فتحت القوى الأمنية اللبنانية يوم الاثنين، 25 تشرين الثاني/نوفمبر، كل الطرق في مختلف انحاء لبنان، ما وضعها في مواجهة مع المتظاهرين الذين خرجوا إلى الشوارع في وقت مبكر من الصباح على الرغم من تعرضهم للهجوم ليلًا من قبل مناصري حزب الله وحركة أمل.
وكان المتظاهرون الذين يطالبون بتغيير حكومي شامل قد ظلوا في حالة تعبئة منذ بدء الاحتجاجات يوم 17 تشرين الأول/أكتوبر، لكن الطبقة السياسية المنقسمة بشدة لم تجد بعد سبيلًا للخروج من الأزمة.
ونظرا لإحباطهم من الجمود، دعا المتظاهرون إلى وضع حواجز على الطرق وبدء إضراب عام يوم الاثنين، لكن هجوما من مناصري حزب الله وحركة أمل ليل الأحد أضعف الإقبال.
ففي حوالي منتصف ليل الأحد، قام مناصرو حزب الله وحركة أمل بالهجوم على المتظاهرين فوق أحد الجسور بالقرب من أحد خيام التظاهرات الرئيسية بالعاصمة.
حيث ألقى المناصرون، وهم يرفعون رايات أحزابهم، الحجارة على المتظاهرين السلميين ووجهوا لهم الشتائم فيما تم نشرت شرطة مكافحة الشغب لاحتواء العنف.
كما قام المهاجمون بتخريب مخيم يقع بالقرب من المكان، حيث قاموا بتمزيق الخيام وتدمير واجهات المتاجر في أكثر هجماتهم خطورة على المتظاهرين حتى الآن.
وقالت قوات الدفاع المدني إن عشرة متظاهرين على الأقل أصيبوا، دون تحديد مدى إصاباتهم.
عواقب متوترة
وفي صباح يوم الاثنين، كانت الحجارة المتناثرة والزجاج المشهم وبقايا الخيام تملأ الأرض في معسكر الاحتجاج الرئيسي.
وفي المنطقة التي حول الساحة، تم تحطيم نوافذ السيارات بالحجارة.
لكن المتظاهرين قالوا إنهم لن يستسلموا.
حيث قال داني عياش، 21 سنة، الذي كان يغلق طريقا رئيسيا في حي الحمرا ببيروت في وقت مبكر من يوم الاثنين إن "الهجوم أعطانا جميعا، على الأقل الأشخاص الذين هم هنا الآن، إحساسا بالتصميم".
وقد تم نشر القوات الأمنية في المناطق الحيوية في شمال وشرق بيروت يوم الاثنين، مع إزالة المتاريس المعدنية والحواجز الترابية التي أقامها المتظاهرون في وقت سابق.
وقال الجيش إنه اعتقل تسعة أشخاص شمال بيروت في الفجر بعدما حاولوا إغلاق الطرق باستخدام الوقود الحارق والزجاج المشهم.
كما قام بتوقيف أربعة آخرين من "مثيري الشغب"، لكنه أطلق سراح ثلاثة منهم بعد وقت قصير.
هذا وقد تعرضت قوات الأمن لانتقادات جديدة عقب هجوم الأحد، حيث اتهمها المتظاهرون بالتراخي مع مناصري حزب الله وحركة أمل، حيث سمحت لمعظمهم بالخروج من المنطقة.
وقد دفعت هذه الانتقادات وزيرة الداخلية ريا الحسن إلى الرد يوم الاثنين بالقول إن قوات الجيش والشرطة تظل هي "الضامنة الوحيدة لاستقرار البلاد".
شلل سياسي
هذا وقد فشل الزعماء السياسيون في اختيار حكومة جديدة بعد حوالي شهر منذ استقالة حكومة رئيس الوزراء سعد الحريري استجابة للضغوط الشعبية.
وقال الرئيس ميشال عون إنه منفتح على حكومة تضم تكنوقراط وممثلي الحركة الشعبية، وكلاهما مطالب رئيسية للمتظاهرين.
لكن المتظاهرين يقولون إنهم يرفضون أية حكومة تضم أيضا ممثلين للأحزاب القائمة.
وفي هذه الأثناء، حثت الولايات المتحدة وفرنسا والبنك الدولي ووكالات التصنيف الائتماني كل المسؤولين للإسراع بالتشكيل الحكومي، محذرين من أزمة اقتصادية وسياسية متفاقمة.
وفي آخر المبادرات الدبلوماسية، توجه ريتشارد مور، وهو مسؤول بارز بوزارة الخارجية البريطانية، إلى لبنان يوم الاثنين.
حيث قال بيان للسفارة البريطانية إنه "سيؤكد على الحاجة الماسة لتشكيل حكومة" وذلك أثناء لقاءاته مع الرئيس ورئيس الوزراء ووزير الخارجية ورئيس مجلس النواب وقائد الجيش.
وقد نقل عن مور، الذي يشغل منصب المدير العام للشؤون السياسية، قوله إن "الشعب اللبناني كان واضحا في مطالبته بحكم أفضل، وينبغي أن يسمع له".