استعدت مدينة مكة المكرمة للترحيب بالزعماء العرب والمسلمين يوم الخميس، 30 أيار/مايو، لحضور ثلاث قمم إسلامية وعربية وخليجية فيما تسعى المملكة العربية السعودية لحشد الدعم ضد إيران بسبب الهجمات على منشآت نفطية.
ومن المقرر أن تبدأ يوم الخميس قمتا الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي الطارئتان اللتان دعت إليهما السعودية، وذلك قبل يوم من قمة منظمة التعاون الإسلامي المقررة سلفًا منذ فترة طويلة.
وقد دعت الرياض للمباحثات لمناقشة المواجهة مع إيران وسبل عزل طهران وسط مخاوف من اندلاع مواجهة عسكرية.
وزينت لافتات ضخمة ورايات شوارع مكة للترحيب بالزعماء الذين من المتوقع أن يضموا الشيخ عبدالله بن ناصر آل ثاني رئيس وزراء قطر الذي من المقرر أن يحضر الاجتماعات الثلاثة.
وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية القطرية لولاة الخاطر "إن دولة قطر التي لم تغب يومًا عن المشاركة الفعالة والإيجابية عربيًا وإسلاميًا ودوليًا تغلّب مرة أخرى المصلحة العليا للمنطقة".
وتتزامن القمم مع آخر أيام شهر رمضان المبارك حين تعج مكة بمئات الآلاف من الحجاج.
وتعقد هذه القمم في منتصف الليل بعدما يتناول المسلمون الفطور بعد صيام اليوم ومن ثم يذهبون للصلاة لعدة ساعات في صلاة خاصة تعرف باسم صلاة التراويح.
ويمكن أن تمثل هذه الحشود الغفيرة صداعًا لوجستيًا للمنظمين الذين أغلقوا ستة طرق رئيسية لاستخدامها من قبل الزعماء وأخطروا الحجاج باستخدام شوارع بديلة.
وفي عشية المباحثات، انتقدت المملكة بشدة ما أسمته "التدخل" الإيراني في المنطقة وطالبت "بالحزم" حيال الهجمات التي استهدفت ناقلات نفط في الخليج وخطوط أنابيب.
رسالة إلى إيران
وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك سعود الدكتور صالح الخثلان في حديث للمشارق إن القمم الثلاث جاءت في وقت حساس جدًا وتهدف لتوجيه رسالة جادة للحرس الثوري الإيراني لوقف تهديداته.
وأضاف أن "القمة الخليجية الطارئة تهدف لتوجيه رسالة واضحة للحرس الثوري الإيراني لوقف مشروعه التوسعي والتخريبي في المنطقة، خصوصًا بعد التعديات الأخيرة التي حصلت في المملكة ودولة الإمارات".
وكانت عدة ناقلات في الخليج قد استهدفت في ظروف غامضة في الأسابيع الأخيرة، فيما تعرض خط أنابيب سعودي للنفط لهجمات من طيارة مسيرة نسقها الحوثيون (أنصار الله) في اليمن المدعومون إيرانيًا.
وأشار الخثلان إلى أن المملكة وباقي دول الخليج حريصة على ألا تصل الأمور إلى نقطة اللاعودة، مشيرا إلى أن الجهوزية العسكرية تعتبر في قمتها.
كما أرسلت الولايات المتحدةمجموعة حاملة طائرات وقوة مهام قاذفة و1500 جندي إضافي إلى المنطقة.
وذكر الخثلان أن القوات الأميركية مستعدة "للتدخل الفوري في حال تصاعد الوضع عسكريًا"، وذلك التزاما من الولايات المتحدة للحفاظ على أمن المنطقة وحماية حلفائها.
كما أشار إلى الالتزام الأميركي بالاتفاقات العسكرية والأمنية الثنائية التي وقعتها الولايات المتحدة مع بعض دول المنطقة.
’موقف قوي‘ ضد الحرس الثوري
وتابع الخثلان أن "القمم ليست خليجية فقط، بل هي خليجية وعربية وإسلامية وذلك للتأكيد على خطورة التهديدات الإيرانية خاصة فيما يتعلق بمضيق هرمز".
ويفصل مضيق هرمز إيران عن عمان ويربط الخليج بخليج عمان وبحر العرب.
والمضيق هو المنفذ النفطي الوحيد لبعض البلدان مثل الكويت، كما أن إغلاقه سيشكل انعكاسات خطيرة على العالم بأسره نظرًا لأن ثلث صادرات النفط البحرية العالمية تمر من خلاله.
هذا توقع الخثلان أن تتخذ الدول العربية والإسلامية موقفًا متشددًا تجاه الحرس الثوري والأذرع الخارجية التابعة له في القمم في مكة، وأن تصدر مطالبات جدية له لوقف تعدياته وتهديداته المتكررة.
وأوضح أن هذا يتضمن الهجمات التي يشنها الحوثيون، مشيرًا إلى أن "الحوثيين لا يتحركون إلا بأوامر مباشرة من الحرس الثوري حتى لو نفوا ذلك باستمرار".
ونوه إلى أن المملكة ستطالب بتعزيز المبادرة التي طرحتها خلال القمة العربية 29 التي عقدت في نيسان/أبريل 2018 بالظهران.
هذا وتؤكد وثيقة الأمن القومي العربي التي صدرت في نهاية قمة الظهران على التزام المشاركين بتعزيز التضامن بين البلاد العربية وتحقيق الأمن والاستقرار لشعوبها.
وأكد الخثلان أن المملكة حريصة على الحفاظ على وحدة المنطقة والتي عبرت عنها بدعوة جميع الدول إلى القمة دون استثناء حتى دولة قطر رغم التوترات المتواصلة.
وقال إنه يتوقع أن تخرج القمة بدعوة إلى تعزيز العمل الدبلوماسي العربي والخليجي لمواجهة التهديدات الصادرة من الحرس الثوري للخروج من شبح الحرب وتأمين أمن المنطقة والملاحة البحرية.