حذر مسؤولون يمنيون ودوليون من أن النظام الصحي في اليمن، الذي يعاني بالفعل بعد خمس سنوات من الحرب، يترنح على حافة الانهيار فيما يضطر للتعامل مع الضغوط الإضافية التي تسببها جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19).
وما يضيف من هذه التحديات هو إمكانية تقليص نطاق عدد كبير من البرامج، بما فيها تلك التي تتعامل مع أزمة كوفيد-19، في الأسابيع القادمة جراء العجز في التمويل، بحسب ما حذرت الأمم المتحدة يوم 22 أيار/مايو.
وأوردت وكالة الصحافة الفرنسية أنه في محاولة لتعزيز الدعم المقدم لليمن، ستستضيف الأمم المتحدة والمملكة العربية السعودية مؤتمرا للمانحين يوم الثلاثاء، 2 حزيران/ يونيو.
وقال يانس لاركيه المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) "نحث المانحين على التعهد بسخاء، كما نحث أولئك الذين أعطوا إشارة على تقديم تعهدات بالدفع المبكر لأن عملياتنا في اليمن تعاني من نقص شديد في التمويل".
وأضاف "إذا لم نتلق الأموال، فإن البرامج التي تبقي الناس على قيد الحياة، والتي تعد أساسية للغاية لمحاربة كوفيد-19، ستضطر للإغلاق".
وأوضح لاركيه أن الأمم المتحدة قدرت أنها بحاجة إلى ملياري دولار أميركي لمواصلة البرامج الأساسية في اليمن حتى نهاية العام، مشيرًا إلى أنه تم التبرع بـ 677 مليون دولار فقط حتى الآن هذا العام، مقارنة بأكثر من 4 مليارات دولار في عام 2019.
وأكد أن "اليمن على الحافة فعلًا الآن. والوضع مقلق للغاية".
وقد سجل اليمن رسميا 49 حالة وفاة، لكن منظمة أطباء بلا حدود قالت يوم 21 أيار/مايو إن 68 على الأقل من المرضى الحاملين للفيروس قد ماتوا في منشأتها بعدن في النصف الأول فقط من شهر أيار/مايو، واصفة ذلك بأنه "غيض من فيض".
ونوه لايركه إلى أن الأمم المتحدة "تعمل بافتراض أن الانتقال المجتمعي واسع الانتشار يحدث بالفعل الآن".
وأضافت منظمة أطباء بلا حدود أن عدد المرضى الذين تم إدخالهم إلى مركز العلاج الذي تديره في عدن، وهو المركز الوحيد المُخصّص لعلاج مرضى كوفيد-19 في جنوب اليمن بأكمله، "يشير إلى كارثة أكبر آخذة في التكشف في المدينة".
’كارثة صحية حقيقية‘
وكان ناصر باعوم وزير الصحة العامة والسكان قد أعلن عن استلام دفعة من 100 سرير عناية مركزة مقدمة من منظمة الصحة العالمية.
وقال إنه سيتم توزيعها على المحافظات لمواجهة جائحة كورونا.
وأضاف أن "البرنامج الوطني للإمداد الدوائي بحضرموت استلم أيضا الدفعة الثانية من المساعدات الصحية الخاصة بمكافحة كورنا والمقدمة من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية".
وتابع أن خمس شاحنات تحمل مساعدات صحية مقدمة من الهلال الأحمر الإماراتي تم تسليمها لبرنامج الإمداد الدوائي في عدن، مشيرًا إلى أنه سيتم توزيع المساعدات على جميع المحافظات.
من جانبها، قالت إشراق السباعي المتحدثة باسم اللجنة الوطنية العليا لمواجهة فيروس كورونا باليمن إن اليمن يعيش كارثة صحية حقيقية بسبب وباء كورونا.
وأضافت السباعي ضمن حديثها للمشارق أن "نقص المعدات المخبرية لفحص الحالات المشتبه بها، إضافة إلى أعداد الوفيات الكبيرة في عدن، يجعلنا أمام حقيقة صعبة وكارثية تهدد حياة الكثير من السكان".
وطالبت المنظمات الدولية بأن تخصص مستشفيات ومراكز عزل لمواجهة فيروس كورونا وأن تدعم اليمن بتوفير كافة المستلزمات، وخصوصًا وسائل الحماية الشخصية للعاملين في المجال الصحي.
وأكدت أنهم "خط المواجهة الأول".
الحاجة لدعم ’متسارع‘
بدوره، قال الدكتور عبد الرقيب الحيدري وكيل وزارة الصحة للمشارق إن "الدعم المقدم لليمن يجب أن يكون بوتيرة متسارعة حتى لا تتضاعف أعداد الإصابات".
وأضاف أن المستشفيات المتنقلة وتوفير مستلزمات الفحص في كل المحافظات "سيوضح حقيقة انتشار الوباء في اليمن"، مشيرا إلى أن كثير من المرضى يموتون دون التحقق من سبب موتهم.
وأشاد عبد الرقيب بمقترحات منظمة الصحة العالمية حول "تجهيز سفن مجهزة بمستشفيات متنقلة لمواجهة تفشي فيروس كورونا".
من جانبه، قال محمد ربيد نائب مدير عام مكتب الصحة والسكان بمحافظة عدن إن عدن واليمن "بحاجة إلى دعم حقيقي وعاجل من المجتمع الدولي ومنظمات الأمم المتحدة لمواجهة تفشي وباء كورونا".
وأضاف في حديث للمشارق أن عدد الضحايا يتضاعف في ظل نقص كبير للمستلزمات الطبية ومحاليل الفحص، إضافة إلى نقص الكوادر التي تخشى اصابتها بعد إصابة البعض منهم بالفيروس.
وأوضح أن "الأطباء بين خيارين: إما التوقف عن العمل أو الاستمرار في أداء مهامهم في ظل نقص الإمكانيات، وخصوصا وسائل الحماية الشخصية لهم".