقق العدلي استمع يوم الخميس إلى الوزير نجار والمدير العام لأمن الدولة، اللواء طوني صليبا.
وكان لبنان قد رفض إجراء تحقيق دولي في الانفجار، لكن التحقيق يجري بمساعدة خبراء أجانب بينهم خبراء من الولايات المتحدة وفرنسا.