تشارك دول الخليج في مناورات عسكرية مشتركة مع القوات الأميركية لتعزيز العلاقات بين الجيوش المعنية عملا بالتزامها تحقيق الاستقرارالإقليمي على المدى الطويل، حسبما أكد خبراء عسكريون.
وتواصل القوات الأميركية تدريباتها مع شركائها الإقليميين في قاعدة العريض الجوية في قطر لتعزيز قدرتهم الدفاعية ضد التهديدات الإقليمية.
فالتدريب المشترك يساعدهم على تحسين قدرتهم على الحماية والوقاية من أي خروقات مستقبلية وبناء جبهة موحدة لردع أي هجوم، سواء جاء من إيران أو من لاعبين خارجين عن الدولة يهددون بزعزعة استقرار المنطقة.
وقالت القيادة المركزية للقوات الجوية الأميركية إن سيناريوات التدريب التي أجرتها خلال الصيف الماضي اختبرت انتقال القوات المشاركة من العمليات الثابتة إلى عمل دفاعي فعلي ومشترك في المنطقة.
وأوضحت أنه جرى اختبار عمليات القيادة والسيطرة، إضافة إلى عمليات التبادل والاتصال المشتركة.
وشكلت منظومة الدفاع الجوي والصاروخي المتكاملة والموحدة ركنا أساسيا في التدريبات الصيفية، إذ تعتبر عنصرا حيويا في تأمين استمرارية القدرة على التشغيل والرد إذا تعرضت القواعد والأفراد للهجوم.
إلى هذا، صممت تمرينات الدفاع الجوي والصاروخي (AMDEX) في الخليج لدعم أمن المنطقة والعالم إلى جانب دول الخليج، إذ تعتبر مياهه الممر الرئيس لنسبة كبيرة من تجارة النفط.
وهي مصممة أيضا لاختبار منظومة الإجراءات الدفاعية الجوية والصاروخية المتكاملة والموحدة في بيئة مشتركة.
وفي حديثه للمشارق، أكد الباحث القطري في الشؤون الدولية، محمود عبد المنعم، أن التمرينات المشتركة الجارية "مهمة للغاية بل أساسية على صعيد التعاون العسكري بين القطعات المعنية".
وأضاف أنها ترسل أيضا رسالة ردع لإيران والحرس الثوري الإيراني، أن دول الخليج وحلفاءها في جهوزية تامة لردع أي خروقات مستقبلية.
وتابع أن هذه التدريبات تعبر عن وحدة القوات المشاركة، بغض النظر عن التباينات السياسية التي يمكن أن تكون بينها.
وأكد عبد المنعم أن "هذه التدريبات تضمن الأمن الاقليمي ليس فقط راهنا بل على المدى الطويل، لأنها تؤسس لحالة من التأهب التام والجهوزية الكاملة للرد على أي اعتداء مستقبلي".
ولفت إلى أن هذه التدريبات تكتسب بعدا عالميا لأن "أي اهتزاز في أمن الخليج سيؤدي الى نتائج كارثية إقليميا ودوليا وعلى جميع الأصعدة".
المناورات تضمن جهوزية كاملة
من جهته، أشار الخبير العسكري السعودي اللواء المتقاعد منصور الشهري للمشارق، إلى أن "تأمين المجال الجوي الخليجي وتأهيله لمواجهة أي خروقات صاروخية أو بواسطة الطائرات، يحتاج للكثير من التدريبات والتمرينات للوصول الى الجهوزية الكاملة".
وأوضح أن "كل جيش من جيوش المنطقة يشكل قطعة أساسية من مجموع قطع منظومة الدفاع، وبالتالي فإن التناغم مطلوب لاقصى الدرجات".
وتابع أنه لا يمكن الوصول إلى ذلك إلا من خلال التمرينات التي تتيح التواصل الحقيقي بين غرف العمليات والقطع العاملة، وتؤمن الانسيابية اللازمة للتنسيق بين جيوش المنطقة.
وأردف الشهري أن أمن منطقة الخليج يوازيه أمن المجتمع الدولي ككل، بسبب موارد الطاقة والنفط الموجود فيها.
وأكد أن أي اضطراب في أمنها سيتسبب في اضطراب أمني عالمي ويرفع أسعار النفط عاليا ويربك الأسواق.
وقال الشهري: "لذا، تحرص الولايات المتحدة ومعها دول الخليج للبقاء على أهبة الاستعداد لمواجهة أي طارئ قد يحصل في المنطقة حفاظا على الأمن الدولي، وبالتالي على أمن الاقتصاد العالمي".
منظومة دفاعية موحدة
أما الضابط المتقاعد في الجيش الإماراتي عبد الله العامري، فقال للمشارق إن "التدريبات الجوية والصاروخية تتعلق بأمن منطقة الخليج ككل، وتأمين جميع المناطق البرية والمؤسسات والمرافق الحيوية العسكرية والمدنية".
وشدد على الحاجة أيضا إلى تأمين الحدود الجوية والبحرية، مشيرا إلى أن الاتصالات وتقنياتها "تعتبر حيوية في الحروب المعاصرة".
وذكر العامري أن "الردع المناسب لاستخدام أذرع الحرس الثوري الإيراني أساليب غير تقليدية في اعتداءاتهم على دول الخليج هو المزيد من التمرينات التي ستتيح التعامل مع أنواع الاعتداءات وأشكالها كافة".
وتابع أن هذه التدريبات المشتركة تعد حيوية في ظل التهديدات الإيرانية، "إذ تتطلب الظروف الراهنة البقاء على أهبة الاستعداد والجهوزية لمواجهة جميع أنواع الاعتداءات الصاروخية والجوية".
ولفت إلى أن غرف العمليات والمراقبة عبر الأقمار الاصطناعية تلعب الدور الأساسي في الحروب المعاصرة، مؤكدا أهمية امتلاك "منطقة الخليج لمنظومة دفاع جوي وصاروخي متكاملة".
وأضاف أنه "لا يمكن التوصل لهذا التكامل إلا من خلال التدريبات المستمرة بين المنظومات الجوية والصاروخية لدول الخليج والحليف الأساسي لها أي الولايات المتحدة، للوصول الى التناغم الكلي".
وختم بالقول إن هذا الأمر يضمن لدول الخليج القدرة على إقفال مجالها الجوي بالتكامل المطلوب لمواجهة أي تهديد أو خطر أمني.