تعمل الولايات المتحدة مع العراق على تفكيك ممنهج لشبكة عالمية ضخمة لتمويل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وذلك عبر التعاون الوثيق وتبادل المعلومات.
وفي هذا الإطار، شملت الجهود التي بذلت مؤخراً للقضاء على مجموعة أساسية في عملية تسهيل تمويل داعش من مقرها في العراق وهي مجموعة الراوي المالية، إلى إدراج وزارة الخزانة الأميركية في 15 نيسان/أبريل ستة أفراد ومؤسسة واحد ة مرتبطة بالشبكة على لائحة الإرهاب.
وفي بيان الإعلان عن الإدراجات الجديدة، وصفت وزارة الخزانة المستهدفين بأنهم "ركن أساس" للشبكة المالية لداعش.
ويقيم الأفراد الست بين العراق وتركيا وبلجيكا، وهم مشتاق طالب زغير الراوي، عمر طالب زغير الراوي، وليد طالب زغير الراوي، مهند مشتاق طالب زغير الراوي، عبد الرحمن علي حسين الأحمد الراوي، محمد عبد القادر متني عساف الراوي.
وكان تنظيم داعش قد عين اثنين منهم، عمر وعبد الرحمن علي، لإدارة ما يسمى"بمحافظة الفرات" بعد مقتل "وزير الخزانة" السابق للتنظيم في غارة جوية شنتها قوات التحالف في سوريا عام 2017.
وكان الرجلان إضافة إلى مشتاق المدرج أيضا على لائحة الإرهاب في 15 نيسان/أبريل، شركاء أعمال مع القتيل.
أما "وزير الخزانة" فواز محمد جبير الراوي، فكان سوري الجنسية ويعمل كمسهل مالي، وقد نقل ملايين الدولارات إلى داعش حتى مقتله عام 2017 بغارة جوية للتحالف الدولي عام 2017 على بلدة البو كمال السورية.
وكانت وزارة الخارجية قد أدرجته سابقا على لائحة الإرهاب.
وأدرج أيضا على لائحة الإرهاب في 15 نيسان/أبريل الماضي، شركة خدمات مالية تدعى "الأرض الجديدة" ولها مقرات في العراق وتركيا وسوريا. وكانت الشركة تنشط بتجهيز مقاتلي داعش وأسرهم بالأموال عبر تيسير انتقال حوالات بين فروعها.
وبحسب وزارة الخزانة، تم نقل مئات الآلاف من الدولارات بين فروع الشركة إلى قادة التنظيم في العراق.
وأدرجت ايضا امرأة تدعى حليمة عدنان علي قبضت عليها السلطات الكينية في تموز/يوليو الماضي، وكانت تعمل على تمويل عناصر داعش عبر توفير تسهيلات مالية تغطي بلدان الشرق الأوسط وأوروبا والأميركتين وشرق إفريقيا.
جهود لاستهداف الشبكة
وفي حديث لديارنا، قال الخبير المختص بالاستخبارات فاضل أبو رغيف، إن "قسما من أعضاء شبكة الراوي وقعوا في قبضة العدالة إثر عمليات خاصة لخلية الصقور الاستخبارية وجهاز المخابرات العراقي والأمن تمت بمساعدة الولايات المتحدة".
وأضاف لديارنا أنه في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، داهمت السلطات مقرات شبكة الراوي في أربيل وبغداد واعتقلت عشرة ممولين على صلة بمجموعة الراوي، علما أن بعض أعضائها لا يزالون متوارين عن الأنظار في سوريا وتركيا وأوروبا.
وأشار إلى أن شبكة التمويل "معقدة وكبيرة"، وتعتبر وزارة مال داعش.
وأوضخ أنها "تمتلك مكاتب صرافة وخدمات مالية في العراق ودول كثيرة وشركات للتجارة العامة وشركات قابضة ومؤسسات استثمارية مختلفة".
وكشف أن هذه الأخيرة تضم "متاجر للذهب والسيارات".
وتابع أن "الإيرادات الناجمة من عمليات تبييض الأموال كان يجري نقلها وتداولها عبر الوسائط المصرفية حول العالم وتسليهما [في نهاية المطاف] إلى عناصر داعش".
وأكد أن "الحكومة العراقية جمدت عبر المصرف المركزي العراقي كل الودائع والأصول الاقتصادية لأعضاء الشبكة النشطين في البلاد، وتحفظت على ممتلكاتهم وأموالهم المنقولة وغير المنقولة".
وأردف أنها "حظرت كل التعاملات المالية والتجارية والمصرفية مع الشركات والمكاتب المرتبطة بالشبكة" استنادا للأنظمة والقواعد الوطنية والدولية المعمول بها لمكافحة أنشطة دعم الإرهاب وغسيل الأموال.
تجفيف مصادر الإيرادات
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة المستنصرية عصام الفيلي لديارنا، إن كشف مجموعة تمويل داعش يعتبر خطوة أساسية في مكافحة الإرهاب.
وقال إن هدف المجموعة الدولية المعنية بمكافحة تمويل تنظيم داعش التي تقودها الولايات المتحدة، هو القضاء على أعمال الإرهاب عبر تجفيف مصادر تمويله.
وكانت المجموعة قد عقدت اجتماعا في العاصمة البحرينية المنامة يوم 14 نيسان/أبريل الماضي، وناقشت توثيق التعاون الدولي لوقف تدفق الأموال للتنظيمات الإرهابية.
وأضاف الفيلي أن "الولايات المتحدة تعمل بنشاط غير محدود واستراتيجي في تجفيف منابع دعم الإرهاب".
وتابع أنها "تتحرك على أكثر من جهة لتتبع [حركة] الأموال عبر البنوك والمصارف ومراقبة النشاطات المشبوهة والمموهة بأعمال تجارية واقتصادية أو تبرعات خيرية".
وأكد الفيلي "على التنسيق الأمني والاستخباراتي الوثيق بين الحكومتين العراقية والأميركية ودول أخرى من التحالف، لجهة تبادل المعلومات وكشف ممولي الإرهاب".
وشدد أن "تنظيم داعش جنى ثروات بملايين الدولارات أثناء فترة اجتياحه للعراق وسوريا من خلال وضع اليد على خزائن مصرفية وأبار نفط وأموال ضرائب". وأردف إن "تلك الموارد جرى استنزافها بهجمات تتابعية لطيران التحالف الدولي والقوات العراقية".
وختم قائلا إنه "لابد اليوم من تكثيف التنسيق بين جميع الدول للإطاحة بكل ممولي الإرهاب العالميين، لأن خطرهم لا يستثني دولة دون أخرى".