قال خبراء يمنيون إن الصراع الداخلي بين الحوثيين (أنصار الله) بلغت حدته مستوى لم تصل إليه منذ سنوات، وأدى في الآونة الأخيرة إلى مقتل عدد من قادتهم.
وقالوا إن النزاعات الداخلية بين قادة الميليشيا المدعومة من إيران بدأت تظهر على السطح على الرغم من محاولات الحوثيين إخفائها.
وفي 9 آب/أغسطس، قتل إبراهيم بدر الدين الحوثي في صنعاء، وذكرت بعض التقارير أنه اغتيل على أيدي فصيل منافس داخل الميليشيا.
وهو أحد زعماء الحوثيين البارزين، وشقيق زعيم الميليشيا عبد الملك الحوثي.
وقال المحلل السياسي فيصل أحمد للمشارق إن اغتيال إبراهيم بدر الدين الحوثي المزعوم، دليل بارز على تصاعد الخلافات الداخلية.
وبدأت المشكلة عندما أصدر رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين، مهدي المشاط، في 31 تموز/يوليو مرسوما بتعيين أبرز زعيم للميليشيا، محمد الحوثي، في مجلس الشورى.
ورفض محمد الحوثي الذي قاد انقلاب الحوثيين عام 2014 هذا المرسوم، لأنه عزله من المجلس السياسي الذي يعتبر الكيان الأقوى في هيكلية الميليشيا.
وكشف أحمد أن إبراهيم الحوثي وإخوته أيدوا قرار المشاط بتعيين محمد الحوثي في مجلس الشورى لأنه أقل أهمية بكثير من المجلس السياسي الذي يعد السلطة الأعلى في الميليشيا.
وأردف أحمد أن الهدف الواضح من وراء هذا المرسوم هو "كبح نفوذ محمد الحوثي المتزايد"، مشيرا إلى أن الصراع السياسي الذي تلاه "هو السبب المحتمل خلف مقتل إبراهيم".
نزاع مناطقي وعائلي
بدوره، قال المحلل السياسي وضاح الجليل، إن الصراع الداخلي بين الحوثيين اندلع قبل أن تتمكن الميليشيا من تحقيق هدفها في السيطرة على المناطق المستهدفة.
ولفت للمشارق إلى أن "الواقع يدل على أن الجماعة تواجه أعداء أقوياي من داخلها وخارجها، إضافة الى الرفض الشعبي لها".
وذكر أن قادة الميليشيا المنتمين لعائلات هاشمية أو حوثية تتحدر من محافظة صعدة، يتمتعون بمعاملة مميزة ويتولون مناصب أرفع من القادة المتحدرين من محافظات أخرى.
وأوضح الجليل أن الصراع قائم بين العائلات الحوثية، إذ تحاول كل منها الاستئثار بالحكم دون غيرها.
وأضاف أن الميليشيا تحاول إخفاء الصراع الداخلي، إلا أن التعيينات الأخيرة وتصفية عدد من القيادات القبلية والمجتمعية الموالية للحوثي تكشف "ارتفاع حدة النزاع بين قيادات الصف الأول".
وقال الجليل إن الصراع بين قادة الحوثيين هو أيضا نزاع مناطقي، موضحا أن "قادة المجموعة الذين يتحدرون من صعدة يعتقدون أن لهم الحق الحصري في الحكم والسيطرة لأنهم هم من خاض الحروب".
واندلع النزاع في صعدة في شمال البلاد عام 2004، عندما حاولت الحكومة اليمنية اعتقال الزعيم الديني للحوثيين، حسين بدر الدين الحوثي، ما أثار الحوثيين ضد القوات اليمنية.
وتابع الجليل أن "القيادات الحوثية المتحدرة من صنعاء أو ذمار لم تخض تلك الحروب"، ولذلك تشعر أسر صنعاء وذمار بظلم كبير أدى الى تفاقم الصراعات داخل الجماعة.
وأردف أنه في حزيران/يونيو الماضي، أقدم عناصر موالون للقيادي الحوثي عبد الحفيظ السقاف على قتل اسماعيل عبد القادر السفياني في محافظة اب بسبب صراع على إيرادات المؤسسات المحلية في المحافظة.
وتابع أن السقاف لم ينل العقاب الذي يستحقه من الميليشيا لأنه مدعوم من زعيمها، عبد الملك الحوثي.
واتفق معه الناشط الحقوقي والمحامي عبد الرحمن برمان، وقال إن قادة الجماعة المتحدرين من محافظة صعدة يتمتعون داخل الميليشيا بموقع أرفع من القادة المنتمين للأسر الهاشمية في صنعاء وذمار.
وكشف في حديثه للمشارق، أن "القادة المتحدرين من صعدة هم من شاركوا في تأسيس الجماعة، وخاضوا مختلف الحروب وصولا إلى صنعاء".
وأضاف أن القادة الحوثيين من صنعاء او ذمار يشعرون بالاضطهاد خصوصا أنهم هم من ساعدوا جماعة الحوثي على الاستيلاء على المؤسسات ومراكز السيطرة فيها وفي المحافظات المجاورة.
واستدرك برمان بقوله: "لذلك، التمييز الحاصل لصالح قادة الحوثيين المتحدرين من محافظة صعدة، يجعل الصراع الداخلي أكثر ضرواة لأنه صراع من أجل النفوذ والسيطرة".