قال مسؤولون يمنيون ومسؤولون من الأمم المتحدةإن تلاعب ميليشيا الحوثي (أنصار الله) المدعومة من إيران بعملية توزيع المساعدات الغذائية، يزيد من معاناة المواطنين اليمنيين ويزيد من احتمال إيقاف توزيع المساعدات الدولية.
وقد أعلن برنامج الغذاء العالمي يوم الخميس، 20 حزيران/يونيو، "التعليق الجزئي" للمساعدات المرسلة إلى العاصمة اليمنية صنعاء.
وذكرت الوكالة الأممية في بيان أن هذا القرار سيطال في البداية مدينة صنعاء فقط، أي 850 ألف شخص، غير أن برامج التغذية سنبقى سارية المفعول بالنسبة للأطفال والنساء الحوامل والأمهات المرضعات الذين يعانون من سوء التغذية.
وجاء في البيان أن القرار سيطال في نهاية المطاف كل المناطق اليمنية "الخاضعة لسيطرة السلطات التي مقرها صنعاء".
يُذكر أن الحوثيين يتلاعبون بعملية توزيع المساعدات الغذائية بصورة مباشرة عبر بيعها في السوق السوداء، وبصورة غير مباشرة عبر تحويلها لجهودهم القتالية فيوزعونها على مؤيديهم عوضا عن توفيرها لمن هم بحاجة إليها.
وقال برنامج الغذاء العالمي إن القرار اتُخذ بعد توقف المفاوضات بشأن اتفاق كان يهدف إلى "وضع ضوابط لمنع تحويل المساعدات الغذائية عن أكثر من هم بحاجة إليها في اليمن"، مضيفا أن "بعض الأفراد يسعون إلى تحقيق ربح عبر الاحتيال على الضعفاء".
وأشارت الوكالة إلى أن "برنامج الغذاء العالمي يسعى للحصول على دعم سلطات صنعاء لإطلاق نظام تسجيل بيومتري يمنع عمليات تحويل المساعدات ويحمي العائلات اليمنية التي نخدمها، فنضمن وصول الغذاء إلى من هم بأمس الحاجة إليه".
وكشف برنامج الغذاء العالمي في كانون الأول/ديسمبر الماضي عن أدلة تشير إلى عمليات نفذت لتحويل المساعدات الغذائية.
وكان المدير التنفيذي في برنامج الغذاء العالمي ديفيد بيسلي قد ذكر في بيان نشر في 31 كانون الأول/ديسمبر 2018، أن "هذا التصرف هو بمثابة انتزاع الغذاء من أفواه الجوعى. هذا أمر مثير للغضب، لا سيما في هذا الوقت الذي يموت فيه الأطفال في اليمن بسبب نقص المواد الغذائية. يحب أن يتوقف هذا السلوك الإجرامي على الفور".
تبادل الاتهامات
وبالرغم من الصور الفوتوغرافية والأدلة الأخرى التي تشير إلى قيام شاحنات بإخراج المساعدات الغذائية بصورة غير شرعية من مراكز توزيع المساعدات، رفض الحوثيون اتهامات برنامج الغذاء العالمي.
وقالت ما يسمى بالهيئة الوطنية للشؤون الإنسانية والإغاثية التابعة للحوثيين في 18 حزيران/يونيو إن الاتهامات تأتي ضمن محاولة برنامج الغذاء العالمي الرامية إلى التهرب من التزاماته الإنسانية بعد أن تم فضح فساده المالي واستيراده للمواد الغذائية منتهية الصلاحية.
وردا على هذه الاتهامات، أصدر البرنامج في 19 حزيران/يونيو بيانا قال فيه إن "البرنامج يعمل عن كثب من أجل ضمان تلبية كافة المواد الغذائية التي يتم تسليمها للمحتاجين وفقا للمعايير العليا للسلامة، ويبذل جهودا حثيثة من أجل توفير المساعدات شهريا لأكثر من 10 ملايين شخص تهددهم المجاعة بسبب الصراع".
وكان البرنامج قد اتهم الحوثيين العام الماضي بالتورط في 30 حالة سرقة للمساعدات.
نهب وبيع للمساعدات في السوق السوداء
وفي هذا الإطار، قال نبيل عبدالحفيظ وكيل وزارة حقوق الإنسان إن "عبث الحوثيين بالمساعدات ووقف البرنامج توزيع المساعدات مؤقتا في مناطق سيطرة الحوثيين سيؤدي إلى خسارة اليمن وشعبه لهذه المساعدات ولمبالغ كبيرة خصصتها وكالات الإغاثة لليمنيين".
"وأضاف أن "تردي الوضع الإغاثي إلى هذا المستوى جاء بسبب تماهي الحوثيين بعبثهم"، ويشمل ذلك "نهب المساعدات وبيعها في السوق السوداء، كما إرسالها للجبهات".
وأشار عبدالحفيظ في حديث للمشارق إلى أن الوسائل التي يستخدمها الحوثيون للسيطرة على المساعدات تشمل الضغط على موظفي المنظمات الإغاثية المحلية وإنشاء منظمات مجتمع مدني جديدة تتولى توزيع المساعدات الغذائية ولعب دور الوسيط. وقام الحوثيون أيضا بإغلاق كل المنظمات التي لا تتبعهم.
وناشد عبدالحفيظ برنامج الغذاء العالمي بوضع آليات توزيع جديدة، مقترحا "استخدام الـ 22 ممرا إنسانيا التي أقامتها الحكومة الشرعية لإيصال المساعدات".
استغلال المعاناة الإنسانية
ومن جانبه، قال الناشط في حقوق الإنسان موسى النمراني في تصريح للمشارق "يعاني أكثر من نصف سكان اليمن من وضع اقتصادي حرج ويحتاجون لمساعدات عاجلة، بينما تعمل ميليشيا الحوثي على تسخير المساعدات الأممية لصالح مشروع حشد وتجنيد المقاتلين".
وأضاف أن "أكثر من مسؤول أممي تحدث مؤخرا عن سياسات ميليشيا الحوثي، لا سيما تلك المتعلقة بإعادة توجيه المساعدات والتحكم في توزيعها".
وقال "تسبب الحوثيون لليمنيين بأكبر كارثة إنسانية يعيشها الشعب منذ أربعينيات القرن الماضي، ومع ذلك فهم مستمرون في استثمار هذه الكارثة وآثارها لصالحهم. وفي نظري، لا يمكن احتمال هذا المستوى من اللؤم".
وبدوره، قال الخبير الاقتصادي عبد العزيز ثابت إن "الحوثيين يتاجرون بهذه المساعدات بشكل أكبر من عملية توزيعها في الجبهات، وهم يستغلون المأساة الإنسانية في اليمن من أجل جذب عدد أكبر من المساعدات الإنسانية".
وتابع في حديث للمشارق أنهم "أجبروا النازحين في مناطق الحرب على النزوح للمحافظات التي تقع تحت سيطرتهم من أجل التحكم في توزيع المساعدات المقدمة لهم".
واستنكر ثابت عملية استغلال الحوثيين للمعاناة الإنسانية التي تسببوا بها "وأيضا زيادة أرباحهم عن طريق بيع [المساعدات] في السوق السوداء لتجار تابعين لهم".