عمدت مجموعة من خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة يوم الخميس، 16 تموز/يوليو، إلى دعوة إيران لإلغاء أحكام الإعدام التي صدرت بحق ثلاثة أشخاص على خلفية مشاركتهم في تظاهرات احتجاجية، وذلك بعد انتزاع اعترافات منهم تحت وطأة التعذيب بحسب ما تداولته الأنباء.
وكانت المحكمة العليا الإيرانية قد صادقت مطلع الأسبوع الجاري على عقوبة الإعدام الصادرة بحق ثلاثة أشخاص هم أمير حسين مورادي وسعيد تمجيدي ومحمد رجبي، وذلك على خلفية قيامهم بأعمال إجرامية خلال التظاهرات التي اندلعت في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بسبب ارتفاع أسعار الوقود.
وقالت مجموعة الخبراء التي تضم أكثر من عشرة خبراء مستقلين في الأمم المتحدة متخصصين في مجالات الإعدام التعسفي وحرية التجمع والتعذيب: "ننضم اليوم إلى مئات الآلاف من الإيرانيين على وسائل التواصل الاجتماعي الذين يدينون عقوبات الإعدام هذه".
وأضافوا في بيان: "نحث رأس السلطة القضائية على إلغاء هذا القرار فورا والسماح بإجراء مراجعة قضائية مستقلة عاجلة".
وطالب الخبراء المعينين من قبل الأمم المتحدة دون صلاحية التحدث باسمها، إلى إجراء "تحقيق مستقل ونزيه في مزاعم التعذيب".
وجاء في البيان أن الرجال الثلاثة اتهموا بحمل السلاح لزهق الأرواح والاستيلاء على الممتلكات، إضافة إلى المشاركة في أعمال التخريب والحرق المتعمد خلال الاحتجاجات، وكلها اتهامات نفوا ضلوعهم فيها.
وكانت المحكمة الابتدائية قد أصدرت بحقهم حكم الإعدام في شباط/فبراير الماضي، إضافة إلى عقوبة السجن والجلد بتهم أخرى.
مزاعم بتعرضهم للتعذيب
وأكد الخبراء أنه "منذ البداية، شابت عمليات اعتقالهم وسجنهم ومن ثم محاكمتهم العديد من مزاعم إنكار حقهم بإجراءات قانونية سليمة".
وأردفوا أن الثلاثة أقروا أنهم ادلوا باعترافتهم تحت وطأة التعذيب، الذي شمل التعرض للضرب والصدمات الكهربائية وتعلقيهم من قدميهم رأسا على عقب.
وذكروا أنهم حرموا من الرعاية الطبية والاستعانة بمحام أثناء الاستجوابات، ولم يُسمح للمحامين الذين اختاروهم بتمثيلهم في المحكمة العليا، كما منعوا من الاطلاع على ملفات قضيتهم أثناء المحاكمة.
وشدد الخبراء على أن إصدار عقوبة الإعدام "على أساس اتهامات فضفاضة بالمس بالأمن القومي، يشكل انتهاكا فاضحا لالتزامات إيران في مجال حقوق الإنسان".
وأكدوا أن "القانون الدولي يحصر فرض عقوبة الإعدام على الجرائم المصنفة خطيرة، ويمنع إصدارها إذا لم تكن المحاكمة عادلة وإذا تم انتهاك حقوق أخرى".
وأشار خبراء الأمم المتحدة إلى مقتل ما لا يقل عن 304 أشخاص بسبب استخدام قوات الأمن الحكومية العنف لقمع الاحتجاجات.
ودعوا إيران إلى إجراء تحقيق مستقل ونزيه وشفاف في أحداث تشرين الثاني/نوفمبر، ومقاضاة المسؤولين الحكوميين الضالعين في انتهاك حقوق المتظاهرين وإطلاق سراح أي شخص محتجز على خلفية احتجاجه سلميا.
الشرطة تفرق تظاهرات جديدة
من جهة أخرى، أعلنت الشرطة الإيرانية يوم الجمعة أنها فرقت بالقوة تظاهرات خرجت في جنوب غرب البلاد بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، ضمت حشدا من الناس رددوا هتاف "المخالفين".
ونقلت وكالة إيرنا الرسمية عن قائد الشرطة المحلي، أن بعض سكان مدينة بهبهان تجمعوا مساء الخميس للتظاهر احتجاجا على الوضع الاقتصادي.
وحاولت الشرطة أولا التحاور مع المتظاهرين، إلا أنهم لم يتفرقوا واستمروا بترديد شعار "المخالفين" وهو مصطلح تستخدمه عادة السلطات الإيرانية للإشارة إلى الشعارات المناهضة للنظام.
وقال قائد الشرطة إن قوات الأمن فضت الاحتجاج "بحزم"، مضيفا أن "الهدوء" عاد دون وقوع إصابات أو أضرار بالممتلكات.
وأظهرت تسجيلات مصورة وصورا نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي لم يتسن التحقق من صحتها، عشرات الناس متجمعين في شارع من المدينة الواقعة بمحافظة خوزستان.
وقال الموقع الإلكتروني نتبلوكس الذي يراقب عمليات حجب الإنترنت، إن الإنترنت حجبت وعطلت ثلاث ساعات في خوزستان تزامنت تقريبا مع خروج الاحتجاج.
وتعد خوزستان منطقة حيوية في انتاج النفط، ولطالما شكت من الإهمال الرسمي لها. تقع على الحدود مع العراق، وهي من المناطق القليلة في إيران التي تقيم فيها جالية عربية سنية كبيرة.
ولم تقتصر الاحتجاجات على بهبهان بل تخطتها لتصل إلى شوارع العاصمة طهران ومدن تبريز وشيراز وأرومية. وكثفت الحكومة إجراءاتها الأمنية في جميع أنحاء البلاد لمواجهة هذه التظاهرات، وتحدثت الأنباء عن اعتقال عدد من المتظاهرين.