أكد مراقبون أن اعتقال زعيم يمني في تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) يُظهر عزم الحكومة اليمنية والتحالف العربي في تقويض جهود المتطرفين الرامية إلى إنشاء موطئ قدم لهم في البلاد.
وأعلن المتحدث باسم التحالف العربي العقيد تركي المالكي الثلاثاء، 25 حزيران/يونيو، أن قوات العمليات الخاصة السعودية واليمنية ألقت القبض على زعيم تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في اليمن، أبو أسامة المهاجر.
وقال المالكي إنه تم أيضا اعتقال عدد من عناصر داعش خلال المداهمة نفسها التي نفذت في مطلع حزيران/يونيو، بمن فيهم المسؤول المالي للتنظيم.
وأضاف أن "المراقبة المستمرة لأحد المنازل أثبتت وجود أمير وأعضاء تنظيم داعش الإرهابي، وكذلك وجود ثلاث نساء وثلاثة أطفال"، مؤكدا عدم سقوط أي ضحايا في صفوف المدنيين.
ومن جانبه، وصف نبيل عبدالحفيظ وكيل وزارة حقوق الإنسان في اليمن، المهاجر بأنه "من أخطر القيادات لتنظيم داعش".
وكشف أنه تم تحديد موقع أمير داعش في اليمن ورفاقه وألقي القبض عليهم في الغيظة مركز محافظة المهرة الواقعة في جنوبي شرقي اليمن والمحاذية لحدود سلطنة عمان.
وتابع أن "هذا العمل يؤكد أيضا أن التحالف العربي لا يعمل في محاربة الحوثي (أنصار الله) فقط، بل يعمل من أجل استعادة مؤسسات الدولة لدورها وفي مقدمتها مكافحة الإرهاب الذي يهدد اليمن والمنطقة برمتها".
وجود غامض
وبدوره، قال السفير عبد الوهاب طواف في تصريح للمشارق إن العملية "هي رسالة واضحة مفادها أن التحالف [العربي] والشرعية اليمنية هدفها الأول والأخير بسط الأمن والسلام والاستقرار في اليمن ومحاربة النتوءات والجماعات والتنظيمات والمشاريع الإرهابية".
وأضاف أن "هذه رسالة بأن المنطقة عامة واليمن خاصة لن تكون مستنقعات وبؤرا لتكاثر الجماعات الإرهابية".
وفي السياق نفسه، قال المحلل السياسي وضاح الجليل في حديث للمشارق، "المؤكد أن تنظيم داعش يخطط من فترة طويلة لاستغلال الفراغات الأمنية التي أحدثها [الانقلاب الحوثي] والحرب التالية له".
وأضاف "صحيح أن تنظيم داعش أعلن تبنيه الكثير من العمليات الإرهابية التي شهدتها البلاد منذ ما قبل عملية عاصفة الحزم وحتى الآن، إلا أن حقيقة وجود التنظيم بشكل كامل تبقى محل شك".
وأشار إلى أن تنظيم داعش أكد وجوده في اليمن من خلال بيانات تبنى فيها عمليات إرهابية حملت في بعض الأحيان بصمات تنظيم القاعدة.
ولفت إلى أنه في أحيان أخرى، تحمل أعمال داعش الإرهابية بصمة الخلايا التي أنشأها الحوثيون المدعومون من إيران وحلفاؤهم.
"وأوضح أن تنظيم القاعدة في اليمن على عداء معلن مع داعش، ومع أن الكثير من أتباع القاعدة أعلنوا ولاءهم لداعش، إلا أنه لم تظهر إلى العلن أية علامات على وجود كامل لداعش في اليمن".
وتابع أن "ذلك يعني أنه وطوال الأعوام الفائتة، كان التنظيم قيد البناء والاستعداد للإعلان عن تواجده، غير أن عملية ضبط قائده التي أعلنها التحالف تنسف الكثير من جهوده وتضربها ضربة قاسية".
دعم محدود لداعش
وذكر الجليل أن وجود داعش في اليمن لا يشبه وجودها في سوريا والعراق.
وقال "ليس من السهل أو من الممكن على تنظيم داعش التواجد في اليمن كما كان في العراق وسوريا. برغم ما توفر في السابق من فراغات أمنية [في اليمن]، فالبيئة المجتمعية لا تتناسب مع طبيعة تواجد داعش".
وأضاف الجليل أن "داعش تواجدت في اليمن لأنها تسيطر على بعض المناطق وحاولت إقامة دولتها المزعومة بسلطة تمارس القهر والجبروت على السكان المحليين دون أن ترتبط بهم بأية علاقات من أي نوع بعكس تنظيم القاعدة".
وتابع "أما تنظيم القاعدة في اليمن، فكان يسيطر على العديد من المناطق بإقامة علاقات وطيدة مع السكان وشيوخ القبائل".
وقال إنه بما أن داعش لا تملك موطئ قدم ثابت لها في اليمن، فستكون عمليات قوات التحالف العربي والقوات اليمنية الهادفة إلى القضاء على التنظيم "أكثر سهولة ومباشرة مما حدث مع تنظيم داعش في العراق".
تعاون أمني وطيد
وفي هذا الإطار، قال المحلل السياسي عدنان الحميري للمشارق إن عملية القبض على المهاجر توضح مدى قوة العمل الاستخباري والتعاون الوطيد بين أجهزة الأمن السعودي واليمني.
وأضاف أن "الإعلان عن العملية لم يأت إلا بعد فحص البيانات والمعلومات التي تم العثور عليها. وسمح لوسائل الإعلام بتناول الخبر على أوسع نطاق بعد حوالي 23 يوما من العملية التي تعتبر ناجحة بكل المقاييس".
وتابع أن "إلقاء القبض على أمير داعش لا يعتبر نهاية التنظيم، ولكن ذلك يعني بداية لإضعافه"، مشيرا إلى أن الفرع اليمني لداعش لم يكن معروفا جدا "وكانت المعلومات حول قياداته محدودة جدا".
وذكر أنه "في هذه الأثناء، سيساعد ضبط الكمبيوترات وأجهزة الاتصالات واعتقال عدد من القيادات مع أمير تنظيم داعش، في الكشف عن أعضاء التنظيم الآخرين وعناصره واتصالاته وخططه وتحركاته".
وأكد أن "هذه المعلومات كانت مجهولة سابقا وهو الأمر الذي سيضعف داعش ويجعلها في مرمى الأجهزة الأمنية".