قال خبراء لديارنا إن حملة العقوبات الأميركية الشرسة قد أحرزت تقدما إذ قطعت الحرس الثوري الإيراني عن شبكته المالية الأجنبية التي تمول الأنشطة المهددة للأمن العالمي.
وذكروا أن تأثير العقوبات التي استهدفت المصالح الاقتصادية للنظام الإيراني ووكلائه، لا سيما الميليشيات التابعة لإيران في العراق ولبنان، أصبح ظاهرا أكثر فأكثر.
وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد فرضت عقوبات على عشرات المؤسسات والأفراد الذين يمولون الحرس الثوري ويؤمنون له ملايين الدولارات عبر عمليات تبييض أموال وأنشطة تجارية غير مشروعة وحملات لجمع التبرعات.
واستهدفت آخر دفعة من العقوبات التي أعلن عنها في 26 آذار/مارس، شبكة كبيرة مؤلفة من 15 شخصا و5 مؤسسات تعمل في العراق وإيران، وكانت تدعم فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
والشبكة متورطة في نقل المساعدات الفتاكة إلى الميليشيات العراقية المدعومة من إيران مثل كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق، إلى جانب التهريب عبر مرفأ أم قصر العراقي وتبييض الأموال من خلال شركات عراقية تخدم كواجهة.
ومن ضمن تهم أخرى وجهت إليها، ذكرت وزارة الخزانة الأميركية أنها متورطة أيضا في بيع النفط الإيراني للنظام السوري وتهريب الأسلحة إلى اليمن.
وفي هذا السياق، قال مستشار المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، غازي فيصل حسين، إن العقوبات الجديدة "تندرج ضمن سلسلة الضغوطات التي تمارسها واشنطن لتجفيف منابع تمويل النظام الإيراني والميليشيات الموالية له".
وذكر لديارنا أنه "لا يحق لأي جهة التعامل مع الشبكات الخاضعة للعقوبات أو تقديم أي نوع من التسهيلات لها".
وتابع: "عليها وقف تحويلاتها المصرفية وعمليات البيع والشراء وأنشطتها المالية والاقتصادية كافة".
ʼمصدر تهديد كبيرʻ
وأضاف حسين أن الحرس الثوري ووكلاءه، وبينهم الأفراد والشركات المحددة في قائمة العقوبات، "يشكّلون مصدر تهديد كبير على السلم الدولي عبر عملياتهم المسلحة المهددة لأرواح المدنيين".
وأردف أن البعض تورط في أنشطة مثل التجارة بالمخدرات والأسلحة وتهريبها ونهب ثروات الشعوب، مؤكدا أن العقوبات "حدت كثيرا وبصفة خاصة من نشاطات شركاء إيران".
ولفت إلى أن "العقوبات استهدفت العديد من شبكات الصرافة والتجارة وغسيل الأموال العاملة لصالح حزب الله اللبناني وإيران في أفريقيا وأميركا اللاتينية".
وأكد أنه نتيجة لذلك، "يعاني حزب الله اليوم من ضائقة اقتصادية غير مسبوقة اضطر معها لسحب بعض عناصره من سوريا".
ونوّه أن "هذا الأمر ينطبق أيضا على ميليشيات إيران في العراق والتي طالت العقوبات الكثير من زعاماتها وقوّضت نشاطاتهم في تهريب الأموال والنفط واستنزاف الاقتصاد العراقي".
وذكر النائب العراقي السابق مثال الآلوسي لديارنا، أن "ممولي إيران ووكلائها هم عبارة عن شبكة منظمة وواسعة النطاق تنشط في أعمال كثيرة ولا حصر لها كالابتزاز وفرض الضرائب وسرقة الممتلكات العامة وتهريبها".
وأشار إلى أن العقوبات الأميركية تستهدف بالدرجة الأولى أذرع هذه الشبكة وخطوطها، وتهدف إلى تفكيكها في المنطقة وحول العالم.
عقوبات ʼفعالة ومؤثرةʻ
وقال الآلوسي إنه من خلال حملة العقوبات، تهدف الولايات المتحدة إلى تعطيل وكلاء إيران المسؤولين عن إيذاء آلاف الأبرياء وارتكاب انتهاكات عدة.
وأوضح أن العقوبات قد تمهد لإجراءات أكثر قسوة تجاه النظام الإيراني وحلفائه، داعيا المجتمع الدولي للعب دور أكبر لجهة احتواء خطر إيران.
من جانبه، اعتبر الكاتب والباحث السياسي البحريني عبد الله الجنيد في حديث لديارنا، أن العقوبات المفروضة على الشبكات الممولة للحرس الثوري أثبتت أنها "فعالة ومؤثرة".
وأضاف أنها عطلت الأجندة الإيرانية التي تسعى إلى "إشعال المنطقة" وإغراقها بالحروب والمشاكل والصراعات.
وذكر الجنيد أن العقوبات أطاحت بعدد من الأشخاص والشركات والمنظمات التي كانت تمول النظام الإيراني وتساعده في تحدي المجتمع الدولي والقرارات الدولية.
وتابع أن العقوبات منعت النظام الإيراني والحرس الثوري من مواصلة أنشطتهما العدائية عبراستهداف تمويلهما للميليشيات.
وفي فيديو صُور في منتصف شباط/فبراير الماضي وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي في مطلع نيسان/أبريل، كشف الوزير السابق في الجمهورية الإسلامية برويز فتاح، أن القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري طلب منه مرة المساعدة على تمويل لواء فاطميون الأفغاني.
وشُكلت الوحدة العسكرية على يد فيلق القدس في 2014 للقتال في سوريا إلى جانب القوات الموالية لبشار الأسد.
وشدد الجنيد في هذا السياق على أهمية مواصلة تعقب حركة الأموال التي تؤدي إلى الجماعات الموالية لإيران، والتحقيق في الأموال التي تأتي عن طريق تبرعات وتعاملات مالية ضخمة أخرى.
وختم مؤكدا أن تمادي نظام إيران في تبني سياسة أجنبية عدائية سيكلفه الكثير.