أشار تقرير جديد إلى أن إيران تنفذ عملية اصطياد غير قانونية ضخمة في المحيط الهندي داخل المياه الإقليمية لليمن والصومال، وهي "على الأرجح إحدى أكبر عمليات الاصطياد غير القانونية الحاصلة في العالم".
وفي بيان صدر في 29 حزيران/يونيو ولخّص ما توصل إليه التقرير، قال مديرا منظمتي "غلوبال فيشينغ ووتش" و"تريغ مات ترام" إنهما يتعاونان مع شركاء في المنطقة من أجل الكشف عن الاصطياد غير القانوني واسع النطاق.
ومن خلال عمل المنظمتين مع شركاء إقليميين بينهم الحكومة الصومالية، ضبطتا نحو 200 سفينة إيرانية في المياه اليمنية والصومالية.
وأوضحت المنظمتان أن تحليل بيانات نظام التعريف الأوتوماتيكي قد أدى إلى رصد عدد من السفن الإيرانية بغالبيتها التي تتحرك على نطاق واسع في المناطق الاقتصادية الحصرية للصومال واليمن.
يُذكر أن نظام التعريف الأوتوماتيكي هو نظام لتفادي الاصطدام بين السفن، ويعمل على إرسال موقع أي سفينة بصورة متواصلة أثناء تواجدها في البحر.
وجاء في البيان أن "الزيادة في رصد تلك السفن في العام 2019 مرتبطة بالتوفر الزائد لأنظمة التعريف الأوتوماتيكي بحيث يمكن استخدامها على السفن، إضافة إلى العوامات الطافية التي تُعلق بمعدات الصيد بغية تحديدها وتعقبها".
وأسفر تحليل منظمتي "غلوبال فيشينغ ووتش" و"تريغ مات ترام" لإشارات نظام التعريف الأوتوماتيكي، عن رصد 175 سفينة إيرانية فردية نفذت خلال موسم الاصطياد 2019-2020 عمليات اصطياد في شمالي غربي المحيط الهندي بشكل خاص، خارج المناطق الاقتصادية الإيرانية.
ومن بين هذه السفن، تم رصد 112 سفينة في مياه الصومال و144 في مياه اليمن، في تحرك يبدو أنه مطابق لنشاط الاصطياد، حسبما ذكر البيان. كذلك، تم ربط 93 عوامة تعقب لشبكات صيد كشفها نظام التعريف الأوتوماتيكي بإيران.
وقال البيان المشترك إن "التحليل يشير إلى أن الأسطول الإيراني الذي يتحرك في شمالي غربي المحيط الهندي، يتألف من 192 سفينة على الأقل".
وتابع، "أظهر التقييم أن عدد السفن الإيرانية الظاهرة على نظام التعريف الأوتوماتيكي هو مرتفع أصلا، إلا أنه من المرجح أن تكون هذه الأرقام أعلى بعد".
وأضاف أن "العديد من الأهداف التي يتم رصدها في صور الأقمار الصناعية، لا تتطابق مع إشارة نظام التعريف الأوتوماتيكي، ويبدو أن الأسطول يشمل سفنا تستخدم هذا النظام وأخرى لا تستخدمه، مما دفعنا إلى الاعتقاد بأن الرقم الفعلي قد يكون أعلى بكثير".
ضرورة وقف انتهاكات إيران
وفي هذا الإطار، قال فهد كفاين وزير الثروة السمكية في اليمن ببيان نشر في 6 تموز/يوليو، إن القوارب الإيرانية تقوم بالاصطياد غير القانوني في المياه اليمنية، في ما يعتبر انتهاك واضح للقانون الدولي.
وتابع أن أسطول السفن الإيرانية "يمارس الانتهاكات المستمرة ويعبث بالثروات البحرية اليمنية ويجوب مياهنا".
واتهم إيران باستخدام قوارب الصيد لتهريب السلاح إلى الحوثيين (أنصار الله) في اليمن.
وطالب كفاين المجتمع الدولي ومجلس الأمن الأممي بمعاقبة إيران على انتهاكاتها وفرض إجراءات تجبرها على وقف العبث بالثروة السمكية لليمن وتهريب السلاح للحوثيين.
ومن جانبه، دان وزير الإعلام معمر الأرياني الأنشطة العدائية وغير القانونية التي تنفذها السفن الإيرانية في المياه الإقليمية اليمنية.
وأوضح أن هذه الأنشطة تشمل تجريف الثروة السمكية وإطلاق النار على قوارب الصيد والصيادين اليمنيين واستخدام السفن للتمويه وتغطية عمليات تهريب الأسلحة والصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة إلى الحوثيين.
وأكد أن "السفن الإيرانية اخترقت المياه الإقليمية مؤخرا على شكل مجموعات في المناطق الجنوبية الغربية من ارخبيل سقطرى والبحر العربي".
وطالب الأرياني مجلس الأمن في الأمم المتحدة بإدانة هذه الأنشطة العدائية والضغط على النظام الإيراني لوقف ممارساته باعتبارها مساس بسيادة اليمن وأمنه.
وبدوره، قال مصطفى نصر رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي "من المؤسف انتهاك المياه الإقليمية والصومالية من السفن الإيرانية في الوقت الذي يحتاج فيه اليمن والصومال لثرواتهما الطبيعية".
وتابع للمشارق "للأسف، مكّن وضع اليمن الحالي أطرافا عدة من العبث بثرواته لانشغالها بالصراع".
وأضاف أن التحالف العربي له سيطرة كبيرة على المياه الإقليمية اليمنية لمراقبة حظر توريد السلاح لليمن، مؤكدا أن ذلك يجعله "أمام مسؤولية الحد من هذا العبث عبر مختلف الوسائل".
اصطياد غير قانوني وتهريب للأسلحة
كذلك، ذكر الخبير الاقتصادي عبد العزيز ثابت للمشارق أن انتشار مثل هذا العدد الكبير من السفن الإيرانية في المياه الإقليمية لليمن يعد من أكبر العوائق التي يواجهها الصيادون اليمنيون.
وتابع أنها تقيد تحركاتهم وتمنعهم من الصيد وتستنفد الثروة السمكية وتعيق استزراع السمك وتتجاهل القوانين التي تسمح بصيد نوع وترك أنواع أخرى من الأسماك بحسب مواسم الاصطياد.
وأشار إلى أن هذا الاصطياد غير القانوني يأتي في وقت يعاني فيه اليمنيون من نقص في المواد الغذائية بعد 5 سنوات من الحرب، "وتداعي الأمم المتحدة للعالم بالتبرع لليمن من أجل تمويل أنشطته الغذائية والإغاثية".
وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي فيصل أحمد للمشارق إن السفن الإيرانية في المياه الإقليمية اليمنية تمارس "جريمتين" في آن واحد، الأولى هي الاصطياد غير القانوني والثانية هي تهريب السلاح للحوثيين.
وأضاف أن السفن الإيرانية "استغلت ضعف خفر السواحل اليمنية وانشغال الحكومة بالصراع" للدخول إلى المياه الإقليمية لليمن.
وطالب أحمد التحالف العربي بدعم قوات خفر السواحل اليمنية لتمكينها من أداء واجباتها.
كذلك، دعا مجلس الأمن لاتخاذ قرارات "تجبر إيران على وقف أنشطتها المعادية لدول المنطقة، بما في ذلك تمديد فرض حظر توريد الأسلحة لها للحد من قدراتها وقدرات حلفائها في المنطقة".