لا تزال أذرع إيران في المنطقة تحاول التعامل مع مقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني يوم 3 كانون الثاني/يناير وما سيعنيه ذلك لعملياتها.
فقد كان سليماني، الذي يتحدث اللغة العربية بطلاقة، مسؤولا عن الإشراف على عمليات الحرس الثوري الخارجية، وكان ضالعا بصورة كبيرة في توجيه وتنسيق أعمال الميليشيات المدعومة من إيران في المنطقة.
ومنذ مقتله، كانت هذه التنظيمات تتعثر،وكثير منها يتساءل عن الدور الذي سيلعبه أكبر تنظيم بينها، وهو حزب الله اللبناني، من الآن فصاعدا.
وفي خطاب ألقاه في بيروت، كشف الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله أن سليماني زاره قبل فترة وجيزة من اغتياله، وأنه كان يزور لبنان بصورة منتظمة منذ تعيينه في عام 1998 كقائد لقوة القدس في الحرس الثوري الإيراني.
وأضاف نصر الله أنه بعد تولي سليماني لمهام منصبه، "لم نعد بحاجة لإرسال وفود إلى إيران لنطلب الدعم أو المساعدة أو نشرح الأوضاع أو الظروف أو الصعوبات، فهو دائمًا كان يحضر إلينا ويأتي في أوقات متقاربة جدًا".
وأوضح أن "المساعدة التي كان يُقدمها لنا هي مساعدة فكرية ومادية ومعنوية، فضلا عن حضوره الدائم إلى جانبنا"، مبينًا أن الحرس الثوري كان يمد حزب الله "بموارد وأموال وسلاح ومدد".
وكشف نصر الله أن سليماني طلب من حزب الله لاحقا أن يلعب دورا في العراق أثناء اجتياح تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) لذلك البلد.
ويقول خبراء في الشؤون الإيرانية للمشارق إنه من الممكن أن يؤدي مقتل سليماني إلى دور أكبر لحزب الله في العراق، وهو مسرح العمليات الرئيسي للقائد السابق لقوة القدس.
التأثير على حزب الله
بدوره، قال الباحث المقيم في مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت مهند الحاج إن علاقة سليماني بحزب الله كانت في الأساس علاقة تنسيقية، وذلك بخلاف دوره في العراق حيث كان يؤدي دورا قياديا مقررا.
وأضاف أن "السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل سينعكس هذا الغياب على دور الحزب ووظيفته في المنطقة؟"
وتابع في حديث للمشارق "بمعنى آخر، هل سيكون للحزب دور أكبر في الملفات الإقليمية؟ وإذا حدث ذلك، فإنه سيرتب تداعيات على موقف لبنان، وهنا تكمن الخطورة".
وأشار إلى تعليقات نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم عندما قال في طهران بعد وفاة سليماني إن اغتياله سيرتب على الميليشيا مسؤوليات جديدة.
وتساءل الحاج"فما هي هذه المسؤوليات؟ هذا ما ننتظر أن تكشفه الأيام المقبلة".
وأضاف أن تعليقات قاسم قد تكون إشارة إلى دور حزب الله في العراق الذي برز من خلال التقارير عن اجتماع عقد في بيروت من أجل لم شمل الفصائل العراقية الموالية لإيران وتنظيمها للانتقام لسليماني.
وأكد أنه "من الواضح أن الكلام عالي النبرة للحزب يدل على دور متعاظم له".
إيران تحاول المضي قدما
من جهته، يرى الخبير العسكري خليل حلو في حديث للمشارق أن تأثير غياب سليماني سيكون على الشخصيات القيادية في المحور الإيراني، حيث أنه سيدفعها لإعادة حساباتها ومواقفها.
وقال إن تأثير مقتل سليماني على حزب الله لن يتخطى الجانب المعنوي لأن الحزب اكتسب خبرة قتالية كبيرة في سوريا، "ولم يعد بحاجة الى المساعدة الإيرانية المباشرة في الميدان".
وأضاف أن حزب الله مستمر في مواجهة قيود جراء العقوبات المالية المفروضة عليه وعلى ايران والتي حدت من مواردهم وقيدت حركة المساعدات العسكرية التي كانت تصلهم من ايران.
بدوره، قال الكاتب السياسي المتخصص في الجماعات المتطرفة قاسم قصير إنه رغم مقتل سليماني، فإن فيلق القدس سيستمر مثلما كان يعمل في الماضي.
وأضاف في حديث للمشارق أن العمل في إيران وحزب الله يتم من خلال إطار مؤسساتي وبالتالي فإن غياب الأفراد، وبغض النظر عن مكانتهم الكبيرة، لا يؤثر على آلية العمليات.
وأوضح أن الدليل على ذلك هو "المسارعة بتعيين بديل عن سليماني"، مشيرا إلى أن مجلس الأمن القومي الإيراني قرر في اجتماعاته الأخيرة تخصيص نحو 200 مليون دولار أميركي لفيلق القدس.
وأكد أن ذلك يبدو أنه يشير إلى أن النظام الإيراني يسعى لتكثيف أنشطته الإقليمية، مضيفا أنه يعتقد أن الرد على مقتل سليماني "لن يكون بتحريك حزب الله لوحداته الميدانية"، بل سيتم في الساحة العراقية.