يواصل النظام الإيراني إنفاق الأموال على الحرس الثوري الإيراني وإقامة تماثيل لقادته، حتى في ظل مواجهة البلاد انهيارا اقتصاديا وعقوبات دولية واضطرابات داخلية.
وقال محللون سياسيون إن إصرار إيران على المضي قدما بمشروعها الخارجي، الذي انعكس بتدخلها في صراعات بمختلف أنحاء المنطقة، قد لاقى انتقادات في المنطقة وبين صفوف الشعب الإيراني.
وإن هذا المشروع ممول على حساب الشعب الإيراني الذي شهد تدهورا في ظروفه المعيشية الداخلية، في ظل رداءة الخدمات العامة وقطاع صحي على وشك الانهيار جراء وباء كورونا.
وفي هذا السياق، قال الصحافي والمحلل السياسي العراقي زياد السنجري للمشارق إن معالجة الأزمات الاقتصادية والصحية المحلية "ليست أولوية أولى" بالنسبة للنظام.
وشرح أنه عوضا عن ذلك، يعتبر النظام الإيراني تمويل الحرس الثوري "أولوية قصوى، حيث أن وجوده مرهون بوجود الحرس الثوري وبالميليشيات الموالية له والتي يسخرها لتنفيذ عملياته القذرة خارج الحدود".
وأضاف أنه لهذه الغاية، يستمر النظام "بضخ الأموال للحرس الثوري وحلفائه في ظل اشتداد العقوبات الأميركية على مصادر تمويله".
يُذكر أن آخر موجة عقوبات استهدفت شركات وتجار معادن إيرانيين وقباطنة 5 سفن كانوا قد سلموا النفط الإيراني لفنزويلا.
جداريات وتماثيل
وأكد السنجاري أن "الحرس الإيراني يسيطر اليوم على أغلب مفاصل الدولة".
وذكر أنه لكسب عائدات لعملياته، سعى الحرس الثوري إلى استغلال البنية الاقتصادية للبلدان المجاورة، لافتا إلى أن المشروع الإيراني في العراق يركز على السيطرة على البلد واستنزاف موارده.
هذا وسعى الحرس الثوري إلى توسيع وحماية مصالحه في العراق عبر تمويل الميليشيات العراقية ونشر ولاية الفقيه، عبر إنشاء مدارس مثل مدرسة الخامنئي في محافظة نينوى.
وأشار إلى أنه في الوقت عينه، بالتزامن مع ما يعانيه الشعب من مصاعب، يعمل الحرس الثوري على إقامة الجداريات والتماثيل لقادته.
ويشمل ذلك جدارية "جمال النصر" الجديدة التي افتتحتها قوات الحشد الشعبي في 19 حزيران/يونيو عند مدخل مطار بغداد.
ويظهر فيها قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس نائب رئيس الحشد الشعبي، اللذين اغتيلا بضربة جوية أميركية بالقرب من المطار، وهما يحييان جمعًا من العراقيين.
يذكر أن تمثالا جديدا لسليماني قد نصب في مدينة جيروفت بمحافظة كرمان مسقط رأسه في حزيران/يونيو وسط موجة انتقاد عارمة لتزامنه مع أزمة فيروس كورونا، حيث انتقد مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي أولويات النظام الإيراني.
وفي هذه الأثناء بلبنان، نصب حزب الله اللبناني التابع والممول من إيران، تمثالا لسليماني في مدينة مارون الراس الجنوبية.
موجة رفض واستياء متزايدة
وفي هذا الإطار، قال المحلل السياسي غانم العابد للمشارق إن "الاستياء الشعبي يتعاظم داخل إيران. فالإيرانيون غاضبون من تجاهل نظامهم لمشاكل البطالة والغلاء والفقر والفساد".
كذلك، هم مستاءون من انعدام الشفافية للنظام، لا سيما فيما يتعلق بكيفية تعامله مع وباء كورونا (كوفيد-19) المستجد.
فبعد الكشف عن انتشار الفيروس وحتى المساهمة به، كانت إيران بطيئة بتطبيق إجراءات الصحة العامة، وتعرض الحرس الثوري للسخرية والانتقاد عند إعلانه ابتكار جهاز يكشف عن الإصابة بفيروس كورونا عن بعد.
وأكد أن النظام الإيراني "جعل من نفسه أضحوكة"، مشيرا إلى أنه كان من الأفضل بالنسبة له توجيه موارده للتصدي للوباء.
وتابع أن إيران تحاول اليوم اقتراض مليارات الدولارات من صندوق النقد الدوليتحت ذريعة مجابهة الوباء.
وفي حين يدعي المسؤولون الإيرانيون أن العقوبات أعاقت قدرتهم على مواجهة فيروس كورونا، إلا أن الخبراء في الشأن الإيراني يرفضون هذه الادعاءات قائلين إن النظام يسعى إلى صرف الانتباه عن طريقة تعامله مع الأزمة الصحية.