أثار هجوم "الذئاب المنفردة" الذي وقع مؤخرا في مدينة طرابلس شمالي لبنان جدلا واسعا بشأن الأحكام التي صدرت بحق المقاتلين الذين أدينوا نتيجة التحاقهم بجماعات متطرفة مثل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
وطالب كثيرون بإصدار أحكام أكثر قساوة بحق الإرهابيين المدانين وتكثيف تعقب المعتقلين السابقين بتهم الإرهاب.
ودعا آخرون إلى إصلاح نظام السجون في لبنان وإعادة تأهيل السجناء لتجنب وقوعهم في قبضة الفكر المتطرف الذي زُعم أنه ينتشر في عدد من السجون اللبنانية.
وليلة عيد الفطر في 3 حزيران/يونيو، قام عنصر سابق من تنظيم داعش كان قد حارب في سوريا سابقا، بإطلاق وابل من الرصاص أدى إلى مقتل عنصرين من الجيش وعنصرين آخرين من قوى الأمن الداخلي.
وكان عبد الرحمن مبسوط قد غادر لبنان متوجها إلى تركيا في العام 2015، في محاولة منه للالتحاق بصفوف داعش والبقاء هناك طوال شهر، إلا أنه لم يتمكن من عبور الحدود نحو المناطق الخاضعة للتنظيم.
واستطاع في وقت لاحق السفر إلى إدلب والانضمام إلى داعش. وعاد مبسوط بعد عدة أشهر إلى لبنان حيث اعتقل في 2016.
وأحيل إلى المحكمة العسكرية التي أصدرت بحقه حكما بالسجن لمدة سنة ونصف، غير أنه أطلق سراحه قبل انتهاء فترة سجنه في العام 2017.
نظام المحكمة العسكرية
وفي لبنان، تعد الجرائم المرتبطة بالإرهاب ضمن صلاحية المحكمة العسكرية.
وقال رئيس المحكمة العسكرية السابق العميد المتقاعد خليل إبراهيم إن "المحكمة العسكرية تنظر في الحكم على المرتبطين بالإرهاب كل حالة حسب ظروفها".
وأضاف في حديث للمشارق أن "الحكم يأتي مشددا على من ارتكب أعمالا ضد الدولة اللبنانية وألحق أضرارا بمؤسساتها".
وتابع في حديث للمشارق أن العقوبات تطال أيضا المنتمين إلى تنظيمات يحظرها القانون اللبناني مثل داعش.
ولكن ذكر أن المحكمة العسكرية تأخذ في الاعتبار خلال المحاكمة توبة من سافروا إلى خارج لبنان للقتال ضمن التنظيمات الإرهابية وعادوا في وقت لاحق إلى ديارهم.
وأضاف خليل "أما الأشخاص الذين انغمسوا في الإرهاب بشكل تصاعدي وعادوا إلى لبنان، فهؤلاء أخضعوا للمحاكمة عند عودتهم وقسم كبير منهم يقبع في السجون".
وضع المتطرفين تحت المراقبة
من جهتها، قالت الباحثة غير المقيمة في مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط التابع للمجلس الأطلسي في واشنطن منى علامي للمشارق إن "لبنان يفتقد إلى برامج إعادة تأهيل الذين قاتلوا أو عملوا في خدمة التنظيمات الإرهابية في سوريا".
ولفتت علامي إلى وجود العديد من الأشخاص في لبنان الذين قبل اندلاع الأحداث السورية "سجنوا بسبب تهم خفيفة كتعاطفهم مع تنظيمات متشددة"، مضيفة أن هؤلاء وضعوا في السجون إلى جانب أشخاص متطرفين وخطرين بانتظار محاكمتهم.
واعتبرت أن الوضع الاقتصادي المذري للمناطق التي يقيم فيها هؤلاء الأشخاص، إلى جانب توسع نفوذ حزب الله مما يجعلهم يشعرون بالتهميش، "زاد من دفعهم للالتحاق بالتنظيمات الإرهابية في سوريا".
وقالت إن "عددا من هؤلاء الأشخاص أعلنوا صراحة أنهم إن لم يتمكنوا في قتال حزب الله في لبنان سيذهبون إلى سوريا لقتاله هناك".
وشددت على ضرورة وضع هؤلاء الأفراد حتى وإن لم يقاتلوا، إلى جانب عائلاتهم "تحت المتابعة من قبل الأجهزة الأمنية [اللبنانية]، وهو الأمر الذي لا يحصل مع قسم كبير منهم".
وبدوره، اعتبر نقيب المحامين السابق في لبنان أنطوان اقليموس في تصريح للمشارق أن تدخل السياسيين في القضاء يجعل الأحكام التي تصدر بحق الإرهابيين والمتورطين بأنشطة إرهابية، محط انتقاد.
وأشار إلى أن استقلالية القضاء "تؤمن الأحكام المطلوبة للمتورطين بالعمليات الإرهابية ولأولئك المرتبطين بالتنظيمات المتشددة.