حذرت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، ليز غراندي، الأربعاء 8 تموز/يوليو، من أن اليمن يقف مجددا على شفير المجاعة بسبب توقف أموال المانحين التي ساهمت قبل 18 شهرا في تجنب هذه الكارثة.
فالحرب الدائرة وتفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) أديا إلى موجات جديدة من النزوح، إضافة إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
ويعاني اليمن أصلا مما وصفته الأمم المتحدة بأنه أسوأ أزمة إنسانية في العالم، مع تسبب الحرب بمقتل عشرات الآلاف ونزوح ما يقدر بنحو أربعة ملايين شخص، واعتماد 80 في المائة من سكانها البالغ عددهم 29 مليون نسمة على المساعدات من أجل بقائهم على قيد الحياة.
وفي مقابلة من صنعاء، قالت غراندي لوكالة الصحافة الفرنسية إن البرامج الحيوية التي توفر خدمات الصرف الصحي والرعاية الصحية والغذاء قد أغلقت بسبب نقص السيولة، كما يبدو أن الحالة الاقتصادية "تشبه ذاك الوضع بشكل مخيف".
ويهدد النقص الحاد في الوقود استمرار عمل شبكة الكهرباء وإمدادات المياه والبنية التحتية الرئيسة كالمستشفيات، علما أن الحكومة تتهم الحوثيين المدعومين من إيران (أنصار الله) بالوقوف وراء هذا الشح.
وأضافت: "يمنع دخول السفن التي تنقل سلعا منقذة للحياة، وتشهد البلاد انخفاضا سريعا لقيمة العملة الوطنية. البنك المركزي ينفد من المال... وخلال الأسابيع القليلة الماضية فقط، ارتفع سعر السلة الغذائية الأساسية بنسبة 30 في المائة".
ارتفاع أسعار المواد الغذائية
وأكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أنه مع نهاية شهر حزيران/يونيو، ارتفع سعر "السلة الغذائية بحدها الأدنى" في بعض المناطق بنسبة 35 في المائة، وتشمل ما تحتاجه عائلة عادية من طعام مدة شهر واحد.
وبموازاة ذلك، تراجعت القيمة الشرائية للريال اليمني تراجعا كبيرا.
وتحتوي السلة الغذائية على دقيق القمح والفاصوليا وزيت الطبخ والملح والسكر، إضافة إلى صابون غسل اليدين ومسحوق غسيل للملابس والمناديل الصحية والمياه.
ووفقا لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، ارتفعت تكلفة الحد الأدنى للسلة الغذائية بنسبة 36 في المائة في مدينة صنعاء، و12 في المائة في لحج، و10 في المائة في تعز، و10 بالمائة في سقطرى، وذلك بفعل تداعيات الجائحة على الأسعار في اليمن وعلى تكلفة السلع الغذائية المستوردة.
وتتوقع منظمة فاو مواصلة أسعار المواد الغذائية بالارتفاع حتى أيلول/سبتمبر 2020 على الأقل، وعزب ذلك بشكل رئيس إلى استمرار انخفاض قيمة العملة.
وفي حديثه للمشارق، قال رئيس مركز الدراسات والاعلام الاقتصادي، مصطفى نصر، إن "أسباب ارتفاع أسعار السلة الغذائية في اليمن هو نتيجة خمس سنوات من الحرب".
وأضاف أن القدرة الشرائية للريال اليمني تهاوت وسط "أزمة المشتقات النفطية وغيرها من التحديات الاقتصادية الناتجة عن الحرب".
من جانب آخر، أعلنت المنظمة الدولية للهجرة أن أكثر من 100 ألف شخص نزحوا في اليمن منذ مطلع العام الجاري بسبب القتال أو تفشي فيروس كورونا.
أثر الصراع
من جهتها، قالت المحامية والناشطة الحقوقية هدى الصراري، إن المقاتلين تصرفوا "دون احترام للقانون الدولي الإنساني الذي يحث أطراف الصراع على حماية المدنيين وتوفير الخدمات اللازمة لهم".
وأضافت للمشارق أن الصراع لا يبرر "تخاذل الأطراف وتقاعسها عن التزاماتها نحو المواطنين في مناطق سيطرتها، خصوصا مع تفشي جائحة كوفيد-19".
وأشارت إلى أن اليمن يفتقر إلى القدرة في تنفيذ الإجراءات الصحية اللازمة لمواجهة الفيروس، والذي شكل أحد أسباب النزوح في بعض المناطق.
إلى هذا، أكد وكيل وزارة حقوق الإنسان نبيل عبد الحفيظ للمشارق، أن موجه النزوح الهائلة "تعكس أثر الصراع والاشتباكات العسكرية وتفشي فيروس كورونا".
وأوضح أن "عدد النازحين يصل إلى أربعة ملايين، وهو رقم ضخم يستلزم مضاعفة جهود وكالات الأمم المتحدة لمساعدتهم وتخفيف معاناتهم".
وشدد على ضرورة أن تتواكب هذه المساعي بجهود لإحلال السلام.
وأضاف نصر أن إحدى المآسي الإنسانية التي نتجت عن الحرب هي حجم النزوح الذي حدث في اليمن.
وختم مشيرا إلى أن مساعدة النازحين يجب أن تحتل "سلم أولويات جميع الأطراف"، وذلك في ضوء ارتفاع تكاليف المعيشة والعدد المتزايد للنازحين.