على الرغم من أنه لم تسجل في اليمن حتى الآن أي إصابة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، أكد خبراء صحيون أن مسألة وصول الوباء العالمي إلى هذا البلد الذي مزقته الحرب هي مسألة وقت ليس إلا.
فبعد خمس سنوات على اندلاع الحرب إثر الانقلاب الذي نفذه الحوثيون المدعومون من إيران (أنصار الله) في ايلول/سبتمبر من العام 2014، تدهورت البنية التحتية الصحية في البلاد إلى حد ينذر بوقوع كارثة في حال تفشي الوباء.
وفي وقت يكافح فيه الملايين للبقاء على قيد الحياة دون أي مساعدة واضطرار معظم الثلاثة ملايين نازح للإقامة في مخيمات، بات السكان معرضين أكثر للإصابة بالأوبئة كفيروس كوفيد 19.
ووفقا لتحليل أجرته مؤسسة راند عام 2016، يعد اليمن واحدا من 25 دولة في العالم الأكثر تعرضا لتفشي الأمراض المعدية، علما أن بين البقية هناك 22 دولة في أفريقا تلتقطها عبر المياه.
إلى هذا، أكدت منظمة الصحة العالمية يوم الثلاثاء، 17 أذار/مارس، عدم وجود إصابات بفيروس كورونا في اليمن.
وقالت إنها تعمل مع السلطات في صنعاء وفي العاصمة المؤقتة عدن حيث مقر الحكومة الشرعية، لإخضاع الداخلين إلى البلاد للفحوصات المطلوبة.
من جانبها، أكدت ممثلة منظمة الصحة العالمية لدى اليمن، ألطاف موساني، أن "الفيروس لا يحترم أي حدود".
ففي السعودية المجاورة، أبلغ عن 274 حالة إصابة بفيروس كوفيد 19، وأغلقت المملكة دور السينما ومراكز التسوق والمطاعم، كما أوقفت الرحلات الجوية وعلقت مراسم العمرة إضافة إلى صلاة الجماعة داخل المساجد.
وحتى الآن، سجل وقوع أكثر من 1000 إصابة بالفيروس في دول مجلس التعاون الخليجي الست.
الشعب اليمني يهب للمساعدة
وأضافت الموساني أن اليمن "يعاني من نقص في عدد الاختبارات الطبية المتوفرة".
وتابعت أن منظمة الصحة العالمية وزعت أطقمة من الأدوات الواقية تحتوي على قفازات وكمامات، لكنها "بالكاد تكفي" وهي بصدد تأمين عدد أكبر منها.
في غضون ذلك، وبعد أكثر من عقد على إغلاقه، أعادت 20 امرأة يمنية تشغيل مصنع في صنعاء لخياطة كمامات للوجه تحسبا لتفشي الوباء.
وأدى القتال بين القوات اليمنية والحوثيين إلى شل الاقتصاد ونظام الرعاية الصحية، ما يحد من قدرتهم على التدخل حين يستدعي الأمر ذلك.
وقالت إحدى الخياطات، فاتن المسعودي: "نحن نعمل على الكمامات منذ يوم الاثنين، ونحمد لله أننا بدأنا العمل عليها قبل وصول المرض إلينا كإجراء وقائي يجعلنا بمنأى عن الحاجة إلى استيرادها من الخارج".
وأكدت المسعودي أنها على "استعداد للعمل في المصنع مجانا من أجل صحة أطفالنا ورضعنا ونسائنا"، علما أنها بخلاف باقي النساء، لا تتقاضى راتبا منتظما إنما تحصل على مبلغ من المال عن كل كمامة تخيطها.
وقال مدير المصنع عبد الله شيبان: "حولنا قسم تصنيع الملابس في قسم الخياطة إلى قسم ينتج الكمامات".
وهو يأمل أن يتمكن المصنع من خياطة 8000 إلى 10000 كمامة يوميا، وذلك عبر تشغيل 80 ماكينة.
ويقوم مصنع آخر في صنعاء حاليا بتصنيع معقم لليدين.
انتقاد استجابة الحوثيين
وأكد الحوثيون يوم السبت تعليق الرحلات الجوية التجارية من وإلى مطار صنعاء مدة أسبوعين، للحؤول دون دخول فيروس كورونا المستجد.
وأعلنوا يوم الاثنين تعليق العمل في المدارس والمعاهد والجامعات، وإغلاق صالات المناسبات والحمامات العامة والنوادي الرياضية.
ومع ذلك، قال وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني للمشارق، إنه حتى في الوقت الذي نواجه فيه خطر اندلاع أزمة صحية كبيرة، تواصل الميليشيا جهودها لحشد مؤيديها.
وأضاف أن "الحوثيين يواصلون حشد المواطنين ... للمشاركة في ندواتهم وفعالياتهم السياسية والدينية، وحتى لإرسالهم إلى جبهات الحرب للقتال".
وتحدث عن مخاوف من أن يستغل الحوثيون هذا الوضع "لتسوية حساباتهم مع الذين يناهضون انقلابهم"، مشيرا إلى أنهم "شددوا حصارهم في تعز تحت ذريعة الإجراءات الاحترازية".
وتابع أن "الحوثيين يناقضون أنفسهم بشدة". وأوضح أنه "في الوقت الذي يتحدثون فيه عن اتخاذ احترازية لمواجهة استشراء فيروس كورونا، تراهم يعقدون ندوات وينظمون مناسبات سياسية ودينية ويحشدون الناس للتوجه إلى الجبهات، وذلك في جميع المحافظات الخاضعة لسيطرتهم".
وفي هذا الإطار، أشار المحلل السياسي، فيصل أحمد، إلى أن استعدادات الحوثيون تجري "على قدم وساق" لتنظيم مسيرات يوم 26 أذار/مارس، وهو تاريخ انطلاق عملية العاصفة الحاسمة حين انخرط التحالف العربي بالنزاع.
وذكر للمشارق أن "الحوثيين لم يغلقوا أسواق القات التي تستقطب أكبر حشد من الناس، على الرغم من أن الحكومة الشرعية أغلقتها ضمن الإجراءات الاحترازية التي تتخذها".