قال خبراء بالشأن الإيراني للمشارق إن الحرس الثوري الإيراني كشف عن حجم الأزمة التي يواجهها من خلال قراره بالاستعانة بالميليشيات الأجنبية للمساعدة في قمع أي تحرك في المناطق المنكوبة بسبب الفيضانات والسيول.
وتصاعدت موجة الغضب في إيران تجاه طريقة استجابة الجمهورية الإسلامية للسيول الكارثية وإهمالها الواضح للبنية التحتية مما ضاعف حجم الأضرار.
وقد ساهم نشر الميليشيات التابعة للحرس الثوري والقادمة من بلدان مثل العراق ولبنان، في تنامي مناخ الاعتراض والاحتجاج بعد حدوث الفيضانات، علما أن هذه الأخيرة قد تسببت بنزوح آلاف الإيرانيين وبأضرار هائلة.
وشوهدت في مناطق الأهواز وخوزستان ولرستان فصائل من قوات الحشد الشعبي العراقي وحزب الله اللبناني ولواء فاطميون وهي ميليشيا مدعومة من الحرس الثوري ومؤلفة من مقاتلين أفغان.
وقال الباحث المتخصص بالشأن الإيراني في مركز الشرق للدراسات الإقليمية والاستراتيجية فتحي السيد، إن الأهواز شهدت تظاهرات شعبية ضد الحرس الثوري والحكومة.
وأكد للمشارق أن "هذه الجماعات تنتشر حول [هذه] المناطق وتطوقها لقمع أي تحرك شعبي".
وأضاف أنه من خلال الاستعانة بأذرعه الأجنبية للمساعدة في قمع المظاهرات، يسعى الحرس الثوري إلى إرسال رسالة للشعب الإيراني مفادها أن "القمع الشديد سيكون لمن يتمرد".
وذكر أنه بالنسبة للعالم الخارجي، يهدف نشر الميليشيات الأجنبية إلى إعادة التذكير بأن "الحرس بات يستطيع نقل قواته عبر الحدود في منطقة الشرق الأوسط، أو بمعنى آخر يستطيع مواجهة أي خطر بأي نقطة".
سرقة أموال المساعدات
يُذكر أن أحد أسباب الغضب الشعبي هو سرقة الحرس الثوري أموال الجهات المانحة المحلية والأجنبية التي قدمت أساسا كمساعدات غذائية.
وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي علي نريماني للمشارق، إن "الحرس الثوري الإيراني وضع يده على أموال المساعدات التي تمت جبايتها في الداخل الإيراني، وتلك المقدمة من بعض الدول الغربية والعربية والتي كان من المفترض أن تصل إلى المتضررين من السيول".
وأضاف "لكن وحتى الآن لم تسجل أي تقديمات مادية أو عينية للمتضررين"، لافتا إلى أنها على الأرجح أرسلت إلى الميليشيات الأجنبية التي "أتت على أساس أنها قوات لدعم وإغاثة المتضررين".
وأكد نريماني أن الفيضانات أحدثت نوعا من التضامن الاجتماعي بين الألاف من سكان المناطق المنكوبة الذين تحركوا وشكّلوا فرقا إغاثية للمساعدة في رفع الأضرار الناتجة عن السيول.
ولكن أوضح أن القوات التابعة للحرس الثوري قامت باعتقال 40 شخصا كانوا يتحركون بهذا الاتجاه، كما صادرت المعونات التي تم تجميعها لمساعدة المتضررين.
وتابع "في نفس الوقت ينتشر عناصر حزب الله (اللبناني) وحركة النجباء (العراقية) بشكل علني، رافعين أعلامهم بطريقة تعتبر مستفزة للمدنيين".
ولفت إلى أن هذه الميليشيات لم تقم بأي أعمال إغاثية، بل تمركزت في نقاط محددة تستطيع منها التحرك سريعا لمواجهة المحتجين.
الحرس الثوري يحمي مصالحه
ومع حدوث السيول، كانت الأولوية الواضحة للحرس الثوري في حماية استثماراته المربحة في المنطقة، ومنها الحقول النفطية ومزارع قصب السكر المملوكة لشركات يملكها الحرس.
وعلّق نريماني قائلا إن ذلك "زاد أيضا غضب المدنيين".
من جهته، اعتبر الباحث في الشأن الإيراني شيار تركو أن "استعانة الحرس الثوري بأذرعه الخارجية يعتبر إشارة خطرة جدا وهامة تتعلق بعدم الثقة بالقوات الأمنية المحلية في حال حدوث أي تظاهرات مناهضة للحكومة والحرس".
وأضاف تركو للمشارق أن "دخول هذه المجموعات المسلحة غير مرحب فيه حتى من المقربين لدوائر القرار"، خاصة بعد أن تبين أن هذه المجموعات دخلت بتنسيق من الحرس الثوري دون سواه.